ذكاء اصطناعي

ذهب يختبئ في ركبة امرأة… هل تخفي أجسادنا معادن نفيسة؟

محمد كمال
محمد كمال

4 د

اكتشفت امرأة كورية خيوط ذهب مغروسة في ركبتيها بعد تجربة علاجات بديلة.

التصوير بالأشعة كشف تراكمًا لخيوط الذهب، من استخدام الوخز بخيوط الذهب.

يحذر الأطباء من مخاطر خيوط الذهب مثل الالتهابات وتكوّن الأكياس الدهنية.

معدن الذهب يمكن أن يعيق قراءة الأشعة ويمنع الرنين المغناطيسي مستقبلاً.

القصة توضح أهمية التأكد من أمان العلاجات البديلة وأخطارها المحتملة.

هل تخيلت يوماً أن تلجأ امرأة إلى المستشفى بسبب آلام في الركبة، ليكشف لها التصوير بالأشعة عن مفاجأة مذهلة: مئات من خيوط الذهب مغروسة داخل مفاصلها؟ هذه الحكاية الفريدة حدثت بالفعل لامرأة كورية جنوبية في الخامسة والستين من العمر، لتفتح الباب أمام أسئلة مهمة حول حدود الطب البديل وأمانه عندما يعجز الطب التقليدي عن علاج آلام المفاصل المزمنة.

في البداية، كانت القصة تقليدية إلى حد كبير. السيدة أصيبت بالفُصال العظمي في الركبة، وهو نوع من التهاب المفاصل التنكسي الذي يصيب الكثيرين مع التقدم في السن. الفُصال العظمي يسبب أوجاعًا قوية وتيبسًا في المفصل، وكان علاجها يعتمد على المسكنات والأدوية المضادة للالتهابات إضافة إلى حقن الستيرويدات مباشرة في مفصل ركبتها. لكن مع استمرار الألم ودخول مشاكل المعدة كآثار جانبية للأدوية، وجدت نفسها تبحث عن الحل في مكان آخر. هنا يأتي الربط مع رحلة العديد من مرضى المفاصل الذين يجرّبون طرق الطب التكميلي حين تفشل العلاجات المعتادة.

اتجهت السيدة بعد يأسها من الأدوية إلى الوخز بالإبر – الطب الآسيوي العريق المعروف بتقنية الإبر الرفيعة لتحفيز نقاط الطاقة في الجسم. ولكن المفاجأة لم تكن في مجرد الوخز نفسه، بل في نوع خاص من الوخز يُدعى "الوخز بخيوط الذهب". في هذا الأسلوب، تُغرس خيوط قصيرة من المعدن الذهبي داخل النسيج حول المفصل وتترك هناك بقصد التحفيز المستمر للأعصاب ومنطقة الألم. ازدادت جلساتها من مرة أسبوعيًا إلى عدة مرات في الأسبوع عندما اشتدت المشكلة، مما أدى في النهاية إلى تراكم مئات الخيوط الصغيرة داخل ركبتيها—الأمر الذي كشفه التصوير بالأشعة لاحقاً. هكذا يتضح كيف يقع الكثيرون أسرى لوعود العلاجات البديلة عندما يقف الألم عائقًا أمام الحياة الطبيعية.


مخاطر الوخز بخيوط الذهب: هل الفوائد تستحق المجازفة؟

إذا كانت فكرة ترك مواد معدنية داخل الجسد تثير قلقك، فأنت لست وحدك. الأطباء الذين شخصوا حالتها حذروا من أن هذه التقنية لا تخلو من مخاطر؛ إذ أن إبقاء تلك الخيوط الذهبية قد يتسبب في تكوّن أكياس دهنية أو حتى التهابات عميقة تحت الجلد كما ورد في حالات سابقة. إضافة لذلك، يلفت الخبراء إلى احتمال هجرة الخيوط ببطء عبر الأنسجة، فغالبيتها قد لا تبقى في موقع الزرع، بل تتحرك وتسبب مضاعفات كالإصابات الموضعية أو العدوى مثل حالة سيدة أخرى انتقلت فيها إحدى هذه الخيوط من ظهرها إلى ساقها خلال عشرة أعوام، مسببة التهابًا شديدًا يُعرف باسم التهاب النسيج الخلوي. وهكذا يتضح أن بعض العلاجات البديلة، رغم أنها تبدو بريقًا، يمكن أن تحمل آثارًا جانبية خطيرة يصعب علاجها لاحقاً، خاصة إذا قورنت بالطرق التقليدية مثل المضادات الحيوية أو الأدوية الموجهة.

وفي سياق متصل بمخاطر العلاجات البديلة، يحذر الأطباء من أن معدن الذهب في هذه الخيوط قد يصعّب قراءة صور الأشعة ويمنع المريض حتى من إجراء صور بالرنين المغناطيسي مستقبلاً، بسبب احتمال حركة المعدن وإحداث جرح في الأوعية الدموية القريبة. وهذه تفاصيل تقنية ضرورية ينبغي توعيتها للمرضى الراغبين بخوض تجارب مثل وخز الذهب سعياً وراء الراحة من أمراض التهاب المفاصل، سواء الفُصال العظمي أو الروماتويد.

وهذا يربط بين انتشار تقنيات الطب الشرقي والطبيعة البشرية التي تلهث وراء علاج سحري للآلام المزمنة، دون النظر أحياناً لخطورة النتائج بعيدة المدى.


بين الوهم والواقع: فعالية "خيوط الذهب" في معالجة ألم المفاصل

الغريب في الأمر أن استخدام خيوط الذهب لعلاج آلام المفاصل، سواء في حالات الفصال العظمي أو التهاب المفاصل الروماتويدي، منتشر بدرجة لافتة في بعض البلدان الآسيوية، ومع ذلك تشير الدراسات إلى غياب الأدلة العلمية التي تؤكد فعاليته. بل أن بعض الحالات أظهرت أن الاعتماد على هذه الأساليب قد يكون سببًا في تدهور المرض من خلال تأخير تلقي علاجات فعّالة معروفة علميًا مثل مضادات الروماتويد، مما يفتح الحديث عن أهمية التوازن بين الطب التكميلي والمسار العلاجي التقليدي.

ومن الأمثلة البارزة، امرأة أخرى في كوريا الجنوبية لجأت لنفس العلاج الذهبي لمعالجة التهاب روماتويدي في معصمها، ومع مرور الوقت ساءت حالتها قبل أن تشرع في تناول الأدوية المناسبة. الخبراء يحذرون من أن الانخداع ببريق العلاجات البديلة قد يؤخّر التدخل الطبي الصحيح، وهو ما قد يدفع المرض لمضاعفات يصعب السيطرة عليها لاحقًا.

ذو صلة

هذا الجدل حول جدوى ومخاطر زرع خيوط الذهب في الجسد يعيدنا إلى ضرورة الوعي الجسدي، والحرص على استشارة الأطباء قبل تبني علاجات تحمل طابع المغامرة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمشاكل المفاصل المزمنة.

في المحصلة، قصة السيدة الكورية مع "خيوط الذهب" تكشف كيف تدفعنا المعاناة المستمرة أحياناً نحو طرق غير آمنة في البحث عن الشفاء، وتذكّرنا بحكمة اختبار أي علاج جديد وفق معايير الطب الحديث. فبين الرغبة الطبيعية في التخلص من الألم والاعتماد على تجارب موثوقة، تكمن مسؤولية المريض ومقدمي الرعاية الصحية معًا في اتخاذ قرارات متوازنة تضمن سلامة المفاصل وصحة الجسم على المدى الطويل.

ذو صلة