ذكاء اصطناعي

العلماء يكتشفون ديناصورًا يشبه البطريق… لكن بعدد أسنان يفوق الخيال!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشاف ديناصور في صحراء غوبي منغوليا يربك العلماء بتصميمه الفريد.

الديناصور يُسمى "ناتوفيناتور بوليدونتوس" ومزج بين خصائص الطيور المائية والديناصورات.

الهيكل يُظهر جسمًا انسيابيًا للسباحة مع فم مليء بالأسنان الدقيقة.

الحفريات تؤكد تأقلم الديناصور مع البيئات المائية، مما يحسم جدلًا علميًا قديمًا.

هذا الاكتشاف يعيد رسم مفاهيمنا عن تنوع سلوك الديناصورات وتكيفها.

لم يكن اكتشاف هذا الكائن في قلب صحراء غوبي المنغولية مجرد حدث أثري عادي، بل مفاجأة قلبت بعض المفاهيم الراسخة عن الديناصورات. بين الرمال القاحلة، عثر فريق بحثي على هيكل عظمي شبه مكتمل لديناصور لم يُشاهد مثله من قبل — مخلوق يجمع ملامح البطريق والأوزة، لكنه يمتلك فمًا مليئًا بالأسنان الدقيقة!

هذا الكائن العجيب، الذي أطلق عليه العلماء اسم **ناتوفيناتور بوليدونتوس** (Natovenator polydontus) أي "الصياد السابح ذو الأسنان الكثيرة"، يكشف عن جانب جديد في تطور الديناصورات. نُشر البحث في مجلة *Communications Biology*، ويصف كيف مثّل هذا المخلوق مزيجًا فريدًا بين خصائص الطيور المائية والديناصورات آكلة اللحوم.

وهذا يأخذنا إلى قصة الاكتشاف الميداني الذي بدأ عام 2008 حين استخرج الفريق العظام من طبقات تكوين باروونغوييت في أقصى جنوب منغوليا، وهي منطقة كانت فيما مضى موطنًا لأنهار قديمة.


سابح من زمن الديناصورات

كان الهيكل العظمي المحفوظ بدقة يحتوي على جمجمة وسلسلة فقرية وأطراف أمامية وخلفية، وهي نسبة نادرة في حفريات صغيرة الحجم. ويؤكد عالم الحفريات "يونغ نام لي" من جامعة سيول الوطنية أن الحفاظ على تفاصيل العظام الدقيقة بشكل مذهل مكّنهم من استنتاجات مذهلة.
يبين اتجاه أضلاع الحيوان نحو الخلف، على غرار ما نراه في البطريق والغواصيات الحديثة، أنّ الجسم كان انسيابي الشكل ومهيأ للسباحة. كما أن رقبته الطويلة وأطرافه المتكيفة تعززان الفرضية ذاتها.

ومن هذه التفاصيل المورفولوجية الدقيقة ينتقل العلماء إلى سؤال جوهري: هل كان هذا الديناصور يعيش في الماء بالفعل أم أنه مجرد زائر عابر للبرك والأنهار؟


نظام حياة مائي غير متوقع

تشير الدراسات التشريحية إلى أن ناتوفيناتور عاش في بيئة مائية وغذّى نفسه على الأسماك الصغيرة وربما اللافقاريات، بفضل فكه المليء بأسنان دقيقة مُخصصة للإمساك بفريسة زلقة. يرسم العلماء له صورة تخيلية وهو يسبح بخفة في مياه ضحلة، يغوص ثم ينهض مثل الأوزة الحديثة تمامًا.
هذا الاكتشاف يضيف حلقة مهمة في سلسلة تطور الديناصورات ويبرهن أن بعضها ربما كان أكثر تنوعًا في أنماط حياته مما اعتقدنا سابقًا.

ويثير ذلك رابطًا علميًا آخر مع نوع سابق اكتُشف في منغوليا أيضًا، هو **هالسيكراپتور**، الذي اتُّهمت بعض أبحاثه بالغموض نظرًا إلى مشكلات في مصدر أحفورته.


حسم جدل علمي قديم

لكن هذه المرة الأمر مختلف، فالأحفورة الجديدة موثقة ومفحوصة علميًا، وتقدم دليلاً قاطعًا على أن بعض الديناصورات غير الطيرية تكيفت فعلاً مع الحياة المائية. ويرى لي وزملاؤه أن هذا الاكتشاف يحسم نقاشًا دام سنوات حول إمكانية وجود ديناصورات سابحة تمتلك بنية جسدية تجعلها "ثنائية البيئة" — بين اليابسة والماء.
وجود ضلعٍ مائل نحو الذيل وجسم مدمج وهيكل صلب للأطراف يجعل من ناتوفيناتور النموذج الأوضح لهذه الفرضية حتى الآن.

ذو صلة

وهكذا تمتد آثار الاكتشاف إلى إعادة رسم المشهد البيئي لعصور ما قبل التاريخ، حين كانت أنهار منغوليا القديمة تعج بالأسماك والسلاحف والتماسيح العتيقة. ضمن هذا العالم المعقد، يبدو أن ناتوفيناتور اتخذ لنفسه مكانًا خاصًا في الشبكة الحيوية كنموذج مدهش للتأقلم مع الماء.

وفي الختام، يعزز هذا الاكتشاف رؤية جديدة لفهم سلوك الديناصورات وتنوعها، ويذكّرنا بأن عالم ما قبل التاريخ لا يزال يخفي الكثير من المفاجآت، تمامًا كما فعل هذا "البطريق الديناصوري" الذي جاء من عمق الرمال ليهز مسلمات العلم.

ذو صلة