ذكاء اصطناعي

العصر الجيني يبدأ هنا… MIT يغيّر مفهوم التطور بإنجاز يصعب تصديقه!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نجح علماء MIT في تقليل الأخطاء في تقنية "Prime Editing" بشكل غير مسبوق.

تمكنوا من تخفيض معدل الخطأ من واحد في سبعة إلى واحد في أكثر من خمسمئة.

استخدموا هندسة بروتين كاس9 لتقليل الأخطاء وتطوير نسخة جديدة "vPE".

يعمل الفريق على تحسين توصيل الجينات لعلاج اضطرابات وراثية نادرة.

التقدم الحالي يفتح الآفاق نحو علاجات فعالة وأكثر أمانًا للأمراض الجينية.

نجح فريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في تقليص معدل الأخطاء في تقنية **التحرير الجيني المتقدم** أو ما يُعرف بـ “Prime Editing” إلى مستوى غير مسبوق، مما يفتح آفاقاً واسعة لعلاج أمراض وراثية معقدة كانت حتى وقت قريب خارج حدود الممكن العلمي.

تشير الدراسة التي نُشرت في مجلة *Nature* إلى أن العلماء تمكنوا من خفض الأخطاء الناتجة عن عملية التحرير من خطأ في كل سبع عمليات إلى خطأ في أكثر من مئة، بل ووصلت الدقة في بعض الأساليب عالية التحديد إلى خطأ واحد في كل أكثر من خمسمئة عملية. هذا إنجاز يُقاس بالميكرونات في عالم يعتمد على قرب الذرة، ويعد قفزة نوعية في عالم علاج الأمراض الجينية.

وهذا يربط بين التقدم الحالي وطموحات المجتمع العلمي في جعل المعالجات الجينية أكثر أماناً وفاعلية على المدى الطويل.


من «كريسبر» إلى «برايم إيديتنغ»… رحلة البحث عن الدقة


بدأت مسيرة تعديل الجينات منذ التسعينيات باستخدام فيروسات ناقلة لإدخال جينات جديدة، ثم ظهرت أدوات أكثر تطوراً مثل **إنزيمات الزنك** و**نظام كريسبر/كاس9**. لكن رغم دقته، كان كريسبر يواجه تحدياً في الحد من التعديلات العشوائية أو الآثار الجانبية المحتملة.
في عام 2019، جاء نظام “Prime Editing” ليحقق توازناً بين الفعالية والأمان؛ فهو لا يقوم بقطع مزدوج في الحمض النووي بل يفتح خيطاً واحداً فقط لإدخال الشيفرة الجديدة، مما يقلل نسبياً من الأضرار المحتملة.

وهذا التطور يمهّد لفهم أكبر لكيف يمكن للهندسة الجزيئية أن تستبدل الخطأ الجيني بشيفرة سليمة تحاكي عمل الجينات الطبيعية.


هندسة البروتينات لتقليل الأخطاء


المفتاح وراء الإنجاز الجديد كان **هندسة بروتين كاس9** المستخدم في عملية التحرير. فعوضاً عن الالتزام الصارم بموقع القطع داخل الحمض النووي، تمكن الباحثون من تصميم نسخ معدلة من هذا البروتين يمكنها التلاعب بمكان القطع مسافة قاعدة أو اثنتين، ما يقلل من استقرار الشريط القديم ويُسهم في دمج التسلسل الجديد بسلاسة أكبر.
بهذه الخطوة تراجع معدل الخطأ إلى جزء من العشرين مقارنة بالنظام الأصلي، ثم إلى جزء من الستين عند استخدام نسخة مطوّرة أطلق عليها الباحثون اسم **vPE**، أثبتت جدارتها في خلايا بشرية وحيوانية على حد سواء.

ومن هنا، ينتقل الاهتمام إلى السؤال الأوسع: كيف يمكن إدخال هذه التقنية بأمان إلى الجسم الحي وتوجيهها مباشرة نحو الأنسجة المصابة؟


الخطوة التالية: نحو العلاجات التطبيقية


الفريق في MIT يعمل حالياً على **تحسين كفاءة التوصيل داخل الأنسجة** وتطوير طرق أكثر دقة لضبط تفاعل الحمض النووي مع التسلسل الجديد. ويأمل الباحثون أن تسهم هذه النسخ الجديدة من المحررات الجينية في تطوير علاجات لاضطرابات نادرة مثل أمراض الدم الوراثية والمناعات الخلوية المزمنة.
كما يُتوقع أن يستفيد منها الباحثون في مجالات أوسع مثل فهم تطور الأورام واستجابة الخلايا للعلاجات الدوائية.

وهذا يربط بين الجانب التطبيقي والطموح البحثي الذي يسعى إلى جعل العلاج الجيني واقعاً يومياً لا مجرد فكرة مخبرية.

ذو صلة

خاتمة


يثبت هذا الإنجاز أن **هندسة الجينات الدقيقة** تتقدم بوتيرة أسرع مما نتخيل، وأن تقليص الأخطاء يفتح الباب لثقة أكبر في العلاج بالجينات. فبين مختبرات MIT والواقع الطبي، يبدو أن المستقبل القريب سيشهد ولادة جيل جديد من العلاجات التي تصلح الخلل من جذوره، بجراحة على مستوى الحرف الجيني الواحد.

ذو صلة