ذكاء اصطناعي

هل خدعنا التاريخ؟ القناع المميت لم يكن لتوت عنخ آمون

محمد كمال
محمد كمال

3 د

يرجح باحثون بريطانيون أن القناع الذهبي لتوت عنخ آمون صنع في الأصل لنفرتيتي.

تظهر أدلة وجود فتحات للأقراط على القناع، مما يدعم فرضية صنعه للنساء.

الاكتشافات تشير لاختلاف نوعية الذهب، ما يلمح لعملية تعديل لاحقة على القناع.

يعتقد العلماء أن وفاة توت عنخ آمون المفاجئة أدت لدفن سريع باستخدام آثار جاهزة.

القناع أصبح رمزاً خالداً رغم أنه ربما كان مجرد حل مؤقت.

لطالما ارتبط اسم الفرعون الشاب توت عنخ آمون بقناعه الذهبي الشهير، لكن أبحاثاً جديدة تفتح الباب على مصراعيه أمام احتمال مثير للجدل: ربما لم يكن هذا القناع المصنوع بمهارة مدهشة يخصه من الأساس.

منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك مطلع القرن العشرين، ظل هذا القناع رمزاً للحضارة الفرعونية وواحداً من أكثر الآثار شهرة عالميًا. ومع مرور عقود على هذا الاكتشاف الأسطوري، يواصل العلماء وعلماء المصريات تقليب الأدلة بحثاً عن جوانب مخفية من حياة وموت الفرعون الذي رحل صغير السن. وهنا يظهر السؤال المثير: هل ارتدى التاريخ على وجه الملك قناعًا لم يُصنع لأجله؟


أدلة تشير إلى الملكة نفرتيتي


في قلب الجدل الجديد، يرجّح فريق من الباحثين البريطانيين من جامعة يورك أن القناع لم يُصنع لتوت عنخ آمون بل للملكة نفرتيتي، زوجة أبيه إخناتون. يستند هذا الرأي إلى تفاصيل دقيقة مثل وجود فتحات صغيرة للأقراط على جانبي القناع، وهو ما لا يتماشى مع تقاليد الملوك الذكور البالغين، إذ لم يكن من المعتاد أن يرتدي الفرعون الحاكم أقراطًا بعد تجاوز مرحلة الطفولة. وهذا يربط بين ملامح القناع والملكة الشهيرة التي طالما أحاطتها لغز القيادة والجمال.

الربط بين هذه الملاحظات ومواد الصنع عزز من الفرضية؛ إذ أظهر تحليل حديث أن لون ونوعية الذهب في منطقة الوجه تختلف عن باقي أجزاء القناع. وهو ما يوحي بأن الوجه قد أُضيف لاحقًا في عملية تعديل عاجلة.


دفن مستعجل وظروف غامضة


وتنسجم فكرة "إعادة استخدام" القناع مع ملامح عملية الدفن نفسها. فقد وُجِد أن مقبرة توت عنخ آمون صغيرة بشكل لافت مقارنة بمقابر الفراعنة الآخرين، ما يرجح أن وفاته المفاجئة وهو في سن المراهقة قد أربكت الكهنة والعمال، فاضطروا إلى تجهيز ضريح بسيط بسرعة. وهذا يفسر أيضاً مكانة العديد من كنوز التابوت وما شابهها من آثار تبدو وكأنها جُمعت على عجل. وهذا يربط بين ظروف الدفن المربكة وقرار استخدام قناع لم يكن مخصصًا له أساساً.


من أثر مُعاد توظيفه إلى رمز خالد


المفارقة أن ما ربما كان حلاً عملياً طارئاً غدا عبر الزمن أشهر قطعة أثرية من مصر القديمة. فعلى الرغم من أن توت عنخ آمون لم يكن من أقوى الفراعنة أو أطولهم حكماً، إلا أن اكتشاف مقبرته وكنوزه الضخمة جعلا اسمه يتردد على ألسنة ملايين البشر. هذا التحول المذهل يعيد التذكير بأن التاريخ لا تُبنى صورته من السلطة والعظمة وحدهما، بل أحياناً من المصادفات والقرارات السريعة أيضًا.

ذو صلة

خاتمة


سواء صنع القناع لتوت عنخ آمون أم لغيره، فقد ارتبط اسمه به إلى الأبد وصار رمزاً للحضارة المصرية في مخيلة العالم. ما تكشفه هذه الأبحاث الجديدة ليس تقليلاً من شأن الفرعون، بل إضاءة إضافية على براعة المصريين القدماء في التعامل مع الزمن، ومرونتهم في مواجهة المجهول. وبينما تظل علامات الاستفهام قائمة، يظل القناع الذهبي شاهداً على التقاء الأسطورة بالواقع، حيث يتجاوز الأثر معناه الأصلي ليصبح أيقونة خالدة للتاريخ الإنساني.

ذو صلة