مراكب استطلاع قمرية تابعة لناسا تكتشف وجود أنفاق ومسارات سرية تحت سطح القمر!

3 د
كشفت بيانات ناسا عن وجود أنفاق بركانية تحت سطح القمر.
كانت الأنفاق نظرية لعقود، لكن الآن تأكد وجودها.
توفر هذه الأنفاق حماية طبيعية ضد تغيرات الحرارة والإشعاع.
يمكن استخدامها لمساكن أو مختبرات مستقبلية على القمر.
هذا الاكتشاف يجعل حلم القاعدة القمرية أكثر واقعية.
لأعوام طويلة، ظلّت الرؤية حول وجود أنفاق سرية تحت سطح القمر لغزاً محيّراً ينتظر حله؛ واليوم، كشفت صور وبيانات رادارية دقيقة وصلت حديثاً من مركبة الاستطلاع القمرية التابعة لوكالة ناسا، عن وجود هذه الأنفاق فعلياً، مثيرة مزيداً من الإعجاب والترقب حول طبيعة عالمنا السماوي الأقرب.
فمنذ أكثر من خمسين عاماً، افترض العلماء وجود مسارات تحت الأرض على سطح القمر، تشكّلت من حمم البراكين القديمة التي كانت نشطة في بدايات نشوء القمر. لكن التحقق من هذه الفرضية بقي مستحيلاً، حتى جاء فريق من الباحثين في جامعة "ترينتو" الإيطالية ليعيد النظر في بيانات كانت قد جُمِعت عام 2010 من أداة الرادار المُصغر (Mini-RF) الخاص بناسا، والتي كانت ضمن برنامج مركبة الاستطلاع القمرية.
لم تدرك ناسا في حينها أهمية تلك البيانات التي وصلت من موقع معروف باسم "بحر السكون" (Mare Tranquillitatis)، لكنّ التطور في تقنيات معالجة الإشارات مؤخراً، مكَّنَ العلماء من تمييز أنماط انعكاس رادارية واضحة تدل على وجود شبكة كهوف جوفية وتحديداً أنبوب من الحمم البركانية تحت السطح مباشرةً. كان الأمر بمثابة قفزة نوعية في استيعابنا لطبيعة التضاريس القمرية غير المرئية.
وهذا الاكتشاف المهم أكدّه البروفسور لورنزو بروزوني، المشرف على الدراسة، والذي أوضح قائلاً: "لطالما كانت فكرة وجود كهوف وأنفاق تحت سطح القمر مجرّد نظريات، لكن اليوم أثبتنا للمرة الأولى أن هذه الأنفاق موجودة بالفعل". وبيّنت نماذج المحاكاة التي نفذها فريقه العلمي أن هذا الأنبوب يمتد نحو ميل تقريباً، ويبدو أنه مجوف ويمكن استخدامه بسهولة.
وأهمية هذا الاكتشاف لا تتوقف عند حدود الفضول العلمي، إذ قد تساهم تلك الأنفاق في توفير حلول جدية لبعض أكبر تحديات الاستكشاف القمري. فالظروف المناخية هناك قاسية للغاية، حيث تتراوح درجة حرارة سطح القمر بين 126 درجة مئوية نهاراً و180 درجة مئوية تحت الصفر ليلاً، يضاف إلى ذلك الإشعاع الكوني وضوء الشمس المباشر الذي يجعل السطح مناطق خطيرة للغاية لاستكشاف الإنسان أو المركبات الروبوتيه.
هذا الأمر يجعل من اكتشاف مأوى طبيعي مثل هذه الكهوف، أمراً بالغ الأهمية، فهي قد تشكل حماية جيدة ضد تغيرات الحرارة العنيفة والإشعاع وارتطام النيازك. ويرى الباحث ليوناردو كارير، أحد المشاركين في الدراسة، أن هذه الأنفاق قد تكون "الحلّ الأكثر أماناً وملاءمة، حيث يمكن لوكالات الفضاء الاستفادة من هذه الهياكل الجيولوجية الطبيعية لإقامة مساكن أو مختبرات بحثية مستقبلية، مما يقلل من تكلفة نقل المواد والمعدات اللازمة للبناء من الأرض."
إن هذا الإنجاز البحثي المُلفت كان ثمرة جهود وتعاون دولي متقدم وشراكة بين باحثين ومختصين في علوم الأرض والرادار من جامعة بادوفا الإيطالية ومجموعة الاستكشاف الجغرافي "لا فينتا". وأشاد المسؤول عن جهاز Mini-RF في وكالة ناسا، ويس باترسون، بهذا النجاح، مؤكداً أنّ "الرادار الفضائي صار الآن وسيلة مبتكرة ومهمة للكشف عن تفاصيل مهمة تخدم العلم ومستقبل مغامرات الفضاء".
في نهاية المطاف، ومع التأمّل في هذا الاكتشاف التاريخي، نتذكر كيف تثير فينا الأنفاق البركانية على الأرض إحساساً عميقاً بالمجهول، فما بالك بوجود مثل هذه الأنفاق على سطح القمر، بيئة في غاية الغرابة والتفرّد؟ بلا شك، ستجعل هذه الكهوف القمرية حلم إقامة قاعدة فضائية على سطح القمر أكثر واقعية من أي وقتٍ مضى.
ولتقريب هذا الموضوع إلى الذهن أكثر، ربما يمكننا مستقبلاً التوسع قليلاً في ذكر بعض المصطلحات التقنية بشكل أبسط، أو نضيف تشبيهات أقرب من الحياة اليومية لتسهيل الفهم. ما رأيك أنت عزيزي القارئ؟ هل تتخيل نفسك تستكشف هذه الأنفاق على القمر بنفسك في المستقبل القريب؟ شاركنا أفكارك وتصوراتك، فربما يكون القمر أقرب مما كنا نعتقد.