لأول مرة: تلسكوب جيمس ويب يرصد جليدًا مائيًا خارج نظامنا الشمسي

3 د
أكد تلسكوب جيمس ويب وجود جليد مائي بلوري في قرص الحطام حول النجم HD 181327، ليكون أول دليل مباشر على وجود جليد مائي خارج نظامنا الشمسي.
تشير البيانات إلى أن الجليد يشكل ما يصل إلى 20% من المادة في المناطق الخارجية الباردة للقرص.
يدعم الاكتشاف نظرية أن الماء قد يُنقل إلى كواكب صخرية حديثة النشأة عبر مذنبات حاملة للجليد.
نُشرت الدراسة في مجلة Nature بتاريخ 14 مايو 2025، وقادتها باحثة من جامعة جونز هوبكنز بالتعاون مع معهد تلسكوب الفضاء.
في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلن فريق من علماء الفلك عن تأكيد وجود جليد مائي صلب في نظام كوكبي يقع خارج مجموعتنا الشمسية، وذلك بفضل القدرات المتقدمة لتلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا (JWST). هذا الاكتشاف يمثل أول دليل مباشر ومؤكد على وجود الماء على شكل جليد بلوري، وليس فقط على شكل بخار، في قرص حطامي يحيط بنجم شبيه بالشمس يُدعى HD 181327، ويبعد نحو 155 سنة ضوئية عن الأرض.
نهاية عقود من الافتراضات والنظريات
لطالما افترض علماء الفلك أن الماء المتجمد موجود في أنظمة نجمية أخرى، لكن الأدلة السابقة كانت غير مباشرة وتعتمد على مؤشرات غير حاسمة. إلا أن قدرات "ويب" غيرت المعادلة، إذ مكّن التلسكوب الباحثين من رصد جليد مائي بلوري مختلط بدقائق غبارية دقيقة في قرص الحطام المحيط بـ HD 181327، وهو نجم لا يتجاوز عمره 23 مليون سنة – أي أنه لا يزال في بدايات تطوره مقارنة بشمسنا البالغة 4.6 مليار سنة.
وصرّحت تشن شي، الباحثة المساعدة في جامعة جونز هوبكنز والمؤلفة الرئيسة للدراسة المنشورة في مجلة Nature في 14 مايو 2025، قائلة:
"تمكّنّا من رصد الجليد المائي البلوري بشكل لا لبس فيه، وهو النوع نفسه الذي نجده في حلقات زحل وأجسام حزام كويبر في نظامنا الشمسي"
مناطق "الثلج القذر" ومستقبل الكواكب الصخرية
أظهر التحليل الطيفي لتلسكوب "ويب" أن الجليد موجود بكميات متفاوتة في أجزاء مختلفة من قرص الحطام. ففي المناطق الخارجية الباردة، تصل نسبة الجليد المائي إلى 20%، بينما تقل إلى 8% في المناطق الوسطى، وتكاد تنعدم في الأقسام الداخلية القريبة من النجم. ويُرجّح العلماء أن الإشعاع فوق البنفسجي الشديد في تلك المناطق الداخلية يؤدي إلى تبخر الماء، كما أن الأجسام الصخرية الكبيرة قد تحتجز الجليد داخلها، مما يصعب رصده حتى بأحدث الأجهزة.
هذا الجليد يلعب دورًا بالغ الأهمية في مراحل تشكّل الكواكب، إذ يُعتقد أن الكواكب الصخرية الفتية قد تحصل على الماء – وربما اللبنات الأساسية للحياة – من خلال تصادمات مع مذنبات صغيرة تحمل الجليد في أطراف الأنظمة النجمية.
من الخيال العلمي إلى أدوات الرصد الواقعي
أكدت كريستين تشن، الباحثة المشاركة في الدراسة والتابعة لمعهد تلسكوب الفضاء (STScI)، أن هذا الاكتشاف تحقق بعد عقود من الانتظار: "قبل 25 عامًا، أخبرني أستاذي بوجود الجليد في أقراص الحطام، لكن لم نكن نملك حينها الأدوات اللازمة لرصده."
اليوم، أصبح تلسكوب جيمس ويب، بفضل أجهزته المتطورة مثل مطياف "نيرسبك" (NIRSpec)، قادرًا على التقاط أدق الآثار الطيفية للغبار والجليد في الفضاء، وهو ما لم تستطع التلسكوبات السابقة مثل "سبيتزر" تحقيقه.
بداية لحقبة استكشافية جديدة
تشير الدراسة إلى أن التصادمات المستمرة بين الأجسام الجليدية في قرص HD 181327 ستُنتج المزيد من الجسيمات الدقيقة التي ستمكّن العلماء من إجراء مزيد من الاكتشافات خلال السنوات القادمة. وربما تؤدي هذه الملاحظات إلى فهم أعمق لآلية تكوين الكواكب وتوزيع الماء – بل وربما الحياة – في مجرتنا.
تختم تشن شي حديثها بالقول:
"قد يتم في المستقبل نقل هذه المواد الجليدية إلى كواكب صخرية تتشكل على مدى مئات الملايين من السنين في أنظمة مشابهة"
ومع هذا التأكيد الحاسم على وجود الجليد المائي خارج النظام الشمسي، ينفتح أمام علماء الفلك فصل جديد في استكشاف ما إذا كانت الحياة كما نعرفها قد تكون موجودة، في أماكن أخرى من مجرة درب التبانة، ولم تكن سوى خارج نطاق أدواتنا القديمة.