ذكاء اصطناعي

بالمتر والميكرون… الصين تخطط لقيادة رقائق الكم والتفوق على أميركا والغرب بحلول 2030

بالمتر والميكرون… الصين تخطط لقيادة رقائق الكم والتفوق على أميركا والغرب بحلول 2030
فريق العمل
فريق العمل

4 د

أطلقت الصين خطة وطنية للثورة في علم القياس تمتد حتى عام 2030، وتستهدف تحقيق أكثر من 50 اختراقاً تقنياً في هذا المجال.

تركز الخطة على تطوير تقنيات القياس للرقائق، الذكاء الاصطناعي، الكم، والمغناطيسات النادرة.

تشمل الخطة أيضاً قطاعات غير تقنية مثل الصحة، الغذاء، المناخ، والعدالة، مما يعكس طابعها الشمولي.

تأتي هذه الخطة بالتزامن مع جهود أميركية مماثلة لتعزيز ريادة واشنطن في تقنيات أشباه الموصلات.

في خطوة جديدة تؤكد طموحاتها التكنولوجية المتسارعة، أعلنت الصين عن خطة عمل وطنية مدتها خمس سنوات تهدف إلى إحداث ثورة شاملة في مجال "الميترولوجيا" – أي علم القياس الدقيق – بحلول عام 2030، مع التركيز على تقنيات الرقائق الإلكترونية والقياسات الكمومية، وهي مجالات حيوية تشكل جوهر التنافس التكنولوجي المحتدم بينها وبين الولايات المتحدة.


خطة طموحة لتعزيز القدرات في علم القياس

كشفت الإدارة الحكومية لتنظيم السوق في الصين عن خطة تحمل ملامح استراتيجية بعيدة المدى، تسعى إلى معالجة نقاط الضعف الأساسية في أنظمة القياس الوطنية. ووفقًا لما نشرته صحيفة "ساينس أند تكنولوجي ديلي" التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا، فإن الخطة تستهدف "نقاط الألم" التقنية التي تعيق تطوير صناعات حيوية، وتطمح إلى تحقيق اختراقات جوهرية في أكثر من 50 تقنية أساسية في مجال القياس.

وبحسب الخطة، تسعى بكين إلى تأسيس أكثر من 20 مرجعية معيارية عالمية المستوى في القياس، وتطوير ما لا يقل عن 100 أداة ومواد قياسية مبتكرة، مما يعزز مكانتها كقوة مرجعية في المجالات العلمية الدقيقة.


خلفية التوتر: القياس كساحة جديدة للمنافسة بين بكين وواشنطن

في السنوات الأخيرة، تحوّلت الميترولوجيا إلى ساحة صراع غير معلن بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم. فقد شدّدت واشنطن ضوابط تصدير الشرائح الإلكترونية المتقدمة لدواعٍ أمنية، في حين ردّت بكين بإجراءات مقابلة عبر فرض قيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة التي تمتلك فيها حصة سوقية شبه احتكارية.

ويكتسب علم القياس أهمية بالغة في هذه المعادلة، إذ يُعد أساسًا لضمان جودة التصنيع، خاصة في الصناعات المتقدمة كأشباه الموصلات والمجالات الدفاعية، ويعتمد عليه كل من القطاعين العام والخاص لتحقيق التنافسية العالمية.


أولويات علمية تشمل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمومية

تتضمن الخطة الجديدة مجالات بحث متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، تقنيات الاستشعار المصغرة، الروبوتات، التصنيع الإضافي، وطرق القياس المتقدمة. إلا أن التركيز الأبرز ينصب على تطوير أجهزة قياس كمومية، مثل الجيروسكوبات الكمومية المخصصة للملاحة، والتي تتيح مستويات غير مسبوقة من الدقة في تحديد المواقع.

وتسعى الصين إلى تجاوز حدود القياسات التقليدية عبر تطوير أجهزة مرجعية كمومية قابلة للتوزيع، تُعد من الجيل الجديد في علم القياس، بما يعزز دقتها ويقلل من الاعتماد على الأنظمة الغربية المهيمنة حاليًا.


من رقائق النانو إلى المغناطيسات النادرة: خطة ذات أبعاد صناعية استراتيجية

تولي الخطة اهتمامًا خاصًا بقياس مكونات الرقائق الإلكترونية الدقيقة، بما يشمل الدوائر المتكاملة على مستوى النانو، وقياسات شرائح الشبكات العصبية، وتقنيات مشط التردد الضوئي المصغر المستخدمة في تحديد ترددات الضوء الدقيقة.

وفي سياق متصل، تشمل الخطة تطوير أدوات قياس دقيقة للمغناطيسات النادرة، وهي مكونات حيوية تُستخدم في السيارات الكهربائية والإلكترونيات والأسلحة المتقدمة. ويأتي ذلك في وقت حساس بعد أن قررت بكين إضافة سبعة من عناصر المعادن النادرة إلى قائمة صادراتها الخاضعة للرقابة، كرد مباشر على الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة.


موازاة مع جهود أميركية مماثلة

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة الصينية تأتي بعد أقل من عام على إطلاق الولايات المتحدة مبادرة موازية عبر مكتب "CHIPS for America"، التابع لوزارة التجارة الأميركية، وهو برنامج أُنشئ بموجب قانون الرقائق والعلوم لعام 2022 لتعزيز ريادة أميركا في أبحاث وتصنيع أشباه الموصلات.

مع تزايد تعقيد مكونات الرقائق وتقلص أحجامها، باتت تقنيات القياس الدقيقة أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان الجودة والتفوق التكنولوجي. وتُظهر هذه الدينامية بوضوح أن الميترولوجيا باتت اليوم عنصراً أساسياً في المنافسة العالمية على المستقبل الصناعي.


مجالات متعددة تستفيد من التوسع في القياس

ذو صلة

لا تقتصر آثار هذه الخطة على قطاع التكنولوجيا فحسب، بل تشمل قطاعات أخرى حيوية مثل الصحة، مراقبة البيئة، التجارة الدولية، التغير المناخي، الأمن الغذائي، والعدالة الجنائية. وتُعَد هذه التوسعة بمثابة ركيزة لتحديث البنية التحتية العلمية للصين، ووضعها في موقع قيادي عالمي بحلول العقد المقبل.

في نهاية الأمر، تكشف هذه الخطة الصينية عن تحول استراتيجي هادئ ولكن بالغ الأهمية في سباق الهيمنة التكنولوجية، حيث لم تعد المنافسة تقتصر على امتلاك المصانع أو براءات الاختراع، بل باتت تدور حول من يستطيع قياس العالم بدقة أعلى، وبأدوات أكثر تقدمًا. وإذا ما نجحت الصين في تنفيذ هذه الرؤية، فإنها قد تُعيد رسم خريطة النفوذ العلمي والصناعي لعقود قادمة، وتزعزع التفوق التقليدي للغرب في مجالات التقنية المتقدمة.

ذو صلة