من يجرؤ على رفض زوكربيرغ؟ شركة ناشئة في رقائق الذكاء الاصطناعي ترفض عرض استحواذ سخي من مارك

3 د
شركة FuriosaAI الكورية الجنوبية رفضت عرض استحواذ من شركة ميتا بقيمة 810 مليون دولار.
تأسست الشركة عام 2017 وتنتج رقائق ذكاء اصطناعي لعملاء كبار مثل أرامكو وLG.
تسعى ميتا لتقليل اعتمادها على إنفيديا عبر تطوير شرائحها الخاصة، ضمن خطة استثمارية تبلغ 65 مليار دولار لعام 2025.
يعكس الرفض تحولاً في ثقافة الشركات الناشئة التي باتت ترى في الاستقلال مساراً أكثر جدوى من الاستحواذ المبكر.
في خطوة غير متوقعة أثارت اهتمام الأوساط التقنية، رفضت شركة ناشئة متخصصة في رقائق الذكاء الاصطناعي عرض استحواذ مغرياً من شركة ميتا (Meta Platforms)، التي يرأسها مارك زوكربيرغ، بقيمة 810 مليون دولار، مما شكل صفعة واضحة لطموحات عملاق التكنولوجيا الأمريكي في تعزيز قدراته على تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي.
من يجرؤ على رفض زوكربيرغ؟
لطالما اعتُبرت عروض الاستحواذ التي تقدّمها ميتا، وخصوصاً من شخص مثل مارك زوكربيرغ، بمثابة فرص ذهبية لا تُرفض، خصوصاً للشركات الناشئة التي تسعى للتمويل أو التوسع. ولكن، ولأول مرة منذ فترة طويلة، جاء الرد بـ"لا".
الرفض صدر عن شركة غير معروفة على نطاق واسع تُدعى FuriosaAI، وهي شركة كورية جنوبية ناشئة تختص بتصميم وتصنيع رقائق متقدمة لمعالجة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتخدم عملاء كبار مثل LG AI Research وأرامكو السعودية. ورغم أن الشركة لا تزال في مراحلها المبكرة نسبياً منذ تأسيسها عام 2017، إلا أنها نجحت في لفت أنظار أحد أكبر عمالقة التكنولوجيا في العالم.
زوكربيرغ يلاحق رقائق الذكاء الاصطناعي
بحسب تقارير إعلامية، بدأت ميتا بالسعي للاستحواذ على FuriosaAI منذ شهر فبراير 2025، في إطار خطتها الاستراتيجية لتقليل اعتمادها على شركة إنفيديا (Nvidia) في توفير الشرائح الخاصة بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة (LLMs).
وتأتي هذه المحاولة في سياق توجه أوسع من ميتا لتصنيع شرائحها الخاصة، حيث كشفت العام الماضي عن أول سلسلة من رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وأعلنت في يناير الماضي عن نيتها استثمار ما يصل إلى 65 مليار دولار في هذا المجال خلال عام 2025 فقط.
في ظل هذا السباق العالمي نحو تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يبدو أن ميتا رأت في FuriosaAI حلاً مناسباً لتعزيز قدراتها التصنيعية داخلياً، دون الاعتماد الكامل على موردين خارجيين مثل إنفيديا.
لماذا رفضت FuriosaAI عرض ميتا؟
لم تُصدر الشركة الكورية أي بيان رسمي يوضح دوافعها، كما لم تقدم تفسيراً علنياً لقرارها. لكن قرار الرفض بحد ذاته يشير إلى ثقة واضحة بالنفس، ورؤية مستقبلية تؤمن بقدرة الشركة على تحقيق النمو المستقل دون اللجوء إلى بيع كامل أو مبكر.
يُحتمل أن تكون FuriosaAI قد رأت في اندماجها مع شركة بحجم ميتا عائقاً لمسارها الإبداعي، أو أنها تسعى للحفاظ على استقلاليتها التقنية في سوق سريع التحول والتعقيد.
السياق الأوسع: تغير قواعد اللعبة في وادي السيليكون
هذا التطور يعكس تحوّلاً لافتاً في ديناميكيات وادي السيليكون. في الماضي، كانت الشركات الناشئة تسعى بكل وسيلة لأن تُستحوذ عليها شركات مثل فيسبوك (الاسم السابق لميتا)، وغالباً ما كانت تعتبر عروض الاستحواذ بمثابة "خاتمة سعيدة" لقصة النجاح. لكن اليوم، مع صعود الذكاء الاصطناعي كمجال استثماري استراتيجي، أصبحت بعض الشركات الناشئة ترى في الاستقلال فرصة أكبر للنفوذ والنمو.
كما أن هذه الحادثة تُبرز التنافس الشرس الذي بدأ يتصاعد بين الشركات الكبرى على موارد الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في مجال تصنيع الشرائح، حيث تتنافس ميتا، وإنفيديا، وأمازون، وتسلا، وغيرهم على امتلاك اليد العليا في البنية التحتية لمستقبل الذكاء الاصطناعي.
هل تكون FuriosaAI نواة لصعود عملاق آسيوي جديد؟
رغم أنها لم تكن معروفة على نطاق واسع خارج كوريا الجنوبية، إلا أن FuriosaAI أثبتت الآن أنها لاعب لا يُستهان به. فمجرد كون ميتا حاولت الاستحواذ عليها، يكشف عن مدى أهمية تقنياتها في ساحة تتزاحم فيها القوى العالمية الكبرى.
قرار الرفض قد لا يكون نهاية العلاقة بين الطرفين، لكنّه بالتأكيد بداية لتسليط الضوء على FuriosaAI كشركة واعدة قد تعيد رسم خريطة المنافسة في صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، وتفتح المجال أمام شركات آسيوية جديدة لتشق طريقها إلى القمة بثقة واستقلالية.