ولاية نيوجيرسي تخبئ تحت أرضها “مقبرة” للديناصورات

3 د
تُخزّن نيوجيرسي "مقبرة" ديناصورات تحت أرضها، تحتوي على بقايا قديمة جداً.
تسببت ضربة نيزك بجنوب المكسيك في زلزال ضخم أدى لانقراض الديناصورات.
زيادة الرماد والغبار عقب الاصطدام حجب ضوء الشمس وسبب انهيار السلسلة الغذائية.
الطيور الحالية ترتبط جينياً بالديناصورات، ما يثير الاهتمام بأصولها التطورية.
نيوجيرسي تفتتح متحفًا جديدًا لعرض حفريات الديناصورات وزيارة الجمهور للمشاركة بهذا الاكتشاف.
ماذا لو قلت لك إن ولاية نيوجيرسي الأمريكية، ليست مجرد ولاية عادية في عالم البحث عن الديناصورات، بل تخبّئ تحت ترابها ما يُشبه مقبرة ضخمة تحتوي على بقايا مُتكلسة لحيوانات عاشت قبل ملايين السنين؟ نعم، هذه ليست مزحة أو قصة من قصص الخيال العلمي!
تقع بين رمال وأحجار نيوجيرسي طبقة صخرية خاصة جداً يسميها العلماء بـ"طبقة المقبرة". تكشف هذه الطبقة المدهشة صفحةً مهمةً ومتجمدة من تاريخ كوكبنا، تحكي الحكاية الأخيرة لحقبة الديناصورات في الأرض، إثر الضربة القاضية التي تلقتها من النيزك الشهير قبل حوالي 66 مليون سنة.
لحظة سقوط عملاق الفضاء: كيف شهد العالم نهاية الديناصورات
يصف كينيث لاكوفارا، الجيولوجي وأستاذ الحفريات بجامعة روان، ذلك المشهد المرعب حين اصطدم نيزك عملاق بقطر يتراوح بين 6 إلى 12 ميلاً بالمياه قرب شبه جزيرة يوكاتان الحالية بالمكسيك قبل 66 مليون عام. يقول لاكوفارا: "بعد حوالي ثماني دقائق ونصف فقط من الاصطدام الضخم، ضرب زلزال هائل نيوجيرسي، أقوى من أي زلزال قد يمكن لكوكب الأرض أن يسببه لوحده".
هذا الزلزال الذي فاقت قوته 10 درجات وفق المقياس الزلزالي، تسبب بأمواج المد البحري (تسونامي) التي ارتفعت بطول يصل إلى ميلين، وحتى كائنات الديناصورات العملاقة لم تحتمل هذه اللحظات الدرامية التي أنهت حياتها بطريقة مفاجئة، فكما يوضح لاكوفارا ساخراً: "لو أنك ديناصور ساوروبود ضخم وزنك 90 طنًا وسقطت أرضاً في هذا الزلزال، فالنتيجة الحتمية هي الموت الفوري".
هذا الحادث المرعب رسم مستقبلاً أسوداً للديناصورات الباقية، فقد أدى غبار ودخان الاصطدام إلى حجب ضوء الشمس لفترة طويلة، مسبباً انهيار السلسلة الغذائية، وبهذا كانت نهاية حُكم الديناصورات النهائيِّ على الأرض.
لكن لا تحزن كثيراً على الديناصورات المُحببة لدينا، فليس كلها اختفى من الكوكب بشكل نهائي.
الطيور.. ديناصورات ما تزال قيد الحياة!
هنا تأتي الحقيقة المثيرة للدهشة: الديناصورات لم تنقرض تماماً! فالطيور الموجودة اليوم حولنا في السماء وعلى أغصان الشجر، لا تزال تحمل في خلاياها وتركيبها الجيني أثر هؤلاء العمالقة، وفقاً للاكوفارا.
يشرح لنا بصورة أبسط: "الطيور تنتمي لعائلة الديناصورات تماماً كما ننتمي نحن البشر لعائلة الثدييات. نحن والكنغر والحيتان كلنا مرتبطون بسبب الجد الأول. والطيور أيضاً هي أحفاد الديناصورات ثنائية القدم التي عاشت العصر القديم".
وقد بيّنت الدراسات العلمية المتواصلة والتعمق في الحفريات، أن وظائف الريش التي امتلكتها الديناصورات الأولى لم تكن لأغراض الطيران بل كانت بالأساس لأغراض التدفئة والحماية من البرد، ثم تطورت لاحقاً لاستخدامها في الطيران بعد مراحل تطورية طويلة.
ويظلّ اهتمام الإنسان بالديناصورات لغزاً جميلاً، فربما يعود ذلك إلى كونها حقيقية فعلاً وليست خرافة، أو ربما لأن القصص والحفريات وآثار هذه المخلوقات العملاقة تُعطي الإنسان تصوراً حياً عن الأرض القديمة والتغير المذهل الذي مرّت به.
هذا الفضول قاد إلى افتتاح متحف وموقع حفريات جديد ومميز بجامعة روان في نيوجيرسي، يتيح للزوّار من مختلف الأعمار المشاركة في عملية التنقيب واكتشاف بقايا عالم الديناصورات بأنفسهم، مما يمنحهم فرصة استثنائية للإحساس بفرحة الاكتشاف ومعرفة جزء من تاریخ الأرض لم يره أي إنسان قبله.
وفي النهاية، يظل علم دراسة التاريخ الطبيعي مهمًا للغاية لنا اليوم، فدراسته والوعي بهما يساعداننا في اتخاذ قرارات أفضل لحماية مستقبل كوكبنا. وكما يقول لاكوفارا مقتبساً عن وينستون تشرشل: "كلما نظرت للوراء بشكل أعمق تمكنت من أن ترى أبعد إلى المستقبل". ولذلك نحتاج إلى النظر بتمعّن في ماضينا كي نحمي حاضرنا ومستقبل أجيالنا القادمة بشكل أفضل.
لا شك في أن قصة الديناصورات و"المقبرة" الموجودة تحت أقدامنا في نيوجيرسي، ليست مجرد حكایة عن الماضي السحیق بل هي نافذة تُطل على مستقبلِنا أيضاً، تستحق منا الوقوف والتأمل بعمق واستلهام العبر والدروس منها.