ذكاء اصطناعي

لأول مرة في التاريخ… العلماء يصورون ثقبين أسودين داخل دوامة موت كونية!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تمكن العلماء من تصوير ثقبين أسودين عملاقين يدوران بنواة مجرة OJ 287.

تُعتبر OJ 287 من أندر الكوازارات، مع ثقبين عملاقين بمدار متداخل.

حلل العلماء بيانات قديمة كشفت عن نفاثتين مصدرهما الثقبين الأسودين.

تُظهِر النفاثة الأصغر حركة أسرع، تدعم نموذج "الخرطوم الملتف".

يستعد الفلكيون لرسم خريطة جديدة لمتابعة تغير النفاثتين عبر الزمن.

في إنجاز فلكي غير مسبوق، تمكن فريق من العلماء من التقاط صورة مباشرة تُظهر ثقبين أسودين عملاقين يدوران حول بعضهما في رقصة كونية محتدمة، داخل نواة مجرة تُعرف باسم **OJ 287** تبعد نحو 3.5 مليار سنة ضوئية عن الأرض. هذا الاكتشاف فتح نافذة جديدة على طبيعة **الثقوب السوداء** المترابطة وعلى كيفية تولّد **النفاثات الكونية** التي تبثها تلك الأجسام فائقة الكتلة.

تبدأ أهمية الصورة في كونها الأولى التي توثّق بوضوح انبعاث نفاثتين منفصلتين من الثقبين الأسودين في نظام ثنائي مؤكد. ويقول الفلكي الفنلندي “ماوري فالتونن” من جامعة توركو إن الصورة تظهر الثقوب السوداء بوصفها نقطة مظلمة لا تُرى بحد ذاتها، لكن يمكن تتبعها من خلال الجسيمات فائقة الطاقة أو الغازات المضيئة المحيطة بها — دليل مباشر على وجودها.

وهنا يبرز الرابط مع قضية أكبر تشغل علماء الفضاء منذ عقود: كيف تتشكل المجرات النشطة من نوع **الكوازارات**؟


الكوازار المختلف


تُعد OJ 287 واحدة من أندر الكوازارات في الكون. فهي لا تستمد لمعانها الهائل من ثقب أسود واحد كما هو المعتاد، بل من ثقبين عملاقين يدوران في مدار متداخل تبلغ مدته 12 عاماً. لاحظ الباحثون منذ الثمانينيات تغيراً دورياً في سطوع المجرة يوحي بوجود “رفيق ثقيل” يعبر قرص الغاز الساخن المحيط بالشريك الأكبر بين حين وآخر، منتجاً ومضات ضوئية متكررة يمكن رصدها من الأرض.

وهذا الاضطراب الدوري في الضوء كان المؤشر الأول على وجود **نظام ثنائي فائق الكتلة**، وهو ما حاولت الفرق البحثية إثباته عبر مراقبة متواصلة باستخدام **التلسكوبات الراديوية**.


كشف معالم النفاثتين


أعاد العلماء أخيراً تحليل بيانات قديمة التقطها مرصد الفضاء الروسي "راديوأسترون" عام 2014 بتقنية التداخل طويل القاعدة، وهي التقنية التي تتيح وضوحاً يعادل تصوير **عملة معدنية على سطح القمر** من الأرض. أظهرت الخريطة الراديوية خيطين دقيقين من الإشعاع. الأول نفاثة كبيرة تعبر نواة المجرة بشكل مائل مصدرها الثقب الأكبر الذي تبلغ كتلته نحو 18 مليار ضعف كتلة الشمس، أما الثاني فبريق أضعف يسير بزاوية مختلفة، متوافق تماماً مع المسار المتوقع للثقب الأصغر ذي كتلة تقارب 150 مليون شمس.

ويُقدَّر أن نفاثة الثقب الأصغر تتحرك بسرعة تعادل نصف سرعة فقد انبعاثات الثقب الأكبر، ما يعزز نموذج “الخرطوم الملتف”؛ إذ إن حركة الجسم السريعة تُلوّي مسار غازه المقذوف كما يلتف رذاذ ماء من خرطوم دوار.

وهذا يربط التحليل الحالي بتاريخ طويل من المحاولات لرصد دلائل مباشرة على **الأنظمة الثنائية في نوى المجرات**، وهي أساس تطور العديد من البُنى الكونية الكبرى.

ذو صلة

ختام: انتظار العقد القادم


يستعد الفلكيون حالياً لرسم خريطة جديدة لـ OJ 287 لرصد تغير النفاثتين عبر الزمن والتحقق من دقة النموذج. لكن الفرصة التالية قد لا تأتي قبل ثلاثينيات هذا القرن، عندما يعيد الثقب الأصغر الظهور مجدداً في موقع يسمح برصد إشعاعه بوضوح. وحتى ذلك الحين، تبقى صورة “الرقصة المظلمة” بين العملاقين دليلاً مدهشاً على أن أكثر مناطق الكون ظلمة يمكن أن تكشف عن أجمل عروض الضوء والفيزياء الكونية.

ذو صلة