أمازون وجوجل ومايكروسوفت تلجأ للمفاعلات النووية لتزويد مراكز البيانات بالطاقة

2 د
عادت الطاقة النووية إلى الواجهة كضرورة ملحة لقطاع الذكاء الاصطناعي.
تحتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إمدادات كهربائية دائمة ومستقرة.
أبرمت أمازون اتفاقاً لشراء كهرباء نووية لتشغيل مراكز بياناتها.
وجّهت جوجل وميتا ومايكروسوفت نحو الطاقة النووية لضمان خدماتها.
أصبحت الطاقة النووية محركًا أساسيًا لتقنيات الحوسبة الحديثة.
قبل سنوات قليلة، كانت الطاقة النووية موضع سخرية واستبعاد في أوساط كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، واعتبرت خياراً ينتمي للماضي، محفوذاً بالمخاطر وباهظ الثمن. بدلاً من ذلك، استثمرت هذه الشركات مليارات الدولارات في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مبتعدة بشكل تام عن الطاقة الذرية. لكن مؤخراً، انقلبت الأمور رأساً على عقب، وعادت الطاقة النووية للواجهة بشكل غير مسبوق. فما الذي تغير؟ وكيف أصبحت الطاقة النووية سر نجاح قطاع الذكاء الاصطناعي؟
الحقيقة هي أن الذكاء الاصطناعي وتقنيات الحوسبة الحديثة تعتمد بشكل كبير على إمدادات كهربائية دائمة ومستقرة. فمع انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تحديدا نماذج اللغة الضخمة مثل شات جي. بي. تي، ارتفع الطلب على الكهرباء بصورة كبيرة وعلى مدار الساعة، بشكل يفوق القدرة الاعتيادية لشبكات الطاقة المتجددة وحدها. ولذلك وجد عمالقة التكنولوجيا أنفسهم أمام خيار واضح وقاطع: الطاقة النووية لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة ملحة لا غنى عنها.
وفي هذا السياق، أبرمت أمازون مؤخراً اتفاقاً لشراء نحو 1,920 ميغاواط من الكهرباء المنتجة من مفاعلات نووية بحلول عام 2025، وهي كمية كافية لتشغيل مراكز بيانات ضخمة تدعم خدمات الذكاء الاصطناعي والمنصات السحابية على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع. ليس هذا فقط، بل تبعتها كل من ميتا وجوجل ومايكروسوفت بخطوات مماثلة، في إشارة واضحة لتوجه جماعي نحو الطاقة الذرية لضمان استمرارية خدماتها بسرعة وكفاءة.
ويرجع التغير في النظرة تجاه الطاقة النووية جزئياً إلى أزمة الطاقة العالمية الأخيرة، حيث أظهرت مصادر الطاقة المتجددة، بالرغم من مزاياها العديدة، نقاط ضعف مهمة تتمثل في اعتماد إنتاجها على الظروف المناخية وتقلباتها. بالإضافة إلى ذلك، أسهمت زيادة الوعي بأهمية استدامة الطاقة الحقيقية وانخفاض البصمة الكربونية في إعادة النظر في استخدام النووية كخيار استراتيجي طويل الأمد.
وقد وجدت الشركات الكبرى في الطاقة النووية مزايا قوية في توفير كهرباء مستقرة وآمنة وبكميات ضخمة، اللازمة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواصلة تشغيل وتطوير تطبيقاتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي ظل النمو السريع لتقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بات واضحاً للجميع أن الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية أو المتقطعة قد يضع هذه الخدمات في خطر جدي من التوقف أو التأخير.
ومع هذه التطورات، يبدو واضحاً أن النظرة للطاقة النووية تتجه بقوة نحو التحوّل الكامل، من مجرد تكنولوجيا قديمة مثيرة للتردد والقلق، إلى محرك أساسي يساند ثورة التكنولوجيا الحالية. ومع إدراك الشركات لهذا الدور الحيوي، قد يكون من الأفضل أن يتم التركيز على تطوير مفاعلات نووية أكثر أماناً وكفاءةً، وإبراز دور الابتكار في توليد طاقة نووية نظيفة وأكثر استدامةً، وذلك لتعزيز الثقة العامة وتحقيق التوازن الأمثل بين إمدادات الطاقة والاستدامة المطلوبة لعصر الذكاء الاصطناعي الجديد.