كشف مذهل: رصد نافورات ثقوب سوداء تسطع بقوة تعادل عشرة تريليونات شمس!

3 د
رصد علماء الفلك ظاهرة ثقوب سوداء براقة بقوة تعادل عشرة تريليونات شمس.
تقع الثقوب السوداء المكتشفة على بعد 11.
6 مليار سنة ضوئية وتبتلع المواد بشراهة.
تُطلق الكوازارات التابعة لهذه الثقوب نافورات إشعاعية تمتد 300 ألف سنة ضوئية.
تصطدم الإلكترونات السريعة بالإشعاع الخلفي الكوني مما يسهل رصد هذه النافورات.
تُضاف هذه الاكتشافات لفهم دور الثقوب في تكوين المجرات وتأثيرها الكوني الكبير.
تخيّل أنك تشاهد عرضًا كونيًا شهدته سماء الكون قبل مليارات السنين؛ عرض مذهل إلى درجة أن بريقه لا يزال يتوهج إلى يومنا الحالي. مؤخرًا، رصد علماء الفلك ظاهرة مدهشة من الطاقة الفائقة، ناجمة عن ثقوب سوداء، وهي تتوهج وسط بقايا الإشعاع القادم من الانفجار العظيم نفسه.
يتعلق الاكتشاف بثقبين أسودين هائلين على مسافة تقارب 11.6 مليار سنة ضوئية. هذه الثقوب السوداء ليست أجسامًا خاملة، بل ثقوب مفترسة تلتهم المواد من حولها بشراهة شديدة. نتيجة لهذه العملية، تشكّلت ظاهرة ما يُعرف بـ"الكوازار"، وهي عبارة عن جرم سماوي شديد السطوع والطاقة ينبعث منه إشعاع هائل في أرجاء الكون.
نافورات عملاقة تندفع بسرعة الضوء تقريبًا
تطلق هذه الكوازارات نافورات هائلة من الإشعاعات تمتد لـ300 ألف سنة ضوئية—وهي مسافة تعادل ثلاثة أضعاف قطر مجرتنا درب التبانة بالكامل! لكنّ المثير حقًا هو وجود إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو ضوء خافت جدًا من بقايا الانفجار العظيم، يعمل مثل مصباح كوني يُسلط ضوءه على هذه النافورات ويزيد من توهجها. يحدث ذلك عندما تصطدم الإلكترونات التي تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء مع الفوتونات العتيقة لخلفية الكون الميكروية، وهو ما يُحدث إشعاعات سينية مكّنت العلماء من رصدها بواسطة تلسكوب تشاندرا الفضائي التابع لوكالة ناسا.
ما يجعل نافورات هذه الثقوب السوداء أمرًا استثنائيًا هو شدة توهجها الذي يمكن ملاحظته بوضوح على الرغم من المسافة الهائلة بيننا وبينها—مسافة اختزلت مليارات السنين الضوئية من تاريخ الكون.
هذا يربطنا بحقيقة أكثر إدهاشًا: الطاقة المهولة التي تبثها هذه النافورات. على سبيل المثال، النافورة الخارجة من كوازار يدعى "J1610+1811" تشع بطاقة مذهلة تعادل شدة عشرة تريليونات شمس! تخيل للحظة قوةً كهذه؛ طاقة تكاد تعادل نصف الطاقة الناتجة عن سقوط المواد باتجاه الثقب الأسود نفسه. ومن المذهل أيضًا أن سرعة حركة الجزيئات في هذه النافورة تصل بين 92% و98% من سرعة الضوء!
ولا تقل النافورة الأخرى في كوازار "J1405+0415" إثارةً للإعجاب. إذ قُدرت سرعتها بما يتراوح بين 95% إلى 99% من سرعة الضوء—سرعة تدفع الباحثين للتفكير بعمق عن دور الثقوب السوداء في تكوين المجرات وتأثيرها الكبير في تشكيل المشهد الكوني منذ مراحله المبكرة.
ويمكن تَصوُّر الثقوب السوداء بأنها ليست مجرد ظواهر تبتلع المادة بلا هوادة، بل أيضًا مهندسون كونيون يشكّلون ويعيدون تشكيل محيطهم بطرق مذهلة. إذ تساهم هذه النافورات في نقل كميات هائلة من الطاقة والمادة عبر مسافات خيالية، ما يسمح لنا اليوم بإلقاء نظرة ثاقبة على تاريخ الكون المبكر، وشكل وكيفية تطور المجرات على مدى مليارات السنوات.
هذه النتائج لا تمثل فقط دليلًا واضحًا على القوى الهائلة التي تسيطر بها الثقوب السوداء على محيطها، بل توفّر أيضًا ما يشبه "كبسولة زمن كونية" تتيح لنا فهم المزيد حول المراحل الأولى لتكوّن المجرات والكون بأكمله.
وفي ختام هذه الرحلة الشيّقة بين نجوم الكون، نكتشف أن الثقوب السوداء كانت تؤثر على مجراتها وتوجه طريقة تشكيلها في زمن أبكر وبطريقة أعنف مما كان يُعتقد سابقًا. هذا يدفعنا لمواصلة استكشاف أسرار الكون العظيم بفضول متجدد دائمًا. ربما يمكننا في المستقبل توضيح بعض المصطلحات مثل "كوازار" بشكل أبسط وأقرب للجمهور، أو ربط الموضوعات الكونية بتداعيات مباشرة على حياتنا لجذب المزيد من القرّاء. ومع ذلك، يبقى رصد هذه الظواهر الكونية البعيدة مصدر إلهام كبير يزيد فضولنا حول مكاننا في هذا الكون الشاسع.