ذكاء اصطناعي

آلية خفية داخل خلايانا قد تكون المفتاح لإيقاف الشيخوخة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

توصل العلماء لآلية لإزالة البروتينات المسببة للشيخوخة من الخلايا.

يرتبط بروتين "بروجرين" بتلف الخلايا والشيخوخة المبكرة في متلازمة "هاتشنسون-غيلفورد".

تعزز "الليسوزومات" التخلص من البروتينات الضارة واستعادة توازن الخلية.

البحث يُظهر إمكانية تطوير علاجات تحفز إزالة بروتين "بروجرين".

إعادة تنشيط "الليسوزومات" قد تبطئ الشيخوخة وتعالج الأمراض المزمنة.

في تطور علمي مثير، توصل فريق من الباحثين في جامعتي بكين وكونمينغ إلى اكتشاف يسلّط الضوء على طريقة جديدة تستطيع بها الخلايا التخلص من البروتينات المسببة للشيخوخة المبكرة، ما يفتح الباب أمام احتمالات علاجية لاضطرابات وراثية وأمراض مزمنة ترتبط بتقدّم العمر.

يتمحور البحث حول متلازمة "هاتشنسون-غيلفورد بروجيريا" (HGPS)، وهو اضطراب وراثي نادر يؤدي إلى تقدّم سريع في الشيخوخة، ويجعل الأطفال المصابين يظهرون بعمر أكبر من سنواتهم بكثير. يعاني هؤلاء من تجاعيد مبكرة، وفقدان للدهون تحت الجلد، وصلابة في الشرايين، وضعف في مرونة الأنسجة. السبب في معظم الحالات هو بروتين شاذ يُعرف باسم «بروجرين»، يُحدث فوضى في عمل الخلية ويتسبب بتلف الحمض النووي وانكماش التيلوميرات وتوقف نمو الخلايا.

وهذا يقودنا إلى لبّ الاكتشاف الجديد، إذ لم يقتصر وجود «بروجرين» على هذه المتلازمة النادرة فحسب، بل وُجد أيضاً عند كبار السن وفي أمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي. هذا الارتباط جعل العلماء يفكرون في إمكانية تطوير علاجات تُحفز الجسم على إزالة هذا البروتين لتخفيف مظاهر الشيخوخة.


مفتاح الحل داخل “الليسوزومات”

قاد البروفيسور تشوانماو تشانغ وفريقه دراسة نشرت في مجلة *Science China Life Sciences* شرحت كيف تُزيل الخلايا «بروجرين» عبر مسار يعتمد على الأجسام الحالة أو "الليسوزومات" — وهي العضيات المسؤولة عن هضم الفضلات داخل الخلية. وجد الباحثون أن الوظيفة الليسوزومية تتعطل بشدة في حالات الشيخوخة المبكرة، لكن تعزيز تكوين هذه الأجسام يساعد على إعادة توازن الأداء الخلوي والتخلص من البروتينات الضارة.

من هنا يتضح الرابط بين عمل "الليسوزومات" وصحة الخلية العامة؛ إذ إن تحفيز نشاطها من خلال تعديل مسارات إشارات مثل *PKC* و*mTORC1* أدى إلى تسريع التخلص من البروجرين وتقليل مظاهر الشيخوخة، كالإجهاد التأكسدي وتوقف الدورة الخلوية.


تجربة توضح الطريق

باستخدام تقنيات تصوير متقدمة مثل الإضاءة المناعية والتصوير الحي والتحليل الجزيئي، لاحظ العلماء أن «بروجرين» ينتقل من غشاء النواة إلى السيتوبلازم عبر عملية تُعرف بـ"تَبَدد النواة"، ثم يتم التخلص منه عن طريق آلية الالتهام الذاتي التي تنتهي داخل الليسوزوم. لكن في الخلايا المصابة، تتراكم البروتينات بدلاً من أن تتحلل، ما يؤكد وجود خلل في النظام.

وهذا الاكتشاف يربط بين دراسة الشيخوخة المبكرة والأبحاث الأوسع في الشيخوخة الطبيعية، إذ إن العملية ذاتها قد تفسر تراكم البروتينات غير الطبيعية في خلايا كبار السن والأمراض التنكّسية مثل الزهايمر واعتلال الكلية.

ذو صلة

وفي خطوة لاحقة، استخدم الفريق تسلسل RNA الكامل لخلايا مرضى المتلازمة فلاحظوا انخفاضاً في التعبير الجيني المرتبط بوظائف الليسوزوم، وهو ما تم تأكيده لاحقاً عبر اختبارات كمية للتفاعل المتسلسل للبوليميراز والفحص المجهري. هذه النتائج رسّخت القناعة بأن إعادة تنشيط هذا النظام الحيوي يمكن أن تُبطئ الشيخوخة على المستوى الخلوي.

وفي الختام، يشير الباحثون إلى أن استهداف الليسوزومات قد يشكل استراتيجية علاجية مبتكرة، ليس فقط لعلاج متلازمة بروجيريا بل أيضاً لمواجهة مظاهر الشيخوخة الطبيعية والأمراض المصاحبة للتقدم في العمر. إنها بداية مرحلة جديدة من أبحاث مكافحة الشيخوخة، حيث يكون الشباب الدائم مرهوناً بصيانة داخلية دقيقة تقوم بها خلايانا نفسها.

ذو صلة