ذكاء اصطناعي

أنفاق دافنشي السرّية تظهر للنور… بفضل ورقة منسية منذ قرون!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشف عن شبكة أنفاق سرّية من تصميم ليوناردو دافنشي تحت قلعة سفورزا بميلانو.

الباحثون استخدموا تقنيات متطورة كالرادار والمسح ثلاثي الأبعاد لتوثيق الاكتشاف.

التطابق مع رسومات دافنشي تعزز مصداقية الأساطير حول هذه الممرات السرّية.

سيتم بناء نموذج ثلاثي الأبعاد لتوفير جولات افتراضية للممرات التاريخية.

الاكتشاف يسلط الضوء على الجانب المعماري والهندسي لعبقرية دافنشي.

في قلب ميلانو، وبين جدران قلعة سفورزا التاريخية، كشف فريق من الباحثين عن مفاجأة ظلت حبيسة الأساطير لأكثر من خمسة قرون: شبكة أنفاق سرّية تتطابق بشكل مدهش مع رسومات قديمة وضعها ليوناردو دافنشي عام 1495. الاكتشاف الذي جرى توثيقه بأحدث تقنيات الرادارات المخترقة للتربة والمسح ثلاثي الأبعاد، أعاد إحياء جانب مجهول من عبقرية الفنان والمخترع الإيطالي.

هذه البداية تربط بين الأسطورة القديمة والإنجاز العلمي المعاصر، ليضعنا أمام اكتشاف يمزج ما بين التاريخ والابتكار التكنولوجي.


التكنولوجيا تكشف الخفي

الباحثون من جامعة البوليتكنيك في ميلانو، بالتعاون مع شركة إيطالية متخصصة بالمسح الجيوفيزيائي، أجروا عمليات فحص دقيقة شملت الليزر والمسح التصويري ثلاثي الأبعاد. النتائج فاقت التوقعات: غرف مخفية، تجاويف غامضة، ومستوى ثانٍ تحت الأرض لم يكن معروفاً من قبل. أحد الممرات يمتد بمحاذاة رواق معروف، بينما يُعتقد أن آخر يقود مباشرة نحو بازيليكيا سانتا ماريا ديلي غرازي، على بعد يقارب كيلومتر واحد.

هذا يربط الاكتشاف الجديد بالرسومات القديمة لدافنشي، والتي لطالما اعتقد المؤرخون أنها مجرد أفكار نظرية لا أكثر.


بين الأسطورة والحقيقة التاريخية

تاريخياً، كلّف الدوق لودوفيكو سفورزا الفنان ليوناردو بتزيين أجزاء من القلعة، من ضمنها قاعة "سالا ديلي آسي". بجانب أعماله التشكيلية، ترك دافنشي مخططات لأنظمة دفاعية وأنفاق سرّية. ظلّت هذه الرسومات موضع جدل لسنوات طويلة، لكن مطابقتها مع ما كشفته أجهزة الرادار الآن يمنحها مصداقية قوية. الأساطير التي تناقلها أهالي ميلانو عن ممرات خفية تحت القلعة لم تعد مجرّد حكايات، بل واقع موثق بالأدلة العلمية.

ومن هذه الحكايات، ما يرويه المؤرخون عن أن دوق سفورزا أمر ببناء ممر سرّي يصل مباشرة إلى البازيليكيا بعد وفاة زوجته بيانكا ديستي، ليمنحه طريقاً خاصاً يصل من خلاله إلى قبرها بعيداً عن أعين العامة. وهنا يتقاطع البعد الإنساني مع البعد الاستراتيجي، إذ كان الممر مثاليًا أيضًا للهروب في حالات الحصار.


مشروع رقمي لإحياء الماضي

الخطوة المقبلة للباحثين لا تتمثل في الحفر أو التنقيب، بل في بناء ما يُعرف بـ "التوأم الرقمي" للقلعة، وهو نموذج ثلاثي الأبعاد عالي الدقة يجمع ما هو ظاهر فوق الأرض وما هو مطمور تحتها. بفضل هذا المشروع، سيتمكن الجمهور من القيام بجولات افتراضية أو استخدام تقنيات الواقع المعزز للتنقل بين الممرات التي سار فوقها دافنشي قبل أكثر من 500 عام.

وهذا يربط الإنجاز العلمي الحالي باستراتيجية جديدة تهدف إلى توسيع الفهم العام للتاريخ، دون الإضرار بالآثار أو كسر القوانين التي تمنع التنقيب المباشر.


خاتمة

ذو صلة

ما كان قبل قرون مجرد خطوط باهتة على ورق، يتحول اليوم إلى مسارات حقيقية تحت مدينة ميلانو. بفضل التقدّم العلمي، تتجلى عبقرية ليوناردو دافنشي من جديد، ليس فقط كرسام أو مهندس، بل كصاحب رؤية سبقت عصرها بقرون. الاكتشاف لا يضيء صفحات التاريخ الإيطالي فحسب، بل يعيد ربط الحاضر بالماضي، ويثبت أن بعض الأسرار تحتاج فقط إلى التكنولوجيا المناسبة لتخرج إلى النور.

ذو صلة