ذكاء اصطناعي

روبوت يمشي من تلقاء نفسه… دون أسلاك أو شيفرة أو تحكم بشري!

روبوت يمشي من تلقاء نفسه… دون أسلاك أو شيفرة أو تحكم بشري!
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

طور علماء اسكتلنديون روبوتًا مرنًا ثلاثي الأبعاد يمكنه المشي دون تحكم بشري مباشر.

يعتمد الروبوت على طابعة ثلاثية الأبعاد منخفضة التكلفة باسم "فليكس برنتر".

تم التغلب على تحديات تقنية مادة TPU لإنشاء بنية خالية من العيوب.

يستخدم الروبوت مذبذب الحلقة الهوائية للحركة بدلاً من المحركات التقليدية.

عندما نتحدث عن الروبوتات، تتبادر إلى أذهاننا أجهزة معقدة مغطاة بالأسلاك وشرائح الحاسوب التي تتحكم في كل حركتها. لكن هذه الصورة التقليدية على وشك التغيّر كليًا بفضل ابتكار مذهل كشف عنه مؤخراً علماء اسكتلنديون من جامعة إدنبرة. فقد طوروا روبوتاً ثلاثي الأبعاد مصنوعاً من مادة ناعمة قادر على المشي بمفرده —من دون أسلاك، أو رمز برمجي أو أي تحكم بشري مباشر.

ويأتي هذا التطور اللافت باستخدام منصة مفتوحة المصدر تعرّف باسم "فليكس برنتر" (Flex Printer)، وهي طابعة معتمدة على مكونات تجارية متوفرة بسهولة. في السابق، كانت الطابعات المستخدمة لصنع روبوتات مشابهة باهظة ومعقدة، لكن هذه الطابعة تتميز بسعرها المعقول الذي لا يتجاوز 500 دولار. وتستخدم الطابعة مادة تسمى "البولي يوريثان الحراري" والمعروفة اختصاراً بـ TPU، وهي مادة مرنة يتم تشكيلها في طبقات، مما يتيح إنتاج روبوت مرن وسلس الحركة.

لكن تحقيق هذه النتيجة المبهرة لم يكن بالأمر السهل. إحدى الصعوبات التقنية كانت طبيعة مادة TPU التي تميل للترهل أو الانثناء أثناء الطباعة. لذلك لجأ العلماء لابتكار حلول مبدعة؛ فاستخدموا خيطاً بقطر أوسع ليقللوا من التحدب والانثناء في المادة، كما قاموا بعكس اتجاه الطباعة لاستغلال الجاذبية الأرضية في تثبيت طبقات الروبوت وتعزيز البنية دون أي عيوب هيكلية—ليخرج الروبوت في النهاية مباشرة من آلة الطباعة جاهزاً للحركة.

وهذا يقودنا إلى سر الحركة الفريدة لهذا الروبوت؛ فبدلاً من الاعتماد على محركات كهربائية أو إلكترونيات معقدة، قام الفريق بتفعيل حركة الروبوت من خلال آلية بسيطة وأنيقة تسمى "مذبذب الحلقة الهوائية"، حيث يتم ضخ تيار هوائي نابض داخل الروبوت لتفعيل القدمين والسيقان وتحريكها بشكل فعال. هذه الطريقة تسهّل عمل الروبوت وتحافظ على بساطة تصميمه، وهو ما يجعله مثالياً للعمل في بيئات قاسية وصعبة، مثل تنفيذ مهمات البحث والإنقاذ أو استكشاف المناطق الخطرة.

وبالرغم من أن النسخة الحالية هي نموذج أولي بالدرجة الأولى، فإن التطبيقات المحتملة لهذا الابتكار واسعة النطاق. على سبيل المثال، يمكن الاستعانة بروبوتات من هذا النوع ذات الجسم المرن والجهاز الحركي المبسط في المجالات الطبية، مثل العمليات الجراحية البسيطة أو التنقل في الجسم لإيصال العلاج بدقة. كذلك يمكن أن تلعب هذه الروبوتات دوراً هاماً في استكشاف البيئات غير القابلة للوصول إليها تقليدياً، مثل قيعان البحار والكواكب البعيدة.

ذو صلة

من خلال إتاحة التقنيات المستخدمة في صناعة هذه الروبوتات بمنصة مفتوحة المصدر، يتوقع القائمون على المشروع البروفيسور آدم ستوكس والباحث ماكس جيبنر أن يفتح ذلك الباب أمام المبتكرين والهواة على حد سواء، لتحقيق ابتكارات واكتشافات لم تخطر على بال. فهذه الخطوة من شأنها تحطيم الحواجز التقليدية أمام دخول مجال الروبوتات الناعمة، وجعل الإمكانات الإبداعية ذات المجال الواسع في متناول الجميع.

في النهاية، ربما نقترب من لحظة فارقة في تاريخ الروبوتات، حين يتحول التركيز إلى صناعة آلات بكل بساطة وأناقة، بعيداً عن الأسلاك والبرامج المعقدة. الإنسان يجد في الطبيعة مصدر إلهام لا ينضب، وقد تفتح هذه التكنولوجيا الجديدة أبواباً لا حصر لها للتطبيق العملي والإبداعي. مع ذلك، قد يكون من المفيد في مراحل التطوير المقبلة التركيز أكثر على تعزيز سرعة الروبوت أو زيادة دقة حركته لإحداث تطور أكبر في الأداء، وإضافة مرادفات أكثر تنوعاً عند ذكر مصطلحات تقنية معينة للتوضيح أكثر. ولكن الآن، لنراقب باهتمام كيف سيخطو هذا الروبوت الصغير خطواته الأولى نحو مستقبل أكثر مرونة وإبداعاً.

ذو صلة