هل نرتكب خطأ قاتلًا؟ جراحة السرطان قد تزيل السلاح السري للجسم ضد الأورام

2 د
كشفت دراسة جديدة أن الحفاظ على العقد اللمفاوية خلال الجراحة قد يعزز العلاجات المناعية.
تشير الأبحاث إلى أن هذه العقد توفر بيئة خصبة لخلايا تائية فعالة ضد السرطان.
العقد اللمفاوية تُعتبر مصانع حيوية للخلايا المناعية وليست مجرد ممرات.
استئصال العقد قد يضعف العلاجات المناعية ويحتاج إلى إعادة النظر في الممارسات الطبية.
مشاريع البحث تركز على تطبيق الاكتشافات المخبرية في تحسين العلاجات السريرية مستقبلاً.
عند الحديث عن علاج السرطان، يلجأ الأطباء غالباً إلى استئصال العقد اللمفاوية القريبة من الورم كإجراء وقائي لتفادي انتشاره. لكن بحثاً جديداً من “معهد دوهيرتي للأمراض والعدوى” في جامعة ملبورن يغيّر هذه النظرة التقليدية، إذ تشير نتائجه إلى أن الحفاظ على العقد اللمفاوية قد يمنح الجهاز المناعي فرصة ذهبية لتقوية دفاعاته الطبيعية ضد الأورام.
وهذا يقودنا إلى فهم أعمق لدور العقد اللمفاوية ليس فقط كحراس صامتين، بل كغرف تدريب إستراتيجية للخلايا التائية.
العقد اللمفاوية: مصانع خلايا مناعية
الفريق البحثي أوضح أن هذه العقد توفّر بيئة فريدة تسمح للخلايا التائية الجذعية بالعيش والتكاثر، ثم التحوّل إلى “خلايا قاتلة” متخصصة في مهاجمة الخلايا السرطانية أو المصابة بالفيروسات. وأظهرت النتائج أن الطحال أو الأعضاء المناعية الأخرى لا يقدّمون نفس الدعم الحيوي لهذه الخلايا.
ومن هنا تبرز أهمية العقد اللمفاوية كمنصات تشغيل للعلاج المناعي، خصوصاً مع تزايد الاعتماد على تقنيات مثل العلاج بالخلايا CAR-T والمثبطات المناعية.
ماذا يعني ذلك لجراحات الأورام؟
البروفيسور أكسل كاليس، قائد الفريق البحثي، شدد على أن استئصال العقد خلال الجراحة قد يضعف قدرة العلاجات المناعية على أداء مهامها بكفاءة. فقد وصف العقد اللمفاوية بأنها ليست مجرد غرف انتظار للخلايا المناعية، بل مؤسسات تعليمية متخصصة تدرب هذه الخلايا وترسلها لميدان القتال.
وبالطبع، يعيد هذا الطرح التفكير في ممارسات طبية روتينية جرى اعتمادها لعقود طويلة.
نحو علاجات أكثر دقة
من جانبها، أوضحت الدكتورة كارلسون تسوي، المشاركة الرئيسية في أحد الأبحاث المنشورة في *Nature Immunology*، أن الفريق حدّد إشارات جزيئية تتحكم في نشاط الخلايا التائية الجذعية، ما يفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات علاجية تعزّز مناعية الجسم عبر دعم وظائف العقد اللمفاوية.
وهذا يشير بوضوح إلى أن التركيز العلاجي لا يجب أن يكون على الورم فقط، بل أيضاً على البيئة المناعية التي تدعم مواجهة المرض.
الخطوة التالية: من المختبر إلى سرير العلاج
ورغم أن التجارب أجريت حتى الآن على نماذج حيوانية، فإن الأطباء يستعدون لمقارنتها بعينات سريرية من مرضى يخضعون للعلاج المناعي في مركز “بيتر ماكالوم” للسرطان. الغاية هي التأكد من إمكانية ترجمة هذه النتائج المخبرية إلى تحسينات ملموسة في حياة المرضى.
وهكذا نرى أن الجمع بين البحث الأساسي والتجارب السريرية قد يفتح آفاقاً واسعة لتحويل الاكتشافات إلى بروتوكولات علاجية جديدة.
في الختام، توصي هذه الدراسة بإعادة النظر في سياسات استئصال العقد اللمفاوية، بحيث يُنظر إليها كحليف أساسي في العلاج لا كعائق. إذا صحّت هذه النتائج بشكل كامل على البشر، فقد نشهد تحولاً جذرياً في نهج جراحة السرطان، حيث يصبح تعزيز المناعة الطبيعية جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية العلاجية الشاملة.









