العلماء يحددون الجاني… بروتين قاتل يدمر الخلايا في مرض باركنسون!

3 د
اكتشفت دراسة دنماركية آلية تثقب فيها بروتينات خلايا الدماغ في مرض باركنسون.
تستهدف الثقوب أغشية الميتوكوندريا وتفسر تدهور إنتاج الطاقة في الأعصاب.
تابع الباحثون تكوين الثقوب مما قد يسهم في تطوير أدوية توقفها.
طور الفريق البحثي أجسامًا نانوية ترصد البروتينات لتقديم علاجات مستقبلية فعالة.
الدراسة تقربنا من فهم كيفية إدارة المرض وعلاجه في المستقبل.
هل تساءلت يوماً عن سبب التدهور البطيء الذي يعاني منه مرضى باركنسون؟ في تطور لافت، أضاءت دراسة دنماركية حديثة على آلية جديدة قد تفسر كيف يسبب تجمع أحد البروتينات تلفاً تدريجياً لخلايا الدماغ. إذا كنت تتابع آخر أخبار الأمراض العصبية أو لديك قريب مصاب بداء باركنسون، ستجد في تفاصيل هذا البحث إجابات مهمة تفسر الكثير من الغموض.
جزيئات شريرة تفتح ممرات خطرة داخل الخلايا
لطالما ربط العلماء مرض باركنسون بتراكم كتل سامة من بروتين يُدعى "ألفا سينوكلين" في المخ، مما يؤدي لخلل في التواصل بين الخلايا العصبية وفقدان السيطرة على الحركة. الجديد في دراسة جامعة آرهوس الدنماركية أن هناك نسخة أصغر من هذا البروتين، تعرف بـ"الأوليغوميرات"، قادرة على إحداث ثقوب دقيقة أو "ممرات" داخل أغشية الخلايا. هذه الفتحات لا تظل ساكنة، بل تنفتح وتنغلق كالأبواب الصغيرة، ما يسمح بتسرب جزيئات حيوية خطرة للداخل والخارج، ويخلخل بدوره التوازن الكيميائي الضروري لأداء الأعصاب بشكل طبيعي.
ولأن هذه الظاهرة تشرح كيف يمكن أن تبدأ المشاكل من أضعف نقطة في هيكل الخلية، فهي تضعنا وجهاً لوجه مع بداية الانهيار البطيء للوظائف العصبية الذي يعاني منه المريض على مدى سنوات.
لماذا تختار الأدوات التدميرية أجزاء معينة من الخلية؟
ومن المثير في أبحاث العلماء أن هذه الثقوب تستهدف غالباً الأغشية الأكثر تقوساً، مثل تلك التي تغلف الميتوكوندريا، وهي "محطات الطاقة" في الخلية. هذه العلاقة قد تفسر لماذا تتدهور قدرة الأعصاب على إنتاج الطاقة تدريجياً في مرضى باركنسون، وهو أمر لطالما حيّر الباحثين وأثار تساؤلات حول كيفية وقف لهذا التفكك.
ولعل الأهم هنا أن ما رآه العلماء كان أشبه بفيلم جزيئي بطيء الحركة، إذ تابعوا خطوة بخطوة كيفية التغلغل والتخريب، مما يضيء على إمكانيات جديدة لابتكار أدوية توقف تكوّن هذه الثقوب منذ بدايتها.
هل الأمل قادم من التقنية والمناعة؟
وفي خطوة واعدة، اختبر الفريق البحثي "أجساماً نانوية" متطورة قادرة على رصد هذه الأوليغوميرات داخل الخلايا، مع أن التحدي القادم يكمن في تطوير أدوات توقف عملية اختراق الأغشية نفسها. والجدير بالذكر أن فهم العلاقة بين اضطرابات البروتينات ومرونة أغشية الخلايا قد يمكّن من إعادة وصل الخلايا أو إصلاحها، وهو باب مشرّع أمام أبحاث مستقبلية يمكن أن تحدث تحولاً في علاج باركنسون وربما أمراض عصبية أخرى ذات صلة.
تساؤلات مفتوحة: كيف تبدأ الكارثة ولماذا تتأخر الأعراض؟
من الملاحظ، كما يعلّق بعض الباحثين، أن الديناميكية التي تظهر بها هذه الثقوب—أي انفتاحها وإغلاقها بشكل متكرر—قد يفسر لماذا لا تنهار الخلايا العصبية فوراً عند بداية المرض. فمضخات الخلية قد تعوض مؤقتاً لكن التدهور يكمن في الاستنزاف المستمر. وحتى الآن، ما زال العلماء يحلّلون هل تراكم ألفا سينوكلين هو السبب الجذري أم هو نتيجة مسار مرضي معقّد ذو صلة بعوامل وراثية ونمط غذائي وتاريخ طبي فردي.
لكن رغم كل التعقيدات والشبهات حول المسببات، تقول النتائج الجديدة إننا نقترب خطوة لفهم "قصة التسلل الخفي" لهذا البروتين، مما يفتح الباب أمام تطوير فحوص وأدوية أكثر ذكاءً ودقة.
خلاصة: نافذة أمل لمرضى باركنسون وذويهم
تكشف هذه الدراسة أن استهداف النقاط الضعيفة في بنية الخلية قد يحمل مفتاحاً فعلياً لفهم وعلاج مرض باركنسون وغيره من الأمراض التنكسية. وبفضل توسع مجهر العلماء الدقيق في التفاصيل، صار بالإمكان، لأول مرة، تخيل خرائط الحرب الخفية بين البروتينات السامة وخلايا الدماغ. وبينما لا تزال الإجابات النهائية تتطلب المزيد من الدراسات والمعاينات الحية، يتجه العالم العلمي بخطى ثابتة لمعرفة كيف يبدأ المرض، ومتى يمكن دحره في مهده، وما إذا كان بالإمكان يوماً ما إنقاذ الملايين من دوامة التدهور العصبي.









