ذكاء اصطناعي

من مختبر أمريكي وبأيدٍ صينية… مغناطيس خارق دون عناصر نادرة يُهدد عرش الصين

من مختبر أمريكي وبأيدٍ صينية… مغناطيس خارق دون عناصر نادرة يُهدد عرش الصين
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

طوّر جيان بينغ وانغ مغناطيساً خارقاً دون الحاجة إلى عناصر نادرة، في قفزة علمية قد تغيّر الصناعة.

بدأت شركته "Niron Magnetics" تصنيع هذا المغناطيس في أمريكا باستخدام مواد محلية ومتوفرة.

تهيمن الصين على السوق حالياً، لكن الابتكار الجديد يهدد تلك الهيمنة في ظل توترات جيوسياسية.

يحظى المشروع بدعم استثماري كبير ويَعِد بحلول صديقة للبيئة وأكثر استقلالية في سلاسل الإمداد.

في تطوّر قد يُعيد رسم ملامح صناعة المغناطيس العالمية، أعلن العالم الصيني الأصل جيان بينغ وانغ عن ابتكار مغناطيس فائق القوة لا يعتمد على العناصر الأرضية النادرة التي لطالما كانت الصين تتفوق في إنتاجها. هذا الاكتشاف العلمي ليس مجرّد إنجاز مختبري؛ بل يحمل بين طيّاته بوادر تحوّل اقتصادي واستراتيجي من الطراز الثقيل.


من مختبر أمريكي إلى زلزال صناعي محتمل

في جامعة مينيسوتا الأمريكية، تمكّن البروفيسور وانغ وفريقه من تطوير مغناطيس يعتمد على نيتريد الحديد فقط، دون الحاجة إلى عناصر نادرة مثل الساماريوم والديسبروسيوم. هذا النوع من المغناطيس لا يتمتع فقط بقوة مغناطيسية عالية، بل يحافظ أيضاً على ثبات أدائه حتى في درجات الحرارة المرتفعة، وهي ميزة حاسمة لاستخدامه في المحركات المتطورة.

هذا التطور التقني يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في قطاعات حيوية تعتمد اليوم على المغناطيسات التقليدية: من الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية، إلى السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح.


مشروع أمريكي برؤية عالمية

لتسريع انتقال هذا الابتكار من المختبر إلى خطوط الإنتاج، أسس وانغ شركة ناشئة تحمل اسم Niron Magnetics، بدأت بالفعل في بناء أول منشأة تصنيع لها في ولاية مينيسوتا. ما يميّز هذه الشركة ليس فقط تركيزها على التكنولوجيا النظيفة، بل استخدامها لمواد متوفرة محلياً، ما يجعلها بديلاً صديقاً للبيئة وأكثر أماناً من حيث سلاسل التوريد.


السوق يتحرك… والصين تراقب

يُقدّر حجم سوق المغناطيسات الخارقة بنحو 42.8 مليار يورو في عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز 108 مليارات يورو بحلول عام 2034، بنمو سنوي يبلغ حوالي 9.4%. الصين تهيمن حاليًا على نحو 90% من إنتاج هذه المغناطيسات عالية الأداء، إلى جانب سيطرتها على النسبة الأكبر من قدرات تكرير العناصر الأرضية النادرة.

لكن هذه الهيمنة باتت تواجه تحديات جديدة، لا سيما في ظل القيود التي فرضتها بكين مؤخرًا على تصدير هذه المعادن إلى الولايات المتحدة، في خطوة تعكس تصاعد التوترات الجيوسياسية وتكريس الموارد كسلاح استراتيجي.


استثمارات كبيرة وراء التقنية الجديدة

التقنية الجديدة لم تمر مرور الكرام في أوساط الصناعة؛ فقد اجتذبت شركة Niron Magnetics تمويلًا من أسماء كبرى مثل Samsung Ventures وMagna وAllison Transmission. ما يعزّز الثقة في هذا التوجه هو أن تصنيع هذه المغناطيسات لا يتطلب تجهيزات معقدة أو مكلفة، بل يمكن إنتاجها باستخدام معدات صناعية تقليدية.

ووفقًا لمديرها التنفيذي، جوناثان راونتري، فإن الاهتمام بالتقنية تضاعف خلال العامين الماضيين، مدفوعًا بتزايد الحاجة إلى حلول تقنية مستقلة وآمنة في ظل الاضطرابات العالمية.


مشهد جديد يتشكل في آسيا والعالم

ذو صلة

منطقة آسيا والمحيط الهادئ تستحوذ اليوم على قرابة 40% من السوق، تتصدرها الصين، تليها اليابان وكوريا الجنوبية والهند. لكنّ ظهور بدائل عملية لا تعتمد على المعادن النادرة قد يعيد توزيع أوراق السوق، ويفتح الباب أمام الدول الغربية لتأسيس سلاسل توريد خاصة بها.

وربما يكمن الجزء الأشد مفارقة في هذه القصة في أن هذا التحوّل المحتمل قد انطلق من عقل عالم صيني الأصل، لكنه يعمل الآن من الولايات المتحدة، ويقود مشروعاً قد يُقلّص من نفوذ بلاده على سوق يدرّ عشرات المليارات.

ذو صلة