ذكاء اصطناعي

كيف ستغير “قطة شرودنجر” مستقبل الحوسبة الكمومية للأبد!؟ وربما مستقبل التقنية

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

تمر الحوسبة الكمومية بمرحلة انتقالية من الفكرة النظرية إلى التطبيق العملي.

تعتمد الحوسبة الكمومية على "الكيوبت" الذي يمكنه معالجة مشاكل معقدة بسرعة فائقة.

تواجه التقنية تحديات بسبب حساسية "الكيوبت" للأخطاء في ظل الظروف المختلفة.

يتطلب نشر الحوسبة الكمومية جهودًا لزيادة الوعي العام والتعليم حولها.

العام الدولي لعلوم الكم يعزز الفهم المجتمعي لمستقبل هذه التكنولوجيا.

تخيل قطة محبوسة داخل صندوق، في وضع فريد وغريب تعتبر فيه حية وميتة في ذات الوقت؛ قد تبدو هذه الفكرة المجنونة جزءاً من فيلم خيال علمي، لكنها في الواقع تجربة ذهنية مشهورة وضعها الفيزيائي إرفين شرودنجر عام 1935 لتوضيح غرابة عالم ميكانيكا الكم. هذا العالم الغامض بدأ اليوم بالخروج من عالم الأفكار النظرية إلى التطبيق العملي، معلناً عن عصر جديد كلياً للتقنية. فهل يمكن لهذه القطة، التي تجسد مفارقة شهيرة، أن تمهد لثورة حقيقية تنقل عالمنا إلى المستقبل؟

عام 2025 تم تحديده من قِبل الأمم المتحدة ليكون "العام الدولي لعلوم وتكنولوجيا الكم"، وهذه المبادرة تعكس مدى التقدم الملحوظ لعلوم الحوسبة الكمومية في الواقع العملي. فلنتعرف معاً على هذا المصطلح: ماذا تعني الحوسبة الكمومية حقاً؟ ببساطة، تعتمد التقنية التقليدية على وحدات تعرف بالبتات (bits) تأخذ إما قيمة "واحد" أو "صفر". أما في الحوسبة الكمومية، نحن نتعامل بوحدة تسمى "كيوبت" (Qubit)، والتي، على غرار قطة شرودنجر، يمكن أن تكون في حالتين في الوقت ذاته. هذا السلوك الغريب يسمح لأجهزة الكمبيوتر الكمومية بمعالجة مسائل معقدة بسرعة هائلة، تفوق بكثير قدرات أجهزتنا الحالية.

هذا الربط بين مفارقات ميكانيكا الكم والحلول العملية يفتح لنا الباب واسعاً أمام تطبيقات قد تغير عالمنا للأبد. فمثلاً، يمكن أن تستثمر الحوسبة الكمومية في فك تشفير البيانات وحماية المعلومات أو اختراق الأنظمة الأمنية الحالية بسهولة لم نشهدها من قبل. كما أنها قد تُحدث تحولات جذرية في تطوير الأدوية وعلاج الأمراض؛ إذ تتمتع هذه الحواسيب بالقدرة على تحليل تركيبات المواد الكيميائية بسرعة مذهلة، الأمر الذي قد يُسرّع إنتاج علاجات جديدة لأمراض كانت مستعصية فيما مضى.

وهذا يجلبنا إلى تساؤل مهم: ما العقبات التي تواجه هذه التقنية الآن؟ رغم كل ذلك الوعد الزاهر، تواجه الحوسبة الكمومية تحديات كبيرة، منها حساسية وحداتها (الكيوبت) للظروف المحيطة، والتي تجعلها عرضة للأخطاء وتعقّد مرحلة التنفيذ العملي. إلى أن يتمكن العلماء من التعامل مع قضية الاستقرار هذه، ستبقى هذه التكنولوجيا الثورية محصورة في مراحل مبكرة من التجربة والتطوير. ومع ذلك، فإن الجهود الحالية للاستثمار والتطوير وإجراء المزيد من التجارب تشهد نشاطاً كبيراً على المستوى العالمي، ما يجعل الآمال كبيرة في تجاوز هذه العقبات.

ويأتي جانب آخر مهم وهو الوعي العام والتثقيف بشأن هذه التقنية. تتطلب الحوسبة الكمومية مفاهيم مختلفة تماماً عما اعتدنا عليه في التكنولوجيا التقليدية، لذلك يحتاج الأمر إلى بذل جهد كبير لنشر هذا الوعي وتعزيز المعرفة بهذا المجال بين مختلف شرائح المجتمع. بفضل المبادرات مثل "العام الدولي لعلوم وتكنولوجيا الكم"، يتم خلق فرص مهمة لتعزيز فهم الجمهور لهذا المجال الواعد.

ذو صلة

عندما نعود بالذاكرة إلى صندوق شرودنجر الذي بدأنا منه، نرى أن ما كان مجرد فكرة تجعل عقولنا تدور حيرة يمكن أن يغير مستقبلنا التقني، ويقدم لنا فرصاً لا حصر لها. فالتقنية الكمومية، بما تحمل من وعود وتحديات، تظهر اليوم أكثر وضوحاً وقرباً لغدنا من أي وقت مضى، لتكشف لنا بكل تأكيد أن طريق البحث العلمي هو الطريق نحو مستقبل أفضل.

أما على مستوى الكتابة، فإن انتقاء مفردات واضحة وتجنب التعقيد قدر الإمكان سيساعد بلا شك على تقريب هذه الموضوعات التقنية من الجمهور بشكل أفضل، كما أن إضافة أمثلة يومية بسيطة سيضفي على المقال لمسة من الحيوية والتجديد تبقي القارئ متفاعلاً حتى النهاية.

ذو صلة