خريجو اليوم، عاطلو الغد؟ الجامعات تتراجع أمام زحف الذكاء الاصطناعي

3 د
يواجه العديد من خريجي جيل "Z" صعوبة في تقدير قيمة شهاداتهم بسبب الذكاء الاصطناعي.
تشعر الأجيال الجديدة بضغوط التكيف مع الأنظمة الذكية الحديثة في سوق العمل.
لاحظت الشركات تغيرًا في التوظيف، وأصبحت تركز على المهارات الجديدة اللازمة.
توفر الشركات برامج تدريبية لتزويد الموظفين بمهارات الذكاء الاصطناعي.
يشمل الحل التكيف مع الواقع الجديد ودمج المهارات التعليمية والتكنولوجية.
أتذكرون حين كان الحصول على شهادة جامعية بمثابة الخطوة الأولى على طريق النجاح والتألق الوظيفي؟ تلك الأيام التي كنا نعتقد فيها أن ساعتنا في الجامعة وقاعات الدراسة ستفتح لنا أبواب المستقبل واسعة؟ يبدو أن الواقع قد تغير اليوم، أو على الأقل هذا ما يعتقده جيل كامل من الشباب حديثي التخرج من أبناء الجيل "Z" أو ما يُعرف بالـ "جين زي".
الذكاء الاصطناعي يدفع بالخريجين إلى التشكيك بقيمة شهاداتهم
نتائج استطلاع أخير صدر عن موقع التوظيف الأمريكي المعروف "Indeed" أثارت الكثير من الحديث؛ فحوالي نصف الشباب حديثي التخرج من جيل "Z" يشعرون بأن شهاداتهم الجامعية باتت بلا قيمة، والسبب؟ طبعاً، الذكاء الاصطناعي، الذي دخل عالم التوظيف بقوة وغير قواعد اللعبة.
عندما بدأ الحديث عن أدوات مثل "ChatGPT" وغيرها في اقتحام سوق العمل، تغيرت النظرة لشهادة الجامعة، وتساءل الكثيرون من الشباب المتخرج حديثاً: "هل يا ترى كانت تلك السنوات من العمر والأموال التي أنفقناها لتحقيق هذا الإنجاز بلا فائدة؟".
فجوة الأجيال واضحة عند الحديث عن الذكاء الاصطناعي
المثير للاهتمام هنا هو التباين الواضح بين الأجيال المختلفة في نظرتهم لتأثير الذكاء الاصطناعي. إذا نظرنا إلى الجيل الأسبق، أي "الميلينيالز"، نجد أن ثلثهم فقط يشعرون أن شهاداتهم الجامعية أصبحت بلا قيمة في مواجهة الآلات الذكية الجديدة. بينما لا يشعر سوى واحد من كل خمسة من "جيل الطفرة" (البومرز) بهذا الإحباط.
هذا يعني أن الأجيال الأصغر سنًا هي التي تستشعر الضغوط الكبرى، وترى مسيرتها التعليمية والشهادة التي حصلت عليها بشق الأنفس تتراجع أمام القدرات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، ومن جانب آخر أشار بعض كبار الشخصيات في سوق العمل إلى هذه الفكرة فقد صّرح بيل غيتس بأنّ الذكاء الاصطناعي سيحلّ مكان الأطباء والمعلمين خلال عقد واحد.. والبشر “لن يكونوا ضروريين في معظم المهام، وأنّ المبرمجين وخبراء الطاقة وعلماء الأحياء في مأمن.
الدرجات الجامعية لم تعد أولوية في سوق العمل
والأمر لا يتوقف عند مشاعر الشباب فحسب. إنما نجد أن الشركات والمشغلين بدأوا بالفعل بالتخلي عن شرط الحصول على شهادة جامعية لأغلب الوظائف التي يستحدثونها؛ ففي التقرير نفسه، ذكرت الإحصائيات أن الشركات التي تضع الحصول على شهادة جامعية كشرط التوظيف بدأت تتراجع تدريجيًا، وأصبح هناك تركيز واضح على الشباب الذين يملكون قدرات التعامل والعمل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا الصدد تؤكد لينسي فاغان وهي مستشارة استراتيجية من موقع التوظيف Indeed:
"كل وظيفة تقريبًا منشورة الآن ستتأثر بشكل أو بآخر بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وبدلاً من الاشتراط على المتقدمين امتلاك شهادات جامعية، أصبحت الشركات تُفضل من لديهم القدرة والمهارات اللازمة لفهم واستخدام هذه الأنظمة"
برامج تدريبية خاصة للموظفين لسد هذه الفجوة
لاحظت الشركات العملاقة في التكنولوجيا مثل "جوجل" و"مايكروسوفت" هذا التغير الكبير، فسارعت إلى توفير منصات وبرامج تدريبية مجانية تستهدف الموظفين الحاليين والجدد، وتساعدهم على فهم الأساسيات والتعايش مع واقع العمل الجديد.
على سبيل المثال، شهدت منصة التعليم "أوريلي" إقبالاً غير مسبوق، فقد أصبح عدد الموظفين الراغبين في تعلّم مهارات مثل "هندسة الأوامر" (Prompt Engineering) والتعلم الآلي يتضاعف أربع مرات مقارنة بالأعوام السابقة.
وقفة مع المستقبل: إما التكيف أو التخلف عن الركب
إذاً، ما الحل أمام الشباب الخريجين الجدد وكل من يُواجه الضغط في سوق العمل؟ يعتقد الخبراء أن الحل هو ببساطة "التكيف مع الواقع الجديد". لا يُقصد بهذا أن التخلص من الشهادة الجامعية هو الحل، بل يجب أن يسعى الشباب لدمج ما تعلموه في الجامعة مع المهارات الجديدة المطلوبة للعمل إلى جانب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
توضح فاغان هذه الفكرة قائلةً:
"المسألة الآن لا تتعلق بامتلاك شهادة أو وثيقة، وإنما بإظهار قدرتك على الاندماج مع التقنية وتوظيفها لخدمة العمل ومواكبة مستقبل سوق التوظيف"
ختامًا، ربما يكون من المؤلم الشعور بأن سنوات الدراسة الطويلة والمكلفة تبدو وكأنها تتراجع من حيث القيمة في عالم يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي، لكن يبقى الأمل قائمًا في قدرتنا على التأقلم والتطور والتدريب، لتكون الشهادة الجامعية بداية الرحلة وليست نهايتها.