ذكاء اصطناعي

مدرسة تتحول إلى بوابة لعصر ما قبل التاريخ… كائنات بحرية متحجرة تظهر فجأة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشف في مدرسة بكاليفورنيا كائنات متحجرة يعود عمرها لتسعة ملايين عام.

انطلقت أعمال بناء لتطوير مدرسة "سان بيدرو"، لتفضي إلى اكتشاف تاريخي.

الأحفوريات بين عظام أسماك القرش والسلاحف والدلافين دلّت على محيطٍ قديم.

الأحفوريات وُجدت في الدياتوميت، مما حفظ أصدافها وهياكلها العظمية بطريقة نادرة.

ساهم الطلاب بفرز العينات، مما خلق تجربة تعليمية ثرية بالأبعاد الثقافية الاجتماعية.

من كان يتخيل أن أعمال تجديد عادية في مدرسة قد تفتح نافذة على محيط يعود إلى ملايين السنين؟ هذا بالضبط ما حدث في مدرسة «سان بيدرو» الثانوية في لوس أنجلوس، حين تحولت الجرافات وأدوات البناء إلى أدوات تنقيب غير مقصودة بعدما اصطدمت بعالم بحري متحجر عمره تسعة ملايين عام.

بدأت الحكاية عام 2022 عندما أطلق فريق البناء مشروع تطوير للبنية التحتية في المدرسة الواقعة على شبه جزيرة بالوس فيرديس، غرب لونغ بيتش. لم يتوقع أحد أن الحفر سيكشف عن طبقات من الأسرار الجيولوجية، إذ سرعان ما ظهرت أحافير أصداف وعظام ضخمة، دفعت الخبراء إلى وقف العمل واستدعاء علماء المتحجرات.

وهذا الكشف أثار فضول المجتمع العلمي لبحث جذور هذه الطبقات القديمة وماذا تحكي عن المحيط الهادئ قبل نشوء لوس أنجلوس الحديثة.


طبقات زمنية وحكايات من أعماق الماضي

تبيّن للباحثين أن ما عُثر عليه ليس عظاماً متناثرة فحسب، بل موقعاً جيولوجياً متعدّد الطبقات يحفظ حقبتين مختلفتين من التاريخ. الطبقة الأعمق تنتمي إلى **العصر الميوسيني** وتعود إلى نحو تسعة ملايين سنة، بينما تقع فوقها طبقة من **العصر الجليدي (البليستوسيني)** لا يتجاوز عمرها 120 ألف سنة. في هاتين الطبقتين، تتجاور بقايا **أسماك قرش الميغالودون** المفترسة مع **سلاحف بحرية** و**دلافين** و**طيور شاطئية** وأصداف متحجرة، مما يشكّل مشهداً بيئياً شاملاً لمحيطٍ سحيق.

الربط بين هذه الكائنات المتنوعة يعزّز الفكرة القائلة بأن المنطقة كانت يوماً ما جزءاً من أعماق المحيط الهادئ، غنية بالتيارات المغذية والعوالق البحرية.


بيئة متحجرة درسها العلماء والطلاب معاً

ما يجعل هذا الاكتشاف فريداً أن الأحافير كانت مطمورة داخل **الدياتوميت**، وهي صخور رسوبية مكوّنة من طحالب مجهرية متحفّرة. هذه الطبقة الدقيقة لعبت دور “الكبسولة الزمنية”، إذ حفظت الهياكل العظمية والأصداف بطريقة نادرة. وصف الخبير البيئي وين بيسهوف المشهد بقوله إن الموقع لا يقدم عينة من نوع واحد، بل “منظومة بيئية كاملة” تجمّدت في الزمن.

ومن اللافت أن طلاب المدرسة أنفسهم أصبحوا جزءاً من الحدث، فبعد نقل أجزاء من الأحافير إلى **متحف التاريخ الطبيعي في لوس أنجلوس** و**أكواريوم كابريو البحري**، شارك بعضهم في فرز العينات ودراستها. وقال أحد الطلاب إن التجربة بدت له “وكأننا نغربل الذهب، لكننا نبحث عن شواهد الحياة القديمة”.

وهذا الاندماج بين التعليم والبحث أعطى الاكتشاف بُعداً اجتماعياً وثقافياً أعمق، محولاً المدرسة إلى مختبر حيّ للتاريخ الطبيعي.


ما وراء الاكتشاف

تؤكد هذه النتائج أن **لوس أنجلوس كانت يوماً مغمورة بالمياه**، وأن رواسب المحيط القديم ضمّت مزيجاً من الأنواع الساحلية والعميقة معاً، ما يدل على تيارات بحرية قوية نقلت الكائنات وربما حتى الجزر الصغيرة إلى هذه البقعة. الخبراء يرون أن التنوع الأحفوري — الذي تجاوز حتى الآن مئتي نوع — مجرد بداية لفهم الصورة الكاملة للحياة في البحر الميوسيني على الساحل الغربي.

ذو صلة

خاتمة

تحوّل مشروع صيانة بسيط إلى كشف علمي يربط الماضي بالمستقبل: من الأعماق التي احتضنت الميغالودون قبل ملايين السنين إلى أيدي طلاب يدرسون التاريخ الطبيعي اليوم. وبين هاتين الحقبتين تمتد قصة المكان الذي كان بحراً يوماً، وأصبح اليوم فصلاً نابضاً من فصول العلم والاكتشاف.

ذو صلة