روسيا تغرّم آبل بثانيتين من أرباحها: لا دعاية للمثليين هنا

في تصعيد جديد للتوترات بين روسيا وشركات التكنولوجيا الغربية، فرضت محكمة روسية في منطقة "تاغانسكي" بالعاصمة موسكو غرامة على شركة Apple الأمريكية بلغت 131 ألف دولار، متهمة إياها بانتهاك القوانين المحلية الخاصة بما تُسميه السلطات "دعاية المثليين".

بحسب ما نقلته منصة الأخبار الروسية المستقلة Mediazona، فإن المحكمة فرضت بدايةً غرامة قدرها 93,500 دولار على "آبل"، بسبب ثلاث مخالفات منفصلة تتعلق بالقوانين الروسية ضد "الترويج للمثلية". ثم أضيفت مخالفة رابعة أثناء جلسة المحاكمة نفسها، تتعلق بفشل "آبل" في إزالة محتوى عند الطلب، مما زاد الغرامة بمقدار 37,400 دولار، ليصل المجموع إلى 131,000 دولار.

تجدر الإشارة إلى أن هذا المبلغ لا يشكل سوى جزء ضئيل جداً من أرباح Apple، إذ يقدَّر بأنه يعادل أرباح الشركة في ثانيتين فقط عام 2025، ما يجعل العقوبة فعلياً بلا أثر اقتصادي يذكر على عملاق التكنولوجيا الأمريكي.

المثير في القضية أن الجلسة بدأت بطلب من محامية آبل، إلينا تشيتفيريكوفا، بإغلاق المحاكمة أمام الجمهور، بحجة احتمال التطرق إلى معلومات خاصة بالشركة. وقد وافقت القاضية ألكسندرا أنوخينا على الطلب، ما أدى إلى حرمان الصحافة من الاطلاع على تفاصيل التهم الثلاث المرتبطة بالدعاية للمثلية، وكذلك على حيثيات قضية فشل إزالة المحتوى.

وبعد صدور الحكم، سمح للصحفيين بالدخول للاستماع إلى القرار، لكن التقارير تشير إلى أن القاضية قرأته بسرعة بالغة، ما حال دون تسجيل تفاصيل دقيقة. أما المحكمة ذاتها، فرفضت لاحقاً الكشف عن السجل الرسمي للجلسة، مكتفية بالقول: "الجلسة مغلقة".

تأتي هذه العقوبة في سياق تصعيد مستمر من قبل السلطات الروسية ضد ما تعتبره "الحركة العالمية للمثليين"، والتي حظرتها المحكمة العليا الروسية في عام 2023، وصنّفتها كـ"منظمة متطرفة". وأُضيفت منذ ذلك الحين إلى قائمة الكيانات المحظورة جنباً إلى جنب مع الجماعات الإرهابية.

عداء روسيا للمثلية الجنسية ليس بالأمر الجديد؛ ففي عام 2018، طلبت السلطات من آبل إزالة تصميم "Pride" الخاص بواجهة Apple Watch، وفي عام 2019 رفع مواطن روسي دعوى قضائية غريبة ضد الشركة، زاعماً أن تطبيقات العملات الرقمية في متجرها دفعته إلى "التحول إلى المثلية"، وطالب بتعويض قدره 15,000 دولار. ولا توجد مؤشرات حتى الآن على نتيجة تلك القضية.

ليست هذه المرة الأولى التي تُغرّم فيها آبل من قبل السلطات الروسية. ففي عام 2023، فرضت محكمة روسية غرامة على الشركة بلغت حينها 42,000 دولار، على خلفية نشر "أخبار كاذبة" عن الحرب في أوكرانيا. وتمثلت الجريمة حينها ببساطة في قيام خدمة Apple News بإظهار تقارير صحفية تُقر بوجود صراع مسلح، وهو أمر يُعد خرقًا للقانون الروسي الذي يحظر "الانحياز" لأوكرانيا أو استخدام مصطلح "حرب".

تُثير هذه الأحكام تساؤلات عن دوافع روسيا في استهداف الشركات الغربية الكبرى، وهل الغاية منها تنظيم المحتوى فعلاً، أم أنها أدوات ضغط سياسي واقتصادي في خضم مواجهة موسعة بين موسكو والغرب.

حتى الآن، لم تصدر شركة Apple أي بيان رسمي بشأن الغرامة الجديدة أو بشأن المحاكمة المغلقة، وهو ما يعكس على الأرجح محاولة لتجنب إثارة مواجهة مباشرة مع السلطات الروسية، في ظل بيئة قانونية تُعد عدائية ومقيدة بشكل متزايد لحرية التعبير والتنوع.