ذكاء اصطناعي

شريط بني غامض يمتد بين أفريقيا والأمريكتين… والعلماء يحذرون من كارثة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

شريط بني ضخم من طحالب السرجسوم يمتد من إفريقيا إلى الأميركتين أصبح مصدر قلق عالمي.

هذا الحزام الضخم بدأ بعد أحداث جوية غير اعتيادية ويتفاقم بالتغيرات المناخية.

في البحر يزدهر السرجسوم، لكن عند الشواطئ يسبب مشاكل صحية وبيئية واقتصادية.

التلوث الزراعي يغذي نمو السرجسوم بشكل كبير عبر النيتروجين والفوسفور.

العلماء يحذرون من ضرورة تدخل دولي للسيطرة على انتشار هذه الظاهرة البحرية.

منذ سنوات قليلة فقط، كان منظر طحالب السرجسوم العائمة في المحيط الأطلسي أشبه بلوحة طبيعية مدهشة، لكن المشهد اليوم تغيّر تمامًا. شريط بني ضخم، يمتد آلاف الكيلومترات عبر البحر، صار مصدر قلق للعلماء والسكان المحليين على حد سواء، بعدما تحوّل من بيئة حيوية لعدد من الكائنات البحرية إلى تهديد بيئي وصحي واقتصادي متصاعد.

في أحدث الدراسات المنشورة، يؤكد الباحثون أن ما يُعرف بـ “الحزام الأطلسي الكبير للسرجسوم”، لم يعد مجرد ظاهرة موسمية عابرة. بل أصبح كتلة هائلة من الطحالب تفوق 37 مليون طن، تمتد على طول 8800 كيلومتر، وتضرب السواحل الممتدة من غرب إفريقيا وصولًا إلى الكاريبي وخليج المكسيك. وهذا يربط بين النمو غير المسبوق للطحالب والتغييرات المناخية الملموسة في العقد الأخير.


أسباب غامضة وتحولات مناخية


يشير علماء المحيطات إلى أن التوسع بدأ بعد حدث جوي غير اعتيادي عام 2010، مرتبط بتذبذب شمال الأطلسي (NAO) الذي غيّر مسار التيارات البحرية. هذه التحولات دفعت الطحالب بعيدًا عن موطنها التقليدي، في بحر السرجسوم الفقير بالمواد الغذائية، إلى مناطق استوائية دافئة وغنية بالعناصر المغذية، ما وفر لها بيئة مثالية للنمو. وهكذا، تتحول قضية التيارات البحرية إلى عامل رئيسي يفسّر سرعة انتشار هذه الظاهرة.


من نعمة إلى نقمة


في البحر المفتوح، يُعتبر السرجسوم حاضنة طبيعية تحتضن صغار السلاحف والأسماك والقشريات. لكن عند وصوله إلى الشواطئ، يتحول إلى عبء ثقيل، إذ يطلق غازات سامة مثل كبريتيد الهيدروجين، ويتسبب في تهيّج تنفسي للسكان، فضلًا عن إغراق الشعاب المرجانية وخسائر السياحة. وهذا يرتبط مباشرة بالأثر الاقتصادي والاجتماعي، حيث تكلّف عمليات التنظيف ملايين الدولارات سنويًا وتدفع السياح للابتعاد عن وجهات شهيرة.


دور الإنسان وتغذية غير مقصودة


لا يقتصر الأمر على تغير المناخ وحده. فالتلوث الزراعي والجريان السطحي لمياه الأنهار، خصوصًا نهر الأمازون، يُغذي الطحالب باستمرار عبر النيتروجين والفوسفور. وبحسب الأبحاث، ارتفعت مستويات النيتروجين في أنسجة السرجسوم بنسبة 55% خلال العقود الأربعة الماضية. هنا يظهر واضحًا أن النشاط البشري يغذّي هذا الكائن الذي تضاعف كتلته أحيانًا في غضون أقل من أسبوعين.

وهذا يربط بين النشاط الصناعي والزراعي البري بمشكلات المحيطات العميقة، حيث لم يعد التلوث حبيس السواحل، بل صار يعيد تشكيل توازن النظام البيئي بأكمله.


ماذا بعد؟


يخشى الخبراء أن تكون هذه بداية لمرحلة جديدة من الظواهر البحرية الضخمة مدفوعة بتقلبات المناخ. فحال استمرار أنماط التذبذب الجوي وتدفّق المغذيات، قد يتحول الحزام البني الأطلسي إلى “واقع دائم” بدلًا من أن يبقى حدثًا عابرًا. العلماء يدعون اليوم إلى تطوير أنظمة إنذار مبكر وتعاون دولي صارم للسيطرة على التلوث المغذي لهذه الطحالب.


الخلاصة

بيعية مدهشة صار اليوم اختبارًا متسارعًا لقدرتنا على التكيّف مع التغيرات المناخية وتداعيات أنشطتنا البشرية. الشريط البني الممتد بين القارات ليس مجرد مشهد غريب من الفضاء، بل تحذير صريح من كيفية تفاعل المناخ والتلوث والنظم البيئية على نطاق عالمي.

ذو صلة

ذو صلة