هل يمكن التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في 2025؟

3 د
يعاني كثير من المستخدمين من الإدمان اللاواعي على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
دفعت قرارات "ميتا" الأخيرة البعض إلى مراجعة علاقتهم بهذه المنصات.
توفر وسائل التواصل الاجتماعي فوائد كبيرة، لكنها تأتي بتكاليف نفسية واجتماعية.
قد يكمن الحل في استخدام هذه المنصات بوعي بدلاً من الانسحاب التام.
في عالم يزداد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، هل لا يزال بالإمكان الانفصال عن وسائل التواصل الاجتماعي؟ هذا هو السؤال الذي حاولت الإجابة عليه عندما قررت التوقف عن استخدام تلك المنصات لبضعة أيام.
إدمان غير واعٍ
تظهر السلوكيات القهرية لاستخدام التطبيقات بوضوح في الحياة اليومية، حيث يلجأ الأفراد إلى فتح تطبيقات مثل إنستغرام و"إكس" (تويتر سابقًا) بشكل متكرر خلال لحظات الفراغ دون وعي. تتجلى هذه العادة أثناء تناول الطعام، أو في فترات الراحة، أو قبل النوم. ومع كل محاولة لتجنب هذه التطبيقات، يجد المستخدمون أنفسهم يعودون إليها مجددًا، حتى عند البحث عن بدائل مثل البريد الإلكتروني أو تطبيقات الطقس.
تشير هذه الظاهرة إلى مدى تغلغل وسائل التواصل الاجتماعي في الروتين اليومي، ما يجعل الانفصال التام عنها تحديًا صعبًا، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين تعتمد أعمالهم على هذه المنصات. ومع ذلك، يسعى الكثيرون إلى تقليل استخدامهم لهذه التطبيقات، خاصة بعد تصاعد الجدل حول تأثير شركات التكنولوجيا الكبرى على السياسة والمجتمع.
مقاطعة ميتا والتغييرات السياسية
شهدت حركة مقاطعة منتجات "ميتا" مثل إنستغرام وفيسبوك اهتمامًا متزايدًا، خصوصًا بعد قرارات الشركة الأخيرة بالتخلي عن مدققي الحقائق واستقطاب شخصيات سياسية متحالفة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مواقع قيادية فيها. وأثار هذا التحول ردود فعل واسعة من قبل المستخدمين ذوي التوجهات الليبرالية، الذين بدأوا في مراجعة علاقتهم بهذه المنصات، سواء بالانسحاب منها تمامًا أو البحث عن بدائل مثل تطبيق "Bluesky"، الذي أصبح ملاذًا لمعارضي سياسات "إكس" بعد استحواذ إيلون ماسك عليه.
تأتي هذه التغييرات في إطار سلسلة طويلة من التحذيرات المتعلقة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية والخصوصية. ويبرز الاتجاه المتزايد لمقاطعة "ميتا" أو تقليل الاعتماد على هذه المنصات كجزء من الشكوك المتزايدة حول دور شركات التكنولوجيا الكبرى في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي.
تأثير الامتناع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
يسلط الامتناع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على مدى الاعتماد عليها في الحياة اليومية، حيث لا تقتصر أهميتها على الترفيه، بل تمتد لتشمل متابعة الإعلانات التجارية، والبحث عن المنتجات، ومعرفة ساعات عمل المحال التجارية والمطاعم. ويثير هذا التساؤل حول البدائل الممكنة للحصول على هذه المعلومات دون اللجوء إلى هذه التطبيقات.
من جهة أخرى، يدرك المستخدمون تأثير التصفح المستمر بحثًا عن محتوى جديد على جودة حياتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تحقيق التوازن بين تقليل استخدام هذه التطبيقات والحفاظ على فوائدها في التواصل والبقاء على اطلاع.
إعادة تقييم الفوائد والمخاطر
تشير تجارب العديد من المستخدمين إلى ترددهم في اتخاذ قرار نهائي بشأن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي. فبينما يسعى البعض إلى تجنب منصات "ميتا"، يجد آخرون صعوبة في التخلي عنها نظرًا لدورها في تسهيل عمليات التواصل الاجتماعي والمهني.
يُذكر أن بعض الفئات، مثل الصحفيين والمجتمعات الناشطة، يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي لنقل المعلومات وتوثيق الأحداث المهمة. كما تُستخدم هذه المنصات في تبادل الموارد والخدمات، ما يجعلها أداة يصعب الاستغناء عنها بالكامل.
إمكانية تحقيق التوازن
يرى خبراء علم الإنسان الرقمي أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست بطبيعتها جيدة أو سيئة، بل يعتمد تأثيرها على كيفية استخدامها. فبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو يعيشون في عزلة، تمثل هذه المنصات وسيلة أساسية للبقاء على اتصال مع الآخرين.
في ظل هذه التحديات، يكمن الحل في تبني نهج أكثر وعيًا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تقليل التصفح العشوائي والتركيز على المحتوى الذي يضيف قيمة حقيقية. كما أن الاعتماد على طرق تقليدية للتواصل، مثل الاتصال الهاتفي، يمكن أن يكون بديلاً فعالًا لتعزيز العلاقات الاجتماعية بعيدًا عن تأثير الخوارزميات الرقمية.
معضلة مستمرة
تبقى وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من المشهد الرقمي الحديث، حيث توفر أدوات فعالة للبقاء على اطلاع والتواصل مع الآخرين. ومع ذلك، يظل التحدي في كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من هذه المنصات وتجنب آثارها السلبية.
يؤكد الباحثون أن الحل يكمن في تبني أساليب استخدام أكثر وعيًا، والبحث عن بدائل تضمن تواصلًا أكثر واقعية دون الاعتماد الكلي على الخوارزميات الرقمية.