ذكاء اصطناعي

ليس للأقمار الصناعية فقط… العواصف الجيومغناطيسية تهدد قلوب البشر

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تشير دراسة حديثة إلى أن العواصف الشمسية قد تزيد من خطر النوبات القلبية.

تُظهر الأبحاث أن النشاط الجيومغناطيسي يؤثر على وظائف القلب والجهاز العصبي.

ارتفعت حالات النوبات القلبية أثناء اضطراب المجال الجيومغناطيسي، خاصة بين النساء.

تؤثر العواصف الشمسية على تباين معدل ضربات القلب، مما يزيد من مخاطر أمراض القلب.

تشير هذه الدراسات إلى تأثير محتمل للعوامل الكونية على الصحة القلبية العامة.

تشير دراسة علمية حديثة إلى أن العواصف الشمسية، التي نعرفها عادةً بمظهرها المبهر في السماء عبر الشفق القطبي، قد يكون لها تأثير خفي على صحة القلب، حيث ارتبطت بتزايد خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وخاصة لدى النساء.

في السنوات الأخيرة، توسعت أبحاث العلماء حول العلاقة بين الظواهر الفضائية وصحة الإنسان. أحدثها دراسة نُشرت عام 2025 في مجلة علمية متخصصة، حيث خلصت إلى أن الاضطرابات الجيومغناطيسية الناتجة عن نشاط الشمس لا تقتصر آثارها على الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء، بل يبدو أنها تتداخل أيضًا مع وظائف الجهاز القلبي الوعائي. وهذا يفتح الباب أمام فهم جديد لتأثير “طقس الفضاء” على الحياة اليومية على الأرض.


كيف تؤثر العواصف الشمسية على أجسادنا؟

تتشكل هذه العواصف نتيجة انبعاثات هائلة من الرياح الشمسية والكتل الإكليلية التي تصطدم بالمجال المغناطيسي للأرض، مسببة اضطرابات في الغلاف المغناطيسي. ورغم أن وسائل الإعلام تركز عادة على الأعطال التقنية التي قد تحدثها، إلا أن باحثين بدأوا يلاحظون إمكانية تأثيرها على الإشارات الكهربائية في أجسامنا. هذه التداخلات الدقيقة قد تمس نظم القلب العصبية، بل وربما معدل ضرباته. وهنا يكمن القلق: إذا كان المجال المغناطيسي مضطربًا، فقد ينعكس ذلك على استقرار القلب. وهذا يربط بين الظاهرة الكونية وبين حالات سريرية داخل المستشفيات.

انطلاقًا من هذا الافتراض، أجرى فريق برازيلي دراسة واسعة استمرت بين 1998 و2005 على أكثر من 1300 حالة دخول للمستشفيات بسبب احتشاء عضلة القلب. قام الباحثون بمطابقة أوقات هذه الحالات مع مستويات النشاط الجيومغناطيسي، فوجدوا ارتفاعًا واضحًا في عدد النوبات خلال فترات الاضطراب الشديد. الأكثر لفتًا للنظر أن نسبة إصابة النساء ارتفعت بصورة أكبر نسبيًا مقارنة بالرجال، رغم أن أعداد الحالات النسائية في العادة أقل. وهذا يربط بين العوامل البيولوجية الفردية وبين قوة العاصفة الكونية.


ضربات القلب تحت مجهر الفضاء

واحدة من الأدوات التي يعتمد عليها العلماء لفحص هذه العلاقة هي قياس “تباين معدل ضربات القلب” أو HRV، وهو المؤشر الذي يوضح مدى مرونة النظام العصبي في تنظيم نبض القلب. عبر هذا المؤشر، كشفت أبحاث أُجريت في 2018 و2022 أن تقلبات المجال الجيومغناطيسي تخفض من مرونة ضربات القلب لساعات طويلة. هذه الحقيقة تثير الانتباه لأن انخفاض HRV يرتبط أساسًا بزيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا يربط بين البيانات البيولوجية الدقيقة وبين تأثير العوامل البيئية غير المألوفة.

أما على المستوى العالمي، فقد ربطت دراسات أوسع – شملت بيانات من أكثر من 200 منطقة – بين شدة المجال المغناطيسي للأرض وانتشار أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكتات. ورغم أن العلماء يتعاملون بحذر مع مفهوم “العلاقة السببية”، فإن تكرار النتائج عبر قارات مختلفة يرفع من احتمال وجود تأثير بيئي حقيقي. وهذا يربط بين الدراسات المحلية في البرازيل والنتائج العالمية التي تشير إلى صورة أشمل.


ما الذي يعنيه ذلك لنا؟

إذا تأكدت الروابط بين طقس الشمس وصحة القلب، فقد نكون أمام عامل بيئي جديد يضاف إلى قائمة المخاطر الصحية مثل التلوث والضغط النفسي وقلة الحركة. بالنسبة للباحثين، يمثل هذا فرصة لتعميق الفهم حول كيفية تفاعل الجسم البشري مع المجال الكوني، وربما تطوير أنظمة إنذار مبكر صحية مرتبطة بتوقعات الطقس الفضائي. بالنسبة للقراء، تعني هذه النتائج أننا نعيش في منظومة مترابطة أكثر مما نتخيل، حيث قد تصل تأثيرات الشمس إلى أوعيتنا الدموية. وهذا يربط بين مهمة العلماء اليوم وحياتنا اليومية غدًا.

ذو صلة

الخلاصة


العواصف الشمسية لم تعد مجرد مشهد ضوئي ساحر في السماء ولا خطرًا على الأقمار الاصطناعية فحسب، بل قد تكون عاملًا خفيًا يؤثر على نبَض قلوبنا. وبين الحذر العلمي والتفاؤل الاكتشافي، تبقى الحقيقة الأهم أن صحة الإنسان قد تكون أوثق ارتباطًا بالكون مما اعتدنا أن نعتقد.

ذو صلة