تحدٍ بمليون دولار تقريبًا: اكسر مفاتيح التشفير وخذ البتكوين!

3 د
أعلنت مجموعة "Project Eleven" عن مسابقة لكسر شفرة البيتكوين باستخدام حاسوب كمومي.
الفريق الناجح سيحصل على جائزة 1 بيتكوين لكشف قابلية البيتكوين للاختراق الكمومي.
تسعى الصناعة لمواجهة تهديد الحواسيب الكمومية عبر تحسينات في بروتوكولات التشفير.
تناقش مقترحات لحماية البيتكوين، لكنها تحتاج موافقة واسعة لتطبيقها.
في خطوة لافتة تهدف إلى دق ناقوس الخطر وتنبيه العالم لمخاطر الحواسيب الكمومية على العملات الرقمية والتشفير بشكل عام، أعلنت مجموعة "Project Eleven"، المتخصصة في دعم البحوث وتطوير تقنيات الحوسبة الكمومية، عن مسابقة عالمية مثيرة للاهتمام تحمل اسم "جائزة اليوم الكمومي Q-Day Prize".
المسابقة، التي ستستمر حتى الخامس من أبريل عام 2026، تَعِدُ الفريق الأول الذي يتمكن من كسر أحد مفاتيح التشفير المُستخدمة في عملة بيتكوين باستخدام خوارزمية شور (Shor’s algorithm) وحاسوب كمومي بجائزة ضخمة: 1 بيتكوين كامل. هذه الدعوة المفتوحة تعني ببساطة إمكانية حصولك على مكافأة مالية إذا استطعت إثبات أن تقنية التشفير الحالية المستخدمة في البيتكوين قابلة للاختراق - وإن كانت عبر نموذج مصغر وتوضيحي فقط.
لماذا هذه الخوارزمية تحديدًا؟
من المهم فهم أن خوارزمية شور (Shor’s algorithm) تشتهر بقدرتها المحتملة نظريًا على فك تشفير البيانات بسرعة فائقة باستخدام الحواسيب الكمومية، وهي تختلف تمام الاختلاف عن طرق الحوسبة التقليدية التي نعرفها حاليًا. فلدى الحواسيب الكمومية القدرة على التعامل مع المعلومات بطريقة أكثر تعقيدًا وفعالية، مما يسرع بشكل هائل عمليات كسر شفرات التشفير التقليدية، بما في ذلك التشفير المستخدم لحماية البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى.
تزايد القلق من الهجوم الكمومي المحتمل؟
رغم أن الحواسيب الكمومية القوية والكاملة، التي تستطيع تنفيذ مثل هذه المهمات، ليست متاحة بالكامل بعد، إلا أن هذه المسابقة تُظهر قلق حقيقي من خطر محتمل على المدى القريب أو المتوسط. وتؤكد مجموعات بحثية مثل "Project Eleven" وغيرها أن خطر الاختراق الكمومي بات بالفعل واقعًا لا يمكن تجاهله.
تنبيه لمستخدمي بيتكوين: ملايين المحافظ معرضة للخطر
تظهر بيانات المجموعة أن هناك نحو 10 ملايين محفظة بيتكوين تحمل أرصدة مالية (غير صفرية)، ووفقًا لتحليلاتهم، فإن هذه المحافظ قد تصبح معرضة للاختراق في حالة انتشار الحواسيب الكمومية وإثبات فعاليتها في فك الشفرات.
جهود المجتمع وتقديم حلول محتملة
بطبيعة الحال، لم يقف مجتمع البيتكوين مكتوف الأيدي بخصوص هذه التهديدات المحتملة. ففي بداية أبريل الجاري، تم نشر مقترح لتطوير وتحسين عملة البيتكوين (Bitcoin Improvement Proposal - BIP) يحمل تسمية "بروتوكول الهجرة نحو العناوين المقاومة للكمومية" أو (Quantum-Resistant Address Migration Protocol - QRAMP)، والذي يهدف إلى حماية البيتكوين من الاختراقات الكمومية المحتملة عبر استخدام طرق تشفير حديثة تقاوم هذا النوع من الهجمات.
لكن ثمة عقبة أساسية: هذا الحل الذي تقترحه مجموعة من مطوري البيتكوين سيتطلب إجراء تغييرات جذرية على الشبكة (hard fork)، وهو الأمر الذي يحتاج عادة إلى إجماع كبير بين المستخدمين والمعدنين، ما يجعله بحاجة لضمان توافق واسع النطاق بين مختلف أطراف المجتمع.
تقنيات جديدة أخرى مقترحة
وفي سياق متصل، قدمت شركة ناشئة تدعى BTQ اقتراحًا تقنيًا مختلفًا للحيلولة دون خطورة الحواسيب الكمومية، وذلك عبر بديل مبتكر لنظام "إثبات العمل" (Proof of Work)، وهو النظام المستخدم حاليًا لتأمين وتوثيق معاملات البيتكوين. هذا الحل يحمل اسم "Coarse-Grained Boson Sampling" أو (CGBS)، ويرتكز على استخدام الحواسيب الكمومية في تكوين أنماط فريدة من الجسيمات الضوئية "الفوتونات" من أجل عمليات التوثيق، بدلًا من حل المعادلات الرياضية التقليدية.
لكن مرة أخرى، يصبح تطبيق هذا الحل المستقبلي بحاجة لتغيير جذري لشبكة البيتكوين، ما قد يخلق صعوبة في قابلية المجتمع لقبوله وتنفيذه في المستقبل القريب.
هل المستقبل الكمومي يهدد عملة البيتكوين بالفعل؟
على الرغم من أن هذا السباق العلمي والتكنولوجي ما زال في مراحله الأولى، إلا أن الجائزة التي تقدمها "Project Eleven" بحجم 1 بيتكوين تُشكل جرس تنبيه قوي لكافة المهتمين بعالم التشفير والعملات الرقمية، وتُسلط الضوء، بشكل جاد، على أهمية الاستعداد لمواجهة هذا النوع من المخاطر المحتملة في المستقبل القريب أو المتوسط.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى السؤال المفتوح: هل سيتمكن مجتمع البيتكوين من التحرك بسرعة كافية ودعم حلول تقنية جديدة كي يحمي نفسه من مخاطر العصر الكمومي؟ الأيام القادمة كفيلة بتقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال المهم.