كيف كان سيبدو وجه فصائل النياندرتال والدينيسوفان اليوم؟ نظرة علمية قد تغيّر تصوّرك عن التطور البشري

3 د
العلماء يصممون صورًا واقعية للنياندرتال والدينيسوفان باستخدام الذكاء الاصطناعي.
البحث يعتمد على حفريات وجينات قديمة ليكشف ملامحهم اليوم.
النياندرتال كان سيبدو قوياً جداً وذو حواجب بارزة.
الدينيسوفان كانوا سيملكون هيكل عظمي قوي وأنف واسع للتكيف مع البرد.
الدراسة تساهم في فهم تطور البشر وانقراض بعض الأنواع القديمة.
تخيّل أن تكون في طريقك إلى العمل صباحاً، فتصادف في الشارع إنساناً يشبهك إلى حد بعيد، لكنه يملك بعض الملامح الغريبة؛ حواجب بارزة، جبين عريض، وفك عريض قوي البنية. تبدو الصورة كأنها من فيلم خيالي، لكنها في الحقيقة قد تكون واقعاً لو لم تنقرض أنواع بشرية عاشت معنا في العصور القديمة مثل النياندرتال والدينيسوفان، وفقاً لتصور علمي جديد.
في تجربة مثيرة قام بها عدد من خبراء الجينات وعلماء الأنثروبولوجيا، تم الكشف عن الشكل المحتمل لهؤلاء البشر لو لم ينقرضوا قبل آلاف السنين. هذه الدراسة المثيرة اعتمدت على بيانات الحفريات والجينات القديمة التي تم استخراجها من بقايا متحجرة، ثم أضيفت بعض التعديلات اعتماداً على التطور الطبيعي لأنواع البشر على مر الزمن.
وجه مألوف: كيف صمم العلماء هذه الوجوه الغائبة؟
استخدم الخبراء تقنيات الذكاء الاصطناعي لخلق صور واقعية تحاكي شكل النياندرتال والدينيسوفان في زمننا الحالي لو أنهم استمروا في العيش والتزاوج مع الإنسان الحديث (الهوموسابينس). هذا الدمج ثم رسمه وفق معطيات تطورية وتاريخية دقيقة، ونتج عنه صورة عصرية متقنة لهؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعيشون قبل حوالي 40 إلى 300 ألف عام.
وبحسب الدراسة، فإن النياندرتال مثلاً كان سيبدو شبيهاً بنا بشكل كبير مع بعض الاختلافات الملحوظة مثل الجسم الأكثر قوة وتكوين عظام الوجه الأكثر قوة. أما الدينيسوفان — الذين عرفنا عنهم أقل بكثير مما عرفنا عن النياندرتال — فعلى الأرجح كان لديهم هيكل عظمي قوي وأطراف واسعة، ويعتقد كذلك أن لديهم أنفاً أكثر اتساعاً، ربما بسبب التكيف مع بيئات قاسية وباردة.
هذه الاكتشافات لا تروي فقط قصصاً عن شكل ملامح هؤلاء البشر القدماء، بل تساعد أيضاً على فهم كيفية تطور الأجناس البشرية عبر التاريخ، وتوضيح أسباب انقراض بعض الأنواع وبقاء أخرى. إحدى النظريات الشائعة حول انقراض النياندرتال تقترح أسباباً مثل تغير المناخ والصراعات مع الأنواع البشرية الأخرى، أو ربما حدوث أوبئة لم يستطيعوا مقاومتها.
كل هذه التكهنات تدفع العلماء اليوم لطرح أسئلة عميقة حول مصير البشرية نفسها، وحول ما الذي كان يمكن أن يحدث لو أن التاريخ اختار اتجاهاً آخر وسمح لأنواع بشرية أخرى بالاستمرار معنا حتى يومنا هذا.
وفي النهاية، لا يهدف العلماء فقط إلى إثارة الفضول لدى الجمهور بغرابة هذه الصور، بل لإلقاء الضوء على قيمة التنوع وكيفية التعامل مع مستقبل الإنسانية بناءً على تجارب الماضي. وبطريقة سلسة ومشوقة، يمكن للدراسة الحالية أن تكون بداية رائعة لمزيد من الأبحاث التي تربط بين العلوم البيولوجية والتقنيات الحديثة وتاريخنا البشري المدهش. ربما لو تمت إضافة تفاصيل أكثر حول العوامل البيئية التي أثرت على شكلهم بشكل أوضح، أو الربط بشكل إضافي بين تلك الأنواع القديمة وكيفية تأثير الحمض النووي الخاص بها علينا اليوم، لأصبحت الدراسة أكثر غنى وجنوناً وتشويقاً للقارئ المهتم بتطور البشر وتاريخهم المذهل.