العلماء في صدمة… الإلكترونات تطلق عدًا تنازليًا قاتلًا يهدد الفضاء!

3 د
توصل فريق من مختبر لوس ألاموس إلى أن تراكم الإلكترونات يهدد الأقمار الصناعية.
يمكن للإلكترونات المتراكمة أن تطلق شرارات كهربائية تسبب تعطل الأقمار الصناعية.
يستخدم الباحثون تقنيات استشعار لتحديد الارتفاع في النشاط الإلكتروني قبل الأعطال.
تطوير هذه التقنيات قد يغير قواعد اللعبة في الصناعات الفضائية على المدى البعيد.
التحديات تتضمن الجانب المالي والتقني في تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر.
منذ عقود طويلة والمهندسون يواجهون لغز تعطل الأقمار الصناعية فجأة وكأنها أصيبت بعطب غير مبرر. الخسائر كانت فادحة، سواء من ناحية التكلفة أو توقف خدمات الاتصالات والملاحة. لكن الجديد أن فريقاً من «مختبر لوس ألاموس الوطني» بالولايات المتحدة توصل إلى تفسير علمي دقيق: المسألة تتعلق بتراكم الإلكترونات وإطلاقها بشكل صاعق خلال فترة زمنية قصيرة قد لا تتجاوز 45 دقيقة.
وهذا ما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول العلاقة بين الطقس الفضائي وسلامة الأجهزة الإلكترونية في المدار.
كيف يحدث العطل المفاجئ؟
عندما تدور الأقمار الصناعية حول الأرض، تمر بمناطق مختلفة من طبقة الغلاف المغناطيسي حيث تتفاوت كثافة الإلكترونات. هذا التفاوت يؤدي إلى تراكم شحنات كهربائية ببطء على سطح القمر الصناعي، ومع بلوغها حداً حرجاً تنفجر في صورة تفريغ كهربائي قوي يشبه الشرارة. مثل هذا التفريغ — الذي يعرف علمياً بـ"تفريغات بيئة الفضاء" — قادر على تدمير أنظمة التحكم أو تعطيل الاتصالات في لحظة.
وهذا الربط بين النشاط الإلكتروني والشرارات يذكّرنا بالحوادث السابقة مثل العاصفة الشمسية الشهيرة عام 1994 التي عطلت قمرين صناعيين كنديين.
إنذار مبكر قبل الكارثة
الباحثون استخدموا تقنيات استشعار مزدوجة على أحد الأقمار: جهاز يقيس حركة الإلكترونات وآخر يرصد الإشارات الراديوية. المدهش أنهم وجدوا أن 75% من الأعطال سبقتها زيادة حدة النشاط الإلكتروني قبل نصف ساعة إلى ثلاثة أرباع الساعة من لحظة الانفجار. هذه المدة الزمنية القصيرة قد تتحول في المستقبل إلى "عدٍّ تنازلي" يمنح المشغلين فرصة لاتخاذ إجراءات وقائية مثل إيقاف بعض الأجهزة أو تغيير مسار العمل بشكل مؤقت.
وهذا بدوره يفتح الباب أمام تطوير أنظمة إنذار مبكر متقدمة داخل الأقمار، قادرة على التنبؤ بالأعطال قبل وقوعها.
ما الذي يعنيه ذلك للصناعة الفضائية؟
إذا نجحت هذه التقنية في الانتشار، فإنها ستغير قواعد اللعبة بالنسبة لشركات الاتصالات، الملاحة، وحتى برامج الفضاء العسكرية والمدنية. مراقبة الإلكترونات بشكل مستمر يمكن أن يقلل من مخاطر الأعطال، ويخفض تكاليف الإصلاح والاستبدال، ويزيد من ثقة المستثمرين في تكنولوجيا الأقمار. لكن هذا يتطلب استثمارات جديدة وتعاوناً دولياً لمواجهة تحديات الطقس الفضائي المتقلب.
وهذا يرتبط بشكل مباشر بسباق الدول نحو تعزيز بنيتها التحتية الفضائية وضمان استقرار الخدمات التي تعتمد عليها الحياة اليومية على الأرض.
تحديات المستقبل
مع أن الاكتشاف يمثل خطوة مهمة، إلا أن تطبيقه على نطاق واسع قد يواجه صعوبات مالية وتقنية. فإضافة أجهزة مراقبة دقيقة داخل كل قمر تحتاج إلى تصميم متطور وتمويل مستمر. كما أن تقلب نشاط الشمس والأشعة الكونية يعني أن عنصر المفاجأة سيظل حاضراً. ومع ذلك، تبقى الفوائد المحتملة هائلة: عالم من الأقمار الصناعية يعمل بكفاءة أكبر وأمان أكبر.
ما خرجت به دراسة «لوس ألاموس» قد يضع حداً للغموض الذي لازم الأعطال غير المتوقعة لعشرات السنين. الفضاء سيبقى مليئاً بالتحديات، لكن إذا تمكن العلماء من تحويل هذا الاكتشاف إلى نظام عملي لإنذار مبكر، فإن مستقبل عمليات الملاحة والاتصالات عبر الأقمار الصناعية سيكون أكثر استقراراً وموثوقية. والسؤال المطروح الآن: هل سينجح القطاع الفضائي في استغلال هذه الفرصة قبل أن تضرب العاصفة القادمة أحد أقمارنا الحيوية؟