رحلة صيفية تتحول إلى اكتشاف أثري مذهل: كنز عمره 1800 عام في بولندا

3 د
عثر أصدقاء في بولندا على كنز ذهبي وفضي عمره 1800 عام.
بدأ الاكتشاف عندما بحث فريق "دينار كاليش" عن بقايا الحرب العالمية.
وجد الفريق 630 قطعة أثرية، منها عملات من إنجلترا والمجر وألمانيا.
أُكتشفت قلادة ذهبية تزن 222 غرامًا تعود إلى العصر الروماني.
التحول من هواة للكشف إلى حُراس تاريخ يعيد فهم النقل الثقافي القديم.
في مشهد أقرب إلى القصص الأسطورية، تحولت مغامرة صيفية جماعية إلى اكتشاف أثري مذهل في بولندا، بعدما عثر مجموعة من الأصدقاء على كنز ذهبي وفضي مدفون منذ ما يقرب من ألفي عام.
انطلقت المغامرة عندما قرر فريق من الهواة يُطلق على نفسه اسم "دينار كاليش" الخروج بأجهزة الكشف عن المعادن قرب مدينة كاليش بحثاً عن بقايا صواريخ ألمانية من الحرب العالمية الثانية، لكن المفاجأة كانت أكبر من التوقعات؛ إذ أظهرت الأرض ما كانت تخبئه منذ قرون طويلة—جرار خزفية مليئة بقطع نقدية وأوانٍ فضية ومجوهرات رومانية نادرة.
وهذا يربط مجرى الأحداث بين الهواية البسيطة والطموحات الكبيرة لاكتشاف التاريخ القديم في واحدة من أهم مناطق بولندا الأثرية.
اكتشاف يقلب الموازين
في السابع من يونيو، تمكن أحد أعضاء الفريق ويدعى هوبرت بياسيكي من استخراج أول جرة تضم أكثر من 630 قطعة أثرية من بينها عملات معدنية من إنجلترا والمجر وألمانيا والتشيك، وسبائك فضة وأساور مزخرفة بدقة مذهلة. الغريب أنّ إحدى العملات تعود لعهد الملك الإنجليزي هارولد الأول، ما يضيف بعداً أوروبياً واسعاً للاكتشاف.
تدريجياً، انضمت السلطات إلى الجهود المحلية، وبدأ الفريق التعاون مع هيئة حفظ الآثار البولندية لضمان صون القطع وحمايتها. ويقول رئيس الفريق، برزيميسلاف كورووياك، إنهم يمارسون هذا النشاط بدافع الشغف ليس أكثر، لكن ما جرى يفوق كل أحلامهم السابقة.
ومن هنا انتقل الاهتمام من نطاق محلي إلى حديث دولي واسع، مع تزايد التفاعل من متابعين من الولايات المتحدة وأوروبا المهتمين بتاريخ أوروبا الوسطى.
جرة ثانية وكنز ذهبي مدهش
بعد أسابيع قليلة فقط، جاءت المفاجأة الثانية. فقد اكتشف العضو ميخاو ماكوه جرة مغلقة بإحكام لم تُفتح بعد، لكن فحوص الأشعة أظهرت احتواءها على عدد كبير من القطع الفضية العائدة إلى بدايات العصور الوسطى. وبينما كان الفريق يستعد لدراسة محتوياتها، وقعت المفاجأة الأكبر حين عثر أحد الأعضاء، ماتيـوش لاتشوفتش، على قلادة ذهبية تزن 222 غراماً يُعتقد أنها تعود إلى ما يقارب 1800 عام من الفترة الرومانية.
وهذا الاكتشاف الذهبي ربط بصورة مباشرة بين النفوذ الروماني القديم في المنطقة وطرق التجارة التي كانت تمر عبر وسط أوروبا، ما فتح باباً جديداً لفهم تحركات الشعوب والثقافات القديمة في تلك الحقبة.
من هواة إلى حراس للتاريخ
بمرور الأيام تحوّل الفريق من مجرد مجموعة تستمتع بتتبع بقايا الحرب إلى منقذين لتاريخ مدفون. فصفحتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر القلادة الذهبية كما عُثر عليها، لامعة رغم مرور القرون، بينما وُصفت من قِبل خبراء الآثار بأنها "أحد أهم الاكتشافات في بولندا الحديثة".
وقال كورووياك بفخر:
"ما قمنا به يمنحنا الثقة بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، فكل قطعة نكتشفها تحكي قصة كانت مطموسة منذ زمن".
وهذا يقود إلى الخاتمة الطبيعية لتلك المغامرة الفريدة.
ما بدأ كهواية ميدانية بسيطة للكشف عن بقايا الحرب تحوّل إلى رحلة لاكتشاف التاريخ الأوروبي القديم. ففي باطن أرض بولندا اختبأت شواهد على تلاقح الثقافات الإنسانية عبر القرون، وانتظر هذا الكنز الطويل حتى جاء فريق من الهواة ليعيده إلى الضوء ويذكّر العالم بأن التاريخ أحياناً يظهر في أكثر الأماكن غير المتوقعة.