ترامب يريد قتل مشروع ‘نانسي غريس رومان’.. هل يُسدل الستار على أعظم مهمة فضائية في عصرنا؟

4 د
تشير التقارير إلى خطط إدارة ترامب لإلغاء تلسكوب "نانسي غريس رومان" الفضائي.
هذه ليست المرة الأولى لمحاولة إيقاف التمويل لهذا التلسكوب المهم.
التلسكوب جاهز للإطلاق في 2026 بتكلفة حوالي 3,5 مليار دولار.
خفضت خطة الميزانية 2026 ميزانية فيزياء الفضاء بنسبة كبيرة.
يثير قرار الإلغاء قلق الباحثين حول مستقبل أبحاث الفضاء الأمريكية.
في خطوة أثارت استغرابًا واسعًا في الأوساط العلمية، كشفت تقارير حديثة أن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تخطط لإنهاء مشروع أحد أهم التلسكوبات الفضائية في تاريخ استكشاف الكون، وهو تلسكوب "نانسي غريس رومان" الفضائي، على الرغم من تطوراته الكبيرة واقترابه الكبير من موعد إطلاقه.
محاولة جديدة ضمن محاولات سابقة
لا تُعد هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها إدارة الرئيس ترامب قراراً من هذا النوع؛ فبحسب ما نشر مؤخراً، فإن هذه هي المرة الرابعة التي تحاول فيها الإدارة قطع التمويل عن هذا التلسكوب الفضائي الضخم، والذي يُنظر إليه باعتباره قفزة نوعية في أبحاث الفلك واستكشاف أعماق الكون.
وكانت المحاولات السابقة لإلغاء المشروع قد فشلت في كل مرة، بفضل جهود الكونغرس الأمريكي الداعم بشكل قوي ومستمر للعلوم والاستكشافات الفضائية، حيث أظهر المشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري التزامهم بمواصلة دعم المشروع وتمويله حتى اكتماله.
ماذا نعرف عن تلسكوب "نانسي غريس رومان"؟
هذا التلسكوب، الذي أصبح جاهزًا تقريبًا للإطلاق في خريف 2026، تقدر تكلفته بنحو 3.5 مليار دولار، وهو يُصنّف ضمن أكبر وأهم الأدوات العلمية الفضائية التي ابتكرتها البشرية حتى الآن. وتصفه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بأنه قادر على إحداث نقلة نوعية في فهمنا للكون، وذلك بفضل امتلاكه مجالَ رؤيةٍ أوسع بنحو 200 مرة من تلسكوب "هابل" الفضائي، مع قدرة هائلة على التصوير بالأشعة تحت الحمراء.
ويمتاز التلسكوب الجديد بأنه مجهز للبحث عن كواكب خارج المجموعة الشمسية (إكسوبلانتس)، إضافة إلى دراسة ظاهرة الطاقة المظلمة التي لا يزال العلماء يحاولون فك لغزها، وفهم أثرها في اتساع الكون بشكل مطرد.
"الإلغاء" وانعكاساته الخطيرة على البحث العلمي
لكن المقترح الجديد ضمن ميزانية 2026، والذي سُرِّب مؤخراً، يُشير إلى خفض كبير جداً في ميزانية قسم الفيزياء الفلكية التابع لناسا، لتصل إلى ثلث قيمتها الحالية فقط. واللافت تضمن هذا المقترح بنداً يخص بوضوح عدم منح أي تمويل لأي تلسكوب فضائي عدا التلسكوبين الشهيرين، وهما تلسكوبا "جيمس ويب" و"هابل".
هذا المقترح يزيد من مخاوف المختصين؛ إذ يعتبر العلماء تلسكوب نانسي غريس رومان خيارًا مكملاً وليس بديلاً، حيث سيعمل إلى جانب "جيمس ويب" و"هابل" لتعزيز وتوسيع استكشافنا للكون، ولتكوين فهم أشمل لطريقة عمل الطاقة المظلمة وكيفية تطور المجرات في هذا الكون الهائل. ومما يزيد من أهمية هذا المشروع هو احتواء التلسكوب على تقنية حديثة تسمى "كورونوغراف"، تعمل على حجب ضوء النجوم لتسهيل رصد ودراسة الكواكب البعيدة بشكل مباشر، الأمر الذي من شأنه تعميق فهمنا لإمكانية وجود حياة في أنظمة شمسية أخرى.
تصاعد المخاوف وتوتّر في الأوساط العلمية
تسبب خبر اقتراح إلغاء التلسكوب، وكذلك التخفيض الكبير لميزانيات أبحاث الفضاء، في حالة من القلق الشديد في الوسط العلمي والأكاديمي في الولايات المتحدة وحول العالم. وعبّر كثير من الباحثين عن استنكارهم لهذا القرار، الذي اعتبروه ضربة للمشروعات العلمية الكبرى وجهود استكشاف الفضاء، والتي استغرقت عقودًا من التخطيط والتنسيق والتمويل.
كما حذر العلماء من أن قرار إلغاء مشروع بهذا الحجم لا يُعد مجرد خسارة اقتصادية فقط، بل يُمثل أيضاً خسارة فادحة على الصعيد العلمي والاستراتيجي، وقد يكون له تبعات سلبية طويلة المدى على مستقبل العلوم واستكشاف الكون.
تداعيات واسعة من "إلغاء رومان" إلى إيقاف بعثات أخرى
الأمر لا يقتصر على تلسكوب "نانسي غريس رومان" فحسب، بل إن مشروع الميزانية المقترحة يمنع أيضًا تمويل البعثة المزمع إرسالها لكوكب الزُهرة لرصد مناخها وظروفه، إضافة إلى تقليص مهام أخرى متعلقة بدراسة التغير المناخي على كوكبنا. ويشير محللون علميون وخبراء إلى أن مثل هذه القرارات قد تؤثر سلبًا على الريادة الأمريكية في مجال البحث العلمي واستكشاف الفضاء، وتمنح الفرصة لدول أخرى لتصدر هذه الساحة الحيوية.
يبقى السؤال مفتوحًا
في النهاية، تظل آمال العلماء والمختصين معلقة على موقف الكونغرس الأمريكي، الذي تصدى سابقاً لمثل هذه المقترحات وعمل على توفير الدعم اللازم لاستمرار المشروعات العلمية الكبرى. وبينما يستعد التلسكوب الكبير لإطلاق رحلته التاريخية المرتقبة، يظل مصير واحد من أهم أدوات معرفة البشرية معلقًا بقرار سياسي، قد يكون له تأثير هائل على مستقبل العلم وقدرتنا على فهم الكون من حولنا.