ذكاء اصطناعي

قمر صناعي خارق… يحلق في السماء ويتنفس الهواء كالكائنات الحية!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تسعى أقمار صناعية لاستخدام الهواء الرقيق في المدارات المنخفضة لتحسين الأداء والطاقة.

تم تصميم محركات أيونية تعمل بجزيئات الهواء المشحونة مما يُلغي الحاجة لوقود غالي.

التحديات تشمل تآكل الأوكسجين الأحادي الذرة وتأثير الاحتكاك الجوي على الأنظمة.

الاتصالات قد تتأثر بالبلازما الدقيقة لكن حلول هندسية قد تحافظ على استقرار الإشارات.

هذا الابتكار قد يعيد تشكيل طبيعة مهام الأقمار الصناعية ويمدّد حياة أهدافها المستقبلية.

من كان يتصور أن الهواء الخفيف المتناثر عند أطراف الغلاف الجوي يمكن أن يصبح طوق نجاة لأقمار صناعية؟ الفكرة ليست قصة من الخيال العلمي، بل مشروع علمي جاد يسعى للاستفادة من **الهواء الرقيق في المدارات المنخفضة** لجعل الأقمار تعمل بشكل أطول وأكثر كفاءة.

الخطوة الأولى لفهم المغامرة تكمن في إدراك أن **المشكلة الرئيسية في المدار المنخفض حول الأرض** هي مقاومة الهواء. رغم أن الفضاء "خالٍ" بالنسبة لنا، إلا أن جزيئات الأوكسجين عند ارتفاعات بين 200 و300 كيلومتر لا تزال كافية لإبطاء الأقمار الصناعية التي تدور بسرعة تقارب 28 ألف كيلومتر في الساعة. هذا الاحتكاك يؤدي إلى ما يسمى «انحلال المدار»، أي نزول القمر الصناعي تدريجياً نحو الأرض حتى يحترق في الغلاف الجوي.


حل غير مألوف: استخدام الهواء كوقود


بدلاً من محاولة تجنّب هذا الهواء، تقترح بعض الدراسات الحديثة أن يتم تحويله إلى مصدر طاقة. الفكرة تقوم على تصميم **محركات أيونية تعمل بالهواء**، بحيث تلتقط هذه الجزيئات القليلة وتستخدمها كمادة دافعة بعد شحنها كهربائياً بقدرة مستمدة من الطاقة الشمسية. بهذه الطريقة، لا تحتاج الأقمار الصناعية إلى حمل كميات كبيرة من **غاز الزينون** المستخدم عادةً في محركات أيونية تقليدية، وهو وقود ينفد بسرعة في مثل هذه المدارات.

هذا التطور يربط مباشرة بين الرغبة في تقليل التكاليف وزيادة عمر الأقمار الصناعية، إذ إن توفير وقود على متن القمر الصناعي يعني إطالة فترة التشغيل وتوسيع نطاق المهام، سواء لأغراض الاتصالات السريعة أو **رصد الأرض بصور عالية الدقة**.


تحديات علمية وتقنية


لكن ليست الأمور بهذه السهولة. فالغلاف الجوي عند هذه الارتفاعات يحتوي على **أوكسجين أحادي الذرة**، وهو غاز تآكلي يمكن أن يضر بأنظمة الدفع والهيكل الخارجي للأقمار. كما أن التوازن بين قوة الدفع والاحتكاك الجوي دقيق للغاية، ما يتطلب هندسة متقدمة للحفاظ على الاستقرار. شركات ناشئة مثل “Eager Space” تطرح نماذج أولية تشرح هذه الصعوبات وتقترح حلولاً مستقبلية.

ويمكن الربط هنا مع محاولات سابقة لخبراء مستقلين في تطوير **محركات أيونية متعددة المراحل**، وتجارب بحثية جريئة مثل التي يقودها الباحث جاي بولز. هذه المحاولات قد تفتح الطريق أمام تقنيات أكثر عملية تجعل الحلم أقرب للتحقق.


ماذا عن الاتصالات؟


واحدة من علامات الاستفهام تدور حول مسألة **الاتصالات اللاسلكية**. عندما يصطدم القمر الصناعي بجزيئات الهواء ويولّد بلازما دقيقة، قد تعيق هذه الظاهرة مرور الموجات الراديوية. لكن خبراء الفضاء يشيرون إلى أن الكثافة عند ارتفاع 200 كيلومتر ليست كافية لتشكيل غلاف بلازمي كثيف، وهو ما يعني أن الاتصالات تظل ممكنة إذا ما صُممت الهوائيات بذكاء لتفادي أي حجب.

هذا التطور يقودنا إلى رؤية مستقبل قد تختلف فيه طبيعة المدارات الأرضية المنخفضة جذرياً، وربما نشهد قريباً أقماراً صناعية “تتنفس” الهواء وتستغني عن الجزء الأكبر من الوقود المخزّن، مما يفتح الباب أمام مهام أطول وأكثر طموحاً.


خاتمة


مشروع الأقمار الصناعية التي تعمل بالهواء ليس مجرد تجربة هندسية، بل هو محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الفضاء والغلاف الجوي. فإذا نجحت هذه الفكرة، فقد تقصر زمن الاتصالات الفضائية، وتُحسّن جودة مراقبة الأرض، وربما تدفع بسباق جديد نحو تطوير تقنيات الدفع الفضائي. ورغم التحديات التقنية الكبيرة، فإن الأمل يظل قائماً بأن يتحول هذا الابتكار من فكرة على الورق إلى واقع يغيّر قواعد اللعبة في الفضاء.

ذو صلة

ذو صلة