ذكاء اصطناعي

في سابقة عالمية… الأطباء يزرعون كبد خنزير داخل إنسان لأول مرة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نجح جراحون في الصين في زراعة كبد خنزير معدّل وراثياً في جسم إنسان.

استطاع الكبد المزروع أداء وظائفه الحيوية لأكثر من خمسة أشهر.

قد يساهم الإنجاز في حل أزمة نقص المتبرعين بالأعضاء البشرية.

تُعد هذه الخطوة بارقة أمل في استخدام تقنية الزراعة بين الأحياء المختلفة.

في إنجاز طبي غير مسبوق، نجح فريق من الجراحين في الصين في زراعة جزء من كبد خنزير مُعدَّل وراثياً داخل جسم إنسان، في تجربة تُعد الأولى من نوعها على مستوى العالم. الدراسة التي نشرتها مجلة **Journal of Hepatology** أوضحت أن الكبد المزروع استطاع أداء وظائف حيوية أساسية لمدة تجاوزت خمسة أشهر، ما يمنح العلماء بصيص أمل لحلّ أزمة النقص الحاد في الأعضاء البشرية القابلة للزراعة.

هذا التقدم اللافت يأتي في وقت تشير فيه إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة آلاف المرضى سنويًا بسبب نقص المتبرعين بالأعضاء. ففي الصين وحدها، يُصاب مئات الآلاف بفشل كبدي كل عام، بينما لم تُجرَ سوى نحو ستة آلاف عملية زراعة كبد في عام 2022، ما يجعل هذه التجربة خطوة قد تُقرّب بين العرض والطلب في مجال زراعة الأعضاء.

وهنا تبرز قصة المريض الذي شكّل محور هذا الإنجاز.


تجربة استثنائية ومريض فريد

المريض، وهو رجل يبلغ 71 عاماً كان يعاني من تشمع الكبد الناتج عن التهاب الكبد الفيروسي B، إضافة إلى إصابته بسرطان كبدي أولي. وبسبب حالته الصحية المعقدة، لم يكن مؤهلاً لتلقي كبد بشري. قام الأطباء بزرع جزء من كبد خنزير من سلالة “ديانان” الصغيرة تم تعديلها وراثياً بعشر تعديلات جينية دقيقة، شملت حذف بعض الجينات المسببة لرفض الأنسجة وإضافة جينات بشرية لتحسين التوافق المناعي والتجلطي.

في الأسابيع الأولى بعد العملية، أظهر الكبد المزروع أداءً مذهلاً، إذ بدأ في إفراز العصارة الصفراوية وتصنيع عوامل التخثر دون علامات لرفض حاد. لكن بعد 38 يوماً، ظهرت مضاعفات تُعرف باسم “الاعتلال المجهري الخثاري المرتبط بالزرع”، ما دفع الأطباء إلى إزالة الجزء المزروع واستخدام أدوية متخصصة للسيطرة على الحالة.

وهذا يربط بين نجاح التجربة المؤقتة والتحديات الطبية المستمرة التي تواجه علم زرع الأعضاء الحيوانية في الإنسان.


خطوة علمية بمثابة ضوء في نهاية النفق

بعد السيطرة على المضاعفات، عاش المريض لعدة أشهر قبل وفاته بعد 171 يوماً من العملية. ورغم النتيجة النهائية، أكّد البروفيسور **بيتشينغ سون**، رئيس مستشفى جامعة آنهوي الطبية في الصين، أن الدراسة تثبت “إمكانية بقاء كبد خنزير معدّل يؤدي وظائفه داخل جسم إنسان لفترة ممتدة”، مشيراً إلى أن التحدي القادم هو التحكم في اضطرابات التخثر والمضاعفات المناعية المستمرة.

من جهة أخرى، وصف الدكتور **هاينر فيدماير**، أحد محرري المجلة، هذا الحدث بأنه “علامة فارقة في طب الكبد”، موضحاً أن العملية تمهّد الطريق نحو حقبة جديدة في **زراعة الأعضاء بين الأنواع** أو ما يُعرف بـ **الزراعة بين الأحياء المختلفة (Xenotransplantation)**، وهو مجال قد يمنح الأمل لمرضى فشل الكبد الحاد وسرطان الكبد الذين لا يجدون متبرعين مناسبين.

وبهذا يتضح أن العالم على أعتاب ثورة طبية قد تغيّر مستقبل علاج أمراض الكبد وأزمة التبرع بالأعضاء في آن واحد.


أفق جديد أمام الطب التجديدي

يرى الخبراء أن القدرة على استخدام **الخنازير المعدّلة وراثياً** كمصدر ثابت للأعضاء البشرية قد تحول مشهد الطب الحديث كلياً. فمع كل تجربة ناجحة، تزداد المعرفة حول كيفية ضبط الجهاز المناعي البشري ومنع الرفض الخلوي. لكنهم يؤكدون أن الطريق لا يزال طويلاً، إذ تتطلب هذه التقنية معالجة القضايا الأخلاقية والبيولوجية بدقة عالية قبل نقلها للاستخدام الإكلينيكي الواسع.

وهذا يربط بين البحث العلمي والمساءلة الأخلاقية التي ستكون أساس نجاح هذا المجال في المستقبل.

ذو صلة

خلاصة المشهد

تجربة زراعة جزء من كبد خنزير في إنسان ليست سوى بداية مرحلة جديدة من البحث الطبي. وبين الأمل في إنقاذ الأرواح والخطر الكامن في المضاعفات، يبقى هذا الإنجاز شاهداً على قدرة العلم على تجاوز الحدود المفروضة، ويفتح صفحة جديدة في تاريخ **طب الكبد** و**زراعة الأعضاء** حول العالم.

ذو صلة