ذكاء اصطناعي

خلية عصبية من صنع الإنسان تتفاعل مع الدماغ كما لو كانت جزءًا منه!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ابتكر باحثون عصبونًا صناعيًا يشابه خلايا الدماغ، يستهلك طاقة منخفضة للغاية.

يعتمد العصبون الجديد على أسلاك نانوية بروتينية من بكتيريا *Geobacter sulfurreducens*.

يتطلب العصبون جهدًا كهربائيًا شبه معدوم لتحاكي العصبية الطبيعية وتعزيز الذكاء الاصطناعي.

توفر التقنية الجديدة إمكانيات طبية وتقنية واعدة، تجمع بين الإلكترونيات والبيولوجيا.

تعزيز البحث قد يسهم في استحداث أجيال من الحواسيب الحيوية الموفرة للطاقة.

في خطوة لافتة تقرّب الحوسبة من البيولوجيا، أعلن فريق من جامعة ماساتشوستس الأمريكية عن تصميم **عصبون صناعي** يعمل بجهد منخفض جداً ويشبه إلى حد كبير الخلايا العصبية الطبيعية في الدماغ، ما قد يمهّد لعصر جديد من **الحواسيب الحيوية الموفّرة للطاقة**.

يعتمد الابتكار على أسلاك نانوية بروتينية مستخلصة من بكتيريا منتجة للكهرباء تُعرف باسم *Geobacter sulfurreducens*، وهي مادة غريبة استطاع المهندسون تحويلها إلى مكوّن إلكتروني يحاكي قدرات الخلايا العصبية في إرسال الإشارات واستقبالها. ما يميز هذا العصبون الجديد أنه يستهلك طاقة أقل بمئة مرة من المحاولات السابقة، ولا يتطلّب جهداً كهربائياً أعلى من 0.1 فولت، وهو نفس جهد العصبونات الطبيعية.

وهذا يربط الاكتشاف مباشرة بالسعي العالمي نحو تقنيات **الذكاء الاصطناعي منخفض الطاقة**.


كفاءة غير مسبوقة مستوحاة من الدماغ

يشير الباحث شواي فو، المؤلف الرئيس للدراسة المنشورة في مجلة *Nature Communications*، إلى أن الدماغ البشري يستهلك نحو 20 واطاً فقط لتشغيل مليارات العصبونات، في حين قد يحتاج نموذج لغوي ضخم مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة إلى أكثر من ميغاواط لأداء مهام مشابهة في تحليل اللغة أو كتابة النصوص. بهذا المعنى، يحاول الفريق الهندسي استلهام مبدأ **الكفاءة الحيوية** وتطبيقه في بنية الحوسبة الإلكترونية.

يرتبط هذا النهج بما يُعرف بالحوسبة العصبية الحيوية، وهي محاولة لتقليد آلية معالجة المعلومات في الدماغ كي تصبح الحواسيب المستقبلية أسرع وأكثر ذكاءً و«حيوية» في تفاعلها مع البيانات.


تطبيقات طبية وتقنية واعدة

من بين الرؤى المستقبلية للمشروع تطوير أجهزة إلكترونية يمكنها التواصل مباشرة مع الأنسجة الحية دون الحاجة إلى مكبرات أو دوائر تضخيم معقدة. يقول البروفيسور جون ياو، المشرف على البحث، إن الأنظمة القابلة للارتداء اليوم تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة لأن إشارات الجسم ضعيفة جداً وتتطلب تعزيزاً قبل تحليلها رقمياً. أما باستخدام العصبونات منخفضة الجهد، فيمكن للأجهزة الحيوية أن «تسمع» الجسد كما يسمع الدماغ نفسه نبضاته العصبية.

وهذا يفتح الباب لأفكار جديدة تتقاطع مع **الطب الحيوي** و**الهندسة العصبية**، حيث يمكن استخدام هذه التقنية لتصميم واجهات دماغية أو أجهزة استشعار تعمل بالتوصيل المباشر مع الخلايا العصبية الطبيعية.


من الهواء إلى الطاقة: حكاية الأسلاك البكتيرية

ذو صلة

يُذكر أن الفريق نفسه سبق أن استخدم هذه الأسلاك البروتينية لتصنيع أغشية حيوية تستمد الطاقة من العرق، وأنوف إلكترونية قادرة على كشف الأمراض، بل وحتى أجهزة تولّد طاقة نظيفة من الهواء الرطب. والآن يعود العلماء بهذه المادة العجيبة لتكون الركيزة الأساسية لعصبون صناعي «يتحدث» بلغة الدماغ الحقيقية.

بهذه الخطوة يقترب حلم الدمج بين الإلكترونيات والبيولوجيا خطوة إضافية، مؤشراً إلى مستقبل قد تتلاشى فيه الحدود بين التكنولوجيا الحية وتلك المصنوعة بأيدينا. وربما يكون هذا العصبون الاصطناعي البسيط اليوم هو النواة التي ستولَد منها **أجيال الحواسيب الحيوية** التي تفكر وتتعلم كما نفعل نحن، ولكن بطاقة أقل بألف مرة.

ذو صلة