ذكاء اصطناعي

لون لا تراه… لكنه موجود: اكتشاف علمي يربك حواسنا

لون لا تراه… لكنه موجود: اكتشاف علمي يربك حواسنا
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

تمكن علماء جامعة كاليفورنيا-بيركلي من إنتاج لون جديد أُطلق عليه اسم "أولو".

اعتمدت التقنية على تحفيز الخلايا المخروطية في العين باستخدام أشعة ليزر دقيقة.

وصف المشاركون اللون بأنه أخضر مزرق مشبع، أجمل من لون الليزر العادي.

يمكن استخدام تقنية "أوز" في محاكاة اضطرابات الرؤية وتعليم المصابين بعمى الألوان.

تحتاج التقنية حاليًا لأجهزة متقدمة، لذا لن تُستخدم قريبًا في الأجهزة اليومية.

تخيّل أنك ترى لوناً لم يسبق لأحد أن شاهده من قبل. قد يبدو لك الأمر صعب التصور، لكن العلماء في جامعة كاليفورنيا-بيركلي جعلوه حقيقة، حتى الآن لخمس أشخاص فقط في العالم.


كيف تمكن العلماء من إظهار هذا اللون الجديد؟

بحسب الدراسة المنشورة مؤخراً في مجلة  Science Advances  في 18 أبريل، استطاع الباحثون إنتاج لون جديد تماماً أطلقوا عليه اسم "أولو" (olo). هذا اللون يتم وصفه بأنه درجة شديدة الإشباع بين الأزرق والأخضر، وهو لون لم يكن من الممكن للعين البشرية أن تدركه فيما مضى بشكل طبيعي.


ما هو سر هذه التقنية الجديدة؟

اعتمد الفريق البحثي على تقنية مبتكرة تسمى "أوز" (Oz)، وهي طريقة تحفيز شبكية العين بوساطة أشعة ليزر دقيقة جداً. قد تسأل الآن: وما الجديد في ذلك؟ الجديد يتمثل في قدرة العلماء على تحفيز نوع واحد فقط من الخلايا الحساسة للضوء في شبكية العين، والتي يطلق عليها "الخلايا المخروطية"، متجنبين التداخل الطبيعي بين الخلايا المخروطية الحمراء والخضراء والزرقاء. وبهذه الطريقة، توصلوا لإنتاج لون يتخطى حدود ما يستطيع الإنسان رؤيته بشكل طبيعي.


كيف حدث ذلك عملياً؟

أولاً، قام العلماء برسم خرائط تفصيلية لشبكية العين لكلّ مشارك من المشاركين الخمسة، مستخدمين تقنية تسمى "البصريات التكيفية" مرتبطة بتكنولوجيا أخرى تُعرف بـ"التصوير المقطعي البصري". هذه التقنيات أتاحت لهم التعرف بوضوح على كل خلية مخروطية موجودة في عيون المشاركين، وحددت نوعية حساسية كل خلية لأطوال موجات الضوء المختلفة، سواء كانت طويلة أو متوسطة أو قصيرة.

ثم جاءت الخطوة الأهم حيث استخدم الباحثون أشعة الليزر ذات الأطوال الموجية الدقيقة، لتحفيز نوع واحد فقط من هذه الخلايا (المخروطية من النوع M) المسؤولة عن درجات اللون الأخضر. الكتابة "olo" هي تعبير عن رمزية هذه التقنية، حيث ترمز الأرقام (0,1,0) إلى تفعيل النوع M فقط دون الأنواع الأخرى.


لون أكثر تشبعاً مما تتخيل

وصف المشاركون الخمسة تجربتهم لرؤية هذا اللون بأنه درجة خلابة من الأخضر المزرق، أكثر حيوية وإشراقاً من لون الليزر الأخضر المستخدم عادة في المؤشرات الضوئية. وجاء تعليق جيمس فونغ، وهو أحد المشاركين الرئيسيين في الدراسة وطالب دكتوراه في علوم الكمبيوتر، ليعكس تعجبه من درجة اللون الفائقة التي رآها، قائلاً: "من الصعب بالفعل تخيل درجة لونية تجعل ضوء الليزر يبدو باهتاً أمامها!".

لكن التجربة لم تكن سهلة تماماً؛ فقد اضطر المشاركون للنظر إلى اللون باستخدام الرؤية الطرفية للشبكية، بدلاً من النظر مباشرة نحو مركز التحفيز، لأن خلايا المنطقة المركزية للخلايا المخروطية (الفوفيا) دقيقة وصغيرة للغاية، وهو مما يجعل الاستهداف المباشر لها معقداً وصعباً في الوقت الحالي.


مستقبل التقنية قد يغير حياة الكثيرين

ليس الهدف فقط إنتاج ألوان جديدة، بل تتجاوز إمكانيات تقنية "أوز" لمجالات تعليمية وطبية مهمة جداً. من الممكن مستقبلاً استخدام هذه الطريقة لمحاكاة اضطرابات الرؤية بشكل حي وتجريبي. وربما تساعد في تدريب الأشخاص المصابين بعمى الألوان على رؤية مدى أوسع من درجات اللون.

وفي هذا السياق، أوضح فونغ قائلاً:


"ربما يمكن لشخص يعاني من عمى الألوان أن يتعلم من خلال هذه التقنية كيف يرى أبعاداً لونية جديدة لم يكن باستطاعته إدراكها سابقاً"

ذو صلة

كما يقوم الباحثون أيضاً بدراسة إمكانية تحفيز نوع رابع من الخلايا المخروطية يمتلكه فئة نادرة من البشر ممن لديهم حالة تسمى "تيتراكروماتيزم" تسمح لهم برؤية عدد أكبر بكثير من الألوان مقارنة بالأشخاص الطبيعيين.

لكن، للأسف، وبالرغم من هذه النتائج المثيرة، يشير فونغ إلى أن التقنية تعتمد حالياً على ليزرات ومعدات بصرية متقدمة للغاية، ولهذا من المستبعد أن تصل قريباً إلى أجهزتنا اليومية كالهواتف الذكية أو شاشات التلفزيون، ربما علينا الانتظار لبعض الوقت قبل أن نتمكن جميعاً من رؤية لون "أولو" المدهش بأنفسنا!

ذو صلة