هل تعلم أن السدود يمكنها أن تحرك قطبي الأرض؟ دراسات جديدة تكشف عن مفاجآت مذهلة!

3 د
كشفت دراسة حديثة أن السدود تؤثر على تحرك قطبي الأرض منذ عام 1835.
تسبب احتجاز المياه خلف السدود في تغير توزيع كتلة الأرض وحدوث هجرة قطبية.
من عام 1835 إلى 2011، أثرت السدود على مستوى البحر وحركة الأقطاب بمتر كامل.
ساهم بناء السدود العالمي في تغيير مستوى مياه البحار بنسبة 23 ملّيمترًا.
البحث يبرز أهمية دراسة تأثير الأنشطة البشرية على حركة الأقطاب الأرضية.
عندما نسمع عن بناء السدود، غالباً ما يتبادر إلى أذهاننا فوائدها المتعددة كحماية المجتمعات من الفيضانات وإنتاج الطاقة الكهربائية وتوفير المياه للري. ولكن، هل تعلم أن لهذه السدود تأثيراً خفياً قد يصل إلى تغيير موقع أقطاب الأرض ذاتها؟
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Geophysical Research Letters" مؤخراً عن حقيقة صادمة، وهي أن بناء آلاف السدود في مختلف مناطق العالم منذ عام 1835 قد تسبب في تحرك طفيف ومحسوس لقطبي كوكبنا! إذ أوضح الباحثون أن احتجاز كميات ضخمة من المياه وراء السدود يُحدث تغييرات في توزيع كتلة الأرض، ما يؤدي إلى حدوث ظاهرة تُسمّى "الهجرة القطبية الحقيقية" أو اختصاراً "Polar wander"، وهي حركة الأقطاب بالنسبة لقشرة الأرض.
كيف تحرك تلك السدود أقطاب كوكبنا؟
لنفهم الأمر أكثر، تخيل معي قشرة الأرض على أنها مظلة صلبة تطفو فوق طبقة لينة من الصخور الساخنة اللزجة تعرف بـ "الوشاح". عندما تُضاف كتلة مائية هائلة خلف سد ما، يتغير توزيع الوزن على سطح تلك القشرة، مما يجعلها تتحرك بشكل طفيف فوق تلك الطبقة اللينة، وبالتالي تتسبب في إزاحة تدريجية لموقع أقطاب الأرض.
وفي الدراسة الجديدة التي أجرتها جامعة هارفارد، حلّل الباحثون تأثير 6,862 سداً حول العالم على موقع الأقطاب منذ عام 1835 وحتى 2011. المفاجأة كانت ضخمة عندما اتضح أن كمية المياه التي احتجزتها هذه السدود—تكفي لملء أخدود "غراند كانيون" مرتين!—قد أثرت بشكل مباشر على تغيّر مستوى سطح البحر العالمي بحوالي 23 ملّيمتراً.
وهذا يوضح لنا أن المسألة أكبر بكثير من مجرد احتجاز الماء وتنظيم تدفقه؛ فهذه الكميات الضخمة من المياه أدت لتحريك قطبي الأرض بمسافة تزيد عن متر كامل خلال الفترة الزمنية المذكورة. ولاحظ العلماء أن الحركة لم تكن في خط مستقيم، بل اتخذت شكلاً متذبذباً تبعاً لمواقع بناء السدود وتوزيعها الجغرافي عبر السنوات.
وفي الفترة الأولى (من عام 1835 إلى عام 1954)، تم إنشاء أغلب السدود في أمريكا الشمالية وأوروبا ما دفع القطب الشمالي للتحرك حوالي 20 سم باتجاه الشرق نحو روسيا والصين. بينما شهدت الفترة الثانية من منتصف القرن العشرين وحتى عام 2011 انتشاراً واسعاً في بناء السدود بآسيا وأفريقيا، ما أدى إلى إزاحة جديدة للقطب الشمالي بمسافة بلغت حوالي 57 سم نحو الغرب، باتجاه غرب أمريكا الشمالية والمحيط الهادئ.
هذا البحث يذكرنا أيضاً بمدى تعقيد علاقة الإنسان بالبيئة، حيث سبق وأن وجدت دراسات مشابهة أن الأنشطة البشرية الأخرى—مثل سحب كميات كبيرة من المياه الجوفية وتراجع كتل الجليد من القطبين—يمكن أن تتسبب أيضاً في تغيرات في موقع الأقطاب الأرضية.
هذه النتائج ربما لا تعني أننا على أبواب خطر كبير أو فوري، إلا أن هناك ضرورة ملحّة بإعادة تقييم حسابات العلماء لتأثير بناء السدود على تغير مستوى سطح البحار. فما يقرب من ربع التغير في مستوى مياه البحار خلال القرن الماضي يعود لإقامة هذه السدود العملاقة حول العالم؛ وبالتالي فإن تأثيرها لا يمكن تجاهله عند وضع النماذج المستقبلية لارتفاع مستويات البحار نتيجة المتغيرات المناخية.
وفي الختام، هذه الدراسة الجديدة تفتح أعيننا نحن البشر على مسألة بالغة الأهمية: أن كل فعل نقوم به يحمل بشكل أو بآخر تبعات قد تكون على مستوى الكرة الأرضية بكاملها. وربما يجدر بنا مستقبلاً أن نوجه اهتماماً أكبر لدراسات توازن البيئة وكيفية الحفاظ على كوكبنا الرائع. استخدام عبارات مثل "تحول محسوس" أو "اختلاف طفيف" قد يساهم في نقل صورة أقوى وأكثر وضوحاً لدى القارئ. وكذلك قد يساعد تعزيز الربط بين المعلومات العامة والحقائق التفصيلية في تقوية التواصل مع القراء بشكل أكثر فاعلية.