اكتشاف مذهل: حيوان منقرض منذ آلاف السنين يتحدى الزمن ويسهم في حماية غابات أمريكا الجنوبية اليوم!

3 د
ظل تأثير المستودون المنقرض يظهر في الغابات الأمريكية الجنوبية وأشجارها.
توضح دراسة حديثة دوره الحيوي في نشر بذور الفاكهة ونباتات معينة.
تم تدعيم الفرضيات العلمية باستخدام تقنيات متقدمة وتحليلات دقيقة لأسنان المستودون.
تتآكل النباتات التي كانت تعتمد على المستودون اليوم، مثل نخلة تشيلي والشجرة الأروكاريا.
الحفريات القديمة تساعد في فهم التحديات البيئية الحالية وتعطي أملاً للمستقبل.
من المدهش أن كائناً انقرض منذ آلاف السنين ما زال يلقي بظله على الغابات والنظم البيئية اليوم. فقد كشف علماء مؤخراً أن المستودون المنقرض منذ حوالي 11 ألف سنة، وهو قريب بعيد للأفيال الحديثة، لا يزال أثره واضحاً في غابات أمريكا الجنوبية، وبالتحديد في نوعية وحجم ثمار بعض الأشجار التي كانت تعتمد عليه في نشر بذورها.
دراسة جديدة ومتعمقة نُشرت مؤخراً في مجلة "Nature Ecology & Evolution" توضح بشكل قاطع أن المستودون من نوع "Notiomastodon platensis"، الذي عاش قبل آلاف السنين في أمريكا الجنوبية، كان جزءاً حيوياً من النظام البيئي، إذ كان يتغذى بكثرة على ثمار معينة ويلعب دوراً محورياً في نشر بذورها في جميع أنحاء الغابات. ومن ضمن هذه الثمار، أشار الباحثون بوضوح إلى فاكهة النخيل التشيلية التي وجدوا آثار النشويات وأنسجة النبات الخاصة بها في أحافير أسنان المستودون.
ويأتي هذا الاكتشاف لإحياء نظرية قديمة اقترحت منذ عام 1982، تُعرف بـ"فرضية اللا توافق الزمني الاستوائي"، التي تؤكد بأن نباتات معينة بأمريكا الاستوائية تطورت لكي تنتج ثماراً كبيرة ولامعة خصيصاً لجذب الحيوانات الكبيرة التي تساعدها على نشر البذور، مثل حيوان المستودون. وظلت هذه النظرية افتراضاً بلا دليل قوي إلى أن تمكن الفريق البحثي مؤخراً من تحليل أكثر من 96 عينة من أحافير الأسنان التي عثر عليها في مواقع متفرقة ضمن منطقة تمتد لنحو 900 ميل، بين منطقتي لوس فيلوس وجزيرة تشيلويه في جنوب تشيلي. وكان من أبرز هذه المواقع موقع بحيرة تاغوا تاغوا الغني بالأحافير.
وللتأكد من هذه الفرضية عن كثب، استخدم العلماء تقنيات متقدمة، شملت التحليلات الكيميائية الآيزوتوبية والتحليلات الميكروسكوبية لطبقات الأسنان المتكلسة، وتآكل الأسنان الذي يكشف نمط التغذية القديم بدقة. وبفضل هذه التحليلات تمكن العلماء من تأكيد ما كان قائماً على الفرضيات فقط حتى الآن: المستودون أكل الفواكه بشكل منتظم، وأسهم في انتشار الغابات وتجديد حيويتها.
هذا الربط بين انقراض المستودون والتحديات التي تواجهها النباتات الكبيرة اليوم دفع الباحثين خطوة إضافية، حيث لجأ الفريق إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، عبر منهجيات "التعلم الآلي" لتحليل أوضاع النباتات التي كانت تعتمد قديماً على الحيوانات الضخمة لنشر بذورها. والمثير في الأمر، أن النتائج كانت جلية بشأن انخفاض أعداد هذه النباتات بشكل كبير، حيث إن حوالي 40% من الأنواع النباتية التي كانت تعتمد كلياً في تكاثرها على هذه الحيوانات الضخمة، أصبحت الآن مهددة بالانقراض، وهي نسبة تفوق بأربعة أضعاف ما نجده في المناطق التي تعتمد أساساً على حيوانات أخرى أصغر حجماً، مثل القرود والتابيرات.
من الأمثلة الواضحة على النباتات التي تعاني اليوم بسبب هذا القطيعة التاريخية، هناك نخلة تشيلي الشهيرة، وشجرة "جومورتيجا" أو "الجومورتيجاكيولي"، وشجرة "المونكي بازل" أو "الأروكاريا". هذه الأنواع من النباتات، التي باتت تعيش في تجمعات صغيرة مع تنوع وراثي محدود، هي بمثابة بقايا أثر باهت لحياة مزدهرة كانت موجودة في الماضي البعيد، عندما كانت المستودونات تتجول في أرجاء هذه الغابات.
تؤكد هذه الاكتشافات التي تبدو للوهلة الأولى علامات من الماضي أن الحفريات القديمة لا تروي قصص حقب منقرضة فحسب، بل تساعدنا أيضاً على فهم الوضع البيئي الحالي والتحديات التي تواجه الأنواع النباتية المعرضة للخطر اليوم. فبحسب الباحثين في الدراسة، إدراك الماضي بعمق يسمح لنا برؤية المفقود بوضوح، والتطلع لإيجاد حلول بيئية تمنحنا أملاً بألا نفقد المزيد مستقبلاً.
وبعد استعراض هذا الحدث العلمي، من الممكن تعزيز النص من خلال إضافة جمل ربط قصيرة بين الفقرات تزيد من انسجام الحوار وتُظهر بشكل أوضح أهمية النتائج العلمية في التحديات البيئية الحالية. كما يمكن استخدام مصطلحات أقوى مثل "دور محوري" أو "تأثير عميق" عند وصف الدور البيئي للمستودون لتحفيز اهتمام القراء بشكل أكبر.