ناسا توثق الرعب الأبيض: انهيار جبل جليدي عملاق… تحذير قوي من قلب الأطلسي!

3 د
رصدت ناسا انهيارًا هائلًا لجبل جليدي ضخم بالقرب من جزيرة جورجيا الجنوبية.
الجبل الجليدي A-23A فقد مساحة 360 كيلومترًا مربعًا في شهرين.
أسباب تفكك الجبل تعود للمياه الدافئة وظاهرة "تهشم الأطراف".
هذه الظاهرة تشكل خطرًا على حركة السفن في المنطقة.
الحادثة تسلط الضوء على تأثيرات التغير المناخي المتسارعة.
تتوالى مشاهد التغيرات المناخية المتسارعة، وأحدث لقطات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تكشف عن مشهد صادم: انهيار هائل لأضخم جبل جليدي على وجه الأرض بالقرب من جزيرة جورجيا الجنوبية، وسط المحيط الأطلسي الجنوبي.
هذا الجبل الجليدي العملاق المعروف باسم "A-23A" بقي على حاله نسبيًا بالقرب من شواطئ جزيرة جورجيا الجنوبية منذ مارس الماضي. ورغم ثبات موقعه تقريبًا، إلا أن صور الأقمار الصناعية الأخيرة، التي حصلت عليها ناسا في الثالث من مايو 2025، رصدت تقلصًا ملحوظًا في مساحته. فقد الجبل مساحة تزيد على 360 كيلومترًا مربعًا في فترة لا تتجاوز الشهرين فقط، وهذه المساحة ضخمة للغاية لدرجة تقارب ضعف مساحة واشنطن العاصمة!
وهنا قد يخطر على بالك السؤال: ما الذي يجعل هذا الجبل الهائل، الذي انفصل من الجرف الجليدي "فيلشنر" منذ عام 1986، يتفتت بهذه السرعة؟ في الواقع، الأمر يرجع لكونه عالقًا في منطقة مياه ضحلة حول الجزيرة، حيث إن هذه المنصة البحرية الضحلة باتت معروفه لدى العلماء بقدرتها على احتجاز العديد من الجبال الجليدية المتجهة شمالًا نحو دفء المياه الأطلسية. وما يشهده الجبل الآن من تهالك مستمر، هو بالتحديد ظاهرة تُعرف باسم "تهشم الأطراف"، تحدث عند تفتت الحواف الخارجية للجبل الجليدي بشكل جزئي وسريع نتيجة عوامل الطقس الدافئ وأشعة الشمس المباشرة.
وتظهر الصور التي التُقطت بواسطة أداة ناسا المعروفة بالـMODIS والتي يحملها القمر الصناعي Aqua، تفاصيل واضحة لمناطق الانهيار، مع تواجد آلاف القطع الصغيرة والمتوسطة من الجليد العائمة حول الجبل الضخم، مما يجعل التنقل البحري أمرًا بالغ الخطورة في هذه المنطقة. لفت انتباه العلماء كذلك انفصال قطعة جليدية ضخمة أُطلِق عليها "A-23C"، وهي من الضخامة بحيث استدعت منحها اسمًا رسميًا من المركز الوطني الأمريكي للجليد، ما يدل على خطورة الوضع.
والمثير للاهتمام أن ما يحدث اليوم للجبل العملاق "A-23A" لم يكن مفاجئًا بالكامل للباحثين، حيث إن أكثر من 90 بالمئة من الجبال الجليدية التي تنفصل عن القارة القطبية الجنوبية تسلك مسارًا مشابهًا. فهي تدخل إلى ما يعرف بتيار "ويديل" البحري، ثم تتحرك شمالًا محاذية لشبه الجزيرة القطبية الجنوبية، وتتجه صوب مياه ممر دريك الدافئة نسبيًا، قبل وصولها في الأخير للمحيط الأطلسي وتفتتها التدريجي هناك. لكن الاختلاف هنا يكمن في الفترة الزمنية الاستثنائية التي عاشها الجبل A-23A، إذ مضت عليه عقود من الاستمرار قبل أن يصل به الأمر إلى هذا التآكل المتسارع.
يُقدم هذا الحدث مشهدًا واضحًا لما يحدث من تغيرات بيئية، ويوفر للباحثين فرصة نادرة لدراسة مراحل انهيار الجبال الجليدية الكبرى بشكلٍ حيّ. ومع استمرار تفكك هذا الجبل، تبقى الصورة الماثلة أمامنا رسالة تذكير مهمة بما يشهده كوكبنا من احترار وتغير بيئي عميق، يدفعنا لتأمل ما يمكن القيام به للتخفيف من هذه التحولات وتأثيراتها الخطيرة على البيئة والكائنات البحرية.
وربما يكون من المفيد، عندما نتحدث عن هذه الظاهرة مستقبلاً، أن نركز على ربط هذه التحولات المناخية مباشرةً بحياة الناس اليومية، لتجعل القضية أقرب وأكثر إلحاحًا على ذهن القارئ، مما يدعم المزيد من الوعي بضرورة العناية بكوكبنا.