ذكاء اصطناعي

عقل أينشتاين لم يمت بعد… تقنية جديدة تحاول كشف أسراره!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشف العلماء عن تقنية جديدة لتحليل دماغ آينشتاين باستخدام تحليل الحمض النووي الريبوزي (RNA).

التقنية، المسماة Stereo-seq V2، تتيح دراسة أنسجة الدماغ على مستوى الخلية الواحدة.

تساعد التقنية في فهم العلاقة بين التعبير الجيني والتركيب العصبي وفهم الذكاء والإبداع.

قصة دماغ آينشتاين مليئة بالغموض، حيث احتفظ بأجزاء منه منذ عقود بعد وفاته.

رغم ذلك، تؤكد الأبحاث أن الذكاء ليس نتيجة جينات فقط، بل تداخل معقد من عوامل متعددة.

في خطوة علمية تثير الدهشة، كشف باحثون عن تقنية جديدة قد تمكّنهم من سبر أغوار دماغ أحد أعظم العقول في التاريخ، ألبرت آينشتاين. هذه التقنية التي تعتمد على تحليل الحمض النووي الريبوزي (RNA) بدقة متناهية، قد تفتح الباب أمام فهم أسرار العبقرية البشرية من منظور بيولوجي لم يكن ممكناً من قبل.

التقنية، المعروفة باسم **Stereo-seq V2**، طوّرها فريق من معهد BGI للأبحاث، وجرى عرض نتائجها في مجلة **Cell** العلمية. وتمكّن هذه المنهجية العلماء من دراسة الأنسجة الدماغية المحفوظة على مستوى الخلية الواحدة، ما يتيح رؤية دقيقة لتركيب الخلايا العصبية وطريقة التعبير الجيني داخلها. هذا التحليل المتعمّق قد يجيب يوماً عن سؤال طالما حير العلماء: هل يمكن قراءة عبقرية الإنسان من نسيجه العقلي؟


كيف تعمل التقنية الجديدة؟

يعتمد النظام على رسم خرائط جزيئية ثلاثية الأبعاد لأنماط التعبير الجيني عبر الحمض النووي الريبوزي، وهو الجزيء المسؤول عن توصيل التعليمات الوراثية داخل الخلايا. ومن خلال هذه الخرائط الدقيقة يمكن تتبع العمليات الكيميائية التي تتحكم في وظائف الدماغ، ما يمنح فهماً أوسع لعلاقة التركيب الجيني بالتفكير والإبداع والذكاء.

وهذا يربط بين تطبيق التقنية في دراسة آينشتاين وبين استخدامها في المجال الطبي الحديث، إذ يهدف الباحثون أولاً إلى تحسين تشخيص الأمراض العصبية النادرة وتطوير علاجات موجهة تُبنى على نماذج جينية دقيقة.


دماغ آينشتاين بين العلم والجدل

قصة دماغ آينشتاين بحد ذاتها مليئة بالتفاصيل الغريبة. فعقب وفاته عام 1955، قام الطبيب توماس هارفي بأخذ دماغه أثناء التشريح دون تصريح صريح، واحتفظ به لعقود طويلة، حيث قُطّع إلى نحو 240 شريحة ووزعت عينات منها على عدد محدود من العلماء حول العالم. بعض هذه العينات حُفظت في أوعية زجاجية داخل برّاد بسيط، وأخرى فُقدت أو تدهورت بمرور الزمن.

من هنا اكتسبت تقنية **Stereo-seq V2** أهميتها، إذ يمكنها تحليل عينات قديمة متضررة كان من المستحيل فحصها سابقاً. وإذا توافرت أجزاء صالحة من دماغ آينشتاين، فقد تساعد هذه المنهجية في كشف أنماط خلوية أو جينية غير مألوفة تميزت بها قدراته المعرفية.


بين العبقرية والبيولوجيا

لكن العلماء يؤكدون أن التقنية لا تزعم فك "سر العبقرية" بالكامل. فالأبحاث تشير إلى أن الذكاء الإنساني نتاج تداخل معقد بين الجينات والبيئة والتجربة الشخصية والعوامل النفسية مثل الإصرار والفضول، وليس نتيجة مورث واحد أو بنية دماغية منفردة. ومع ذلك، قد تكشف الدراسة الدقيقة للجينات والبروتينات العصبية عن مؤشرات جديدة تساعد على فهم تطور الإدراك البشري وتنوع القدرات الذهنية.

وهذا يربط بين الطموح العلمي الواسع لتقنية تحليل الحمض النووي وبين تطلعات الطب والعلوم العصبية لاكتشاف أسرار التفكير والوعي الإنساني.

ذو صلة

ختاماً

يشير الباحثون إلى أن الاستخدام الأساسي للتقنية سيظل في تطوير الأدوات الطبية وتشخيص الأمراض، إلا أنّ فك طلاسم دماغ آينشتاين يظل رمزاً لجاذبية هذا المسار العلمي الجديد. فربما تُعيد هذه التكنولوجيا رسم حدود المعرفة حول الدماغ البشري، ممهّدة الطريق لعصر يمكن فيه تحليل عبقرية التاريخ بلغة الجينات والخلايا.

ذو صلة