اختبارات جينية تُحدِّد دواء التخسيس الأمثل لكل جسم: ثورة في الطب الشخصي تلوح في الأفق

3 د
يمكن لاختبار جيني بسيط المساعدة في اختيار دواء التخسيس الأمثل للفرد.
تصمم مايو كلينك اختبارًا يتوقع فعالية دواءي "ليراغلوتايد" و"فينترمين-توبيراميت".
تميز الجينات المنخفضة الاستجابة الممتازة لدواء "ليراغلوتايد" والمستخدمة لعلاج السكري.
دواء "فينترمين-توبيراميت" يناسب الأشخاص ذوي الجينات المرتفعة الذين يحتاجون المزيد من السعرات.
الطب الشخصي يهدف لتوفير علاجات فردية تعتمد على الخصوصية الجينية لكل شخص.
هل تخيلت يوماً أنّ اختباراً جينياً بسيطاً يمكنه أن يساعدك في اختيار دواء التخسيس الأنسب لجسمك؟ يبدو أن هذا المستقبل الطبي بات أقرب من أي وقت مضى، بحسب دراسات حديثة كشفت عن دور الجينات في تحديد مدى استجابة الجسم لأنواع مختلفة من أدوية إنقاص الوزن المنتشرة حالياً في الأسواق.
في دراسة حديثة نشرتها مجلة "سِل متابوليزم"، أوضح باحثون من مايو كلينك الأمريكية كيف قاموا بتصميم اختبار جيني يمكن من خلاله توقّع مدى نجاح دواءي التخسيس المعروفين: "ليراغلوتايد" (Liraglutide) أو "فينترمين-توبيراميت" (phentermine-topiramate)، في تخفيض الوزن لدى المرضى. اعتمد الاختبار الجديد على مؤشر جيني مكون من 10 جينات، تم ربطها سابقاً بالسمنة، ويقيس كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الشخص ليشعر بالشبع خلال تناول الوجبة.
وقارن الباحثون استجابة الأشخاص ذوي "المؤشرات الجينية المنخفضة" مع أولئك الذين لديهم "مؤشرات جينية مرتفعة". وكانت المفاجأة، أن من امتلك درجات منخفضة – أي الذين يستطيعون الإحساس بالشبع بسرعة مع سعرات أقل – استجابوا بشكل ممتاز لدواء "ليراغلوتايد"، الذي ينتمي لفئة GLP-1، وهو دواء مستخدم لعلاج السكري ويساعد أيضاً في إنقاص الوزن بشكل كبير.
وعلى الجانب الآخر، أثبت دواء "فينترمين-توبيراميت"، الذي يجمع بين منبه ومادة تستخدم عادة لعلاج الصرع، فعاليته لدى الأشخاص ذوي المؤشرات الجينية المرتفعة، أي هؤلاء الذين يحتاجون لكميات كبيرة من السعرات قبل الشعور بالشبع.
ما يميز هذه الاختبارات أنها قد تكون حجر الأساس في تخصيص علاجات لفقدان الوزن تناسب خصوصية كل جسم. يوضح أندريس أكوستا، الباحث في مايو كلينك: "هناك توجّه قوي الآن نحو الطب الشخصي الدقيق، الذي يعتمد على تفاصيل وراثية وجينية خاصة بكل مريض، ليوفر له علاجاً مثالياً بدلاً من الاعتماد على وصفات عامة". ويضيف أكوستا: "نأمل أن يُغير هذا الاختبار الجيني من أسلوب اختيار علاجات السمنة للمرضى مستقبلاً".
غير أن الخبراء ينصحون بالتمهّل وعدم الاعتماد على هذه المؤشرات وحدها باعتبارها حلولاً سحرية. تؤكد إليزابيث سيرولي، مديرة الأبحاث في شركة "هيليكس" الجينية، أن الجينات ليست العامل الوحيد في تحديد فعالية الدواء؛ بل تلعب عوامل أخرى مثل العمر والجنس ووجود أمراض مزمنة، مثل السكري وارتفاع الضغط، أدواراً هامة أيضاً في مدى نجاح العلاج.
وكمثال عملي، تقول آنا أولسن، إحدى المشاركات في التجارب من مدينة مينيابوليس: "لطالما اعتقدت أن وزني الزائد هو مشكلتي التي يجب أن أعالجها بنفسي، ولم أفكر سابقاً في إجراء اختبار جيني يساعدني في اختيار العلاج الأنسب". لكن بعدما أوصى طبيبها بالخضوع لاختبار جيني، اكتشفت أن لديها ما يسمى بالدماغ "الجائع"، أو المؤشر الجيني المرتفع، لذلك ناسبها دواء "فينترمين-توبيراميت" بشكل كبير، وأصبحت تلاحظ فرقاً واضحاً في شعور الشبع وانخفاض الوزن.
في النهاية، لا شك أن هذه الدراسات تحمل وعداً حقيقياً وتحمل تغيرات جوهرية في اختيار المرضى لأدوية إنقاص الوزن، ومع ذلك، يبقى من المهم إجراء مزيد من الدراسات والتحقق من دقة هذه النتائج على مجموعات أكبر وأكثر تنوعاً. ربما كان من الأفضل، كما يقول الخبراء، توضيح هذه النتائج بدقة أكثر للتمييز بين الدور الحقيقي للجينات والتأثير المحتمل للعوامل البيئية أو الحياتية الأخرى، لضمان اختيار العلاج المناسب لكل مريض بناءً على معلومات أكثر اكتمالاً ودقة، وهو ما قد يمثل نقلة نوعية في محاربة السمنة مستقبلاً.