لغز تحلل نجمات البحر إلى هلام يُحل أخيراً… بعد سنوات من الحيرة

3 د
نجح العلماء في كشف السبب وراء تحول نجمات البحر إلى هلام: بكتيريا "فيبريو بيكتينيسيدا".
اجتاح وباء منذ 2013 نجمات البحر على الساحل الغربي لأمريكا الشمالية مسبباً أزمة بيئية.
فَقَدت النظم البيئية البحرية توازنها نتيجة لانقراض نجمات البحر، مما أدى لزيادة قنافذ البحر.
توصل الباحثون إلى أن التشخيص الدقيق والوقاية هما الحل في مواجهة تدهور النظم البيئية.
في خطوة فارقة، نجح العلماء أخيراً في كشف الستار عن لغزٍ أرّق البحّاثة وعشاق الحياة البحرية لسنوات: لماذا تتحول كائنات نجمات البحر فجأة إلى كتلة هلامية وتختفي من الشواطئ والمحيطات؟ الإجابة لم تكن كما توقع كثيرون، بل اتضح أن المتهم ليس فيروساً غامضاً، بل سلالة محددة من بكتيريا تحمل اسم "فيبريو بيكتينيسيدا"، وهي من نفس العائلة التي تُسبب الكوليرا الشهيرة وتشتهر بتدمير الشعاب المرجانية وبعض أنواع المحار.
مفاجأة علمية: البكتيريا في قلب الحدث
منذ عام 2013، اجتاح وباء مجهول نجمات البحر على الساحل الغربي لأمريكا الشمالية، متسبباً في أزمة بيئية ضخمة وخسائر فادحة لأنواع كانت تُعد رمزاً لتوازن النظم البحرية، وفي مقدمتها نجم البحر عباد الشمس العملاق. بدايةً، ظن العلماء أن وراء الكارثة فيروساً شديد العدوى، لكن رحلة بحث طويلة دامت أربع سنوات، استخدم فيها الفريق البحثي أحدث تقنيات تحليل الحمض النووي الدقيقة، أسفرت عن اكتشاف كثافة غير مسبوقة لبكتيريا "فيبريو بيكتينيسيدا" في سائل نجمات البحر المصابات، والمعروف علمياً بالسائل الجوفي. هذه النتيجة وضعتهم على الطريق الصحيح؛ إذ عجزوا إلا عن أن يشعروا بقشعريرة الحماس والانتصار العلمي في اللحظة التي أدركوا فيها أنهم توصلوا إلى أصل الداء. وهنا يبرز الربط بين جهود العلماء المضنية والنتائج التي وجهت دفة البحث العلمي في اتجاه جديد تماماً.
الانهيار البيئي يبدأ من نجم البحر
ومتابعة لنتائج الاكتشاف، يأخذنا الحدث إلى عواقب أشد خطورة من مجرد موت كائن بحري جميل؛ ففقدان نجمات البحر، وخاصة "نجم البحر عباد الشمس"، قلب النظام البيئي رأساً على عقب. هذه الكائنات المفترسة لها مهمة طبيعية وهي السيطرة على أعداد قنافذ البحر، والتي إن تُركت دون رقيب تبدأ في التهام الغابات البحرية من الطحالب العملاقة، مما يهدد حضانات آلاف الأنواع البحرية ويضر الصيد والسياحة البحرية. في بعض المناطق، أصبحت نجمات البحر العملاقة شبه منقرضة، خاصة في السواحل الجنوبية للولايات المتحدة، وسجّل العلماء انخفاضاً بنحو 87% في أعدادها في الشمال أيضاً. هذا الانهيار أتاح لقنافذ البحر التكاثر بدون حدود، فانهارت غابات الطحالب، وتفاقمت تداعيات إيكولوجية واقتصادية تطال المجتمعات المحلية والصيادين والسائحين. وهذا يوضح الترابط الدقيق بين حلقة غذائية بسيطة واضطراب شامل في المحيط.
من التشخيص إلى الوقاية: هل يبدأ الأمل من هنا؟
قبل هذا الإنجاز الحديث، كان تشخيص هذا المرض أمراً بالغ الصعوبة، إذ يتجلى بدايةً بظهور تقرحات غامضة على الجسم سرعان ما تتحول إلى تفكك الأنسجة وذوبان الكائن بأكمله خلال أسبوعين فقط. هذه الأعراض تتشابه مع نتائج الضغوط البيئية وأمراض بحرية أخرى، مما صعّب على الباحثين معرفة السبب الدقيق. لكن الآن، بعد عزل سلالة محددة من فيبريو (FHCF-3) وإثبات تسببها السريع في موت نجمات البحر السليمة عند تجربتها معملياً، أصبح الباب مفتوحاً لفهم التغيرات البيئية التي سمحت للبكتيريا بالانتشار وأيضاً استكشاف طرق الحد والسيطرة على المرض مستقبلًا. فبهذا الانتقال من الرصد والتشخيص إلى الوقاية والسيطرة، نؤسس لمرحلة جديدة في حماية التنوع الحيوي البحري.
اختم مع تذكير بأن هذا الاكتشاف ليس النهاية بل بداية لسبيل طويل في فك طلاسم أسباب انتشار البكتيريا وتطوير استراتيجيات لمواجهة هذا الخطر على النظم البيئية البحرية. وإذا رغبنا في إيصال الفكرة بصورة أوضح، يمكن مثلاً استخدام مصطلح "سائل دموي" بدلاً من "سائل جوفي" لمزيد من الشرح، أو التركيز أكثر على سرد الاضطرابات البيئية المصاحبة، وحتى إضافة جملة ربط بين دراسات الأمراض البحرية والتغير المناخي المتسارع. هكذا يصبح المقال أكثر ترابطًا وسلاسة، ويعكس حجم التحدي وأهمية التكاتف لحماية كنوز محيطاتنا.