6000 كيوبت في نظام واحد …اختراق كمي يغيّر مستقبل الذكاء الاصطناعي والتشفير

3 د
باحثو كالتيك يبنون نظام حوسبة كمّية يضم ٦١٠٠ كيوبِت في حرارة الغرفة.
تمكن العلماء من إبقاء الذرات في تراكب كمّي لمدة ١٢.
٦ ثانية.
النجاح يبرز الطريق نحو حواسيب كمّية قابلة للتوسّع ومستقرة.
التحكم في الضجيج الكمّي يمثل تحديًا حاسمًا للحوسبة الكمّية.
التقدم يمهد مستقبل الحوسبة بتكاليف أقل وكفاءة أعلى.
في إنجاز علمي أشبه بفتحٍ جديد في فيزياء الكمّ، نجح باحثون من معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك) في ابتكار مصفوفة كمّية ضخمة تحتوي على ٦١٠٠ ذرة مستخدمة كـ«كيوبِتات» تعمل في درجة حرارة الغرفة، وهو رقم قياسي يتجاوز كل ما سبق تحقيقه في هذا المجال المتسارع.
كان الفريق العلمي قد استطاع مزامنة آلاف الذرّات داخل شبكة واحدة باستخدام شعاع ليزري جرى تقسيمه إلى ١٢ ألف «ملقط ضوئي» دقيق لحبس الذرّات. هذه التقنية الدقيقة مكّنت الذرّات من البقاء في حالة «تراكب كمّي» لفترة أطول بلغت ١٢,٦ ثانية، بعد أن لم تتعدَّ ثوانٍ معدودة في تجارب سابقة؛ ما يعد طفرة مهمة في عمر التماسك الكمّي الذي يمثل جوهر عمليات الحوسبة الكمومية.
وهذا التقدّم يقودنا إلى الحديث عن الهدف الأوسع الذي يسعى إليه المجتمع العلمي اليوم.
الطريق نحو حواسيب كمّية عملية وواسعة النطاق
يؤكد الباحثون أن هذا التقدّم خطوة أساسية باتجاه بناء حواسيب كمّية قابلة للتوسّع، قادرة على إنجاز عمليات تفوق قدرات أسرع الحواسيب الفائقة الحالية. ويرجع السبب في ذلك إلى الطبيعة الخاصة «للذرات المحايدة» التي تُستخدم هنا بدلاً من الكيوبِتات المصنوعة من مواد فائقة التوصيل. فبينما تتطلّب الأخيرة درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق وتكاليف تبريد باهظة، يمكن تشغيل النظام الجديد عند حرارة الغرفة، ما يفتح الباب أمام تطبيقات أكثر بساطة وأقل كلفة.
ومن هنا يظهر الترابط مع محورٍ آخر لا يقل أهمية، وهو البحث عن حلول لتصحيح الأخطاء الكمّية.
السيطرة على «الضجيج الكمّي» ومشكلة الفقدان
الكيوبِتات بطبيعتها حساسة جداً للضوضاء أو العوامل الخارجية، ما يجعلها تفقد الترابط بسرعة ويتشوّه معها ناتج الحسابات. لهذا، يعمل العلماء بالتوازي على تطوير تقنيات «تصحيح الخطأ الكمّي» لزيادة موثوقية الأنظمة. ومع أن التجارب الحديثة من «آي بي إم» و«غوغل» و«مايكروسوفت» قد أثبتت ما يسمى بـ«التفوّق الكمّي» في مسائل محددة، فإن توسيع النطاق نحو استخدامات عملية ما يزال يتطلب منظومات بأعداد هائلة من الكيوبِتات الخطأ فيها محدود وقابل للتجاوز.
ويتكامل هذا المسار بطبيعة الحال مع محاولات جعل الأنظمة قابلة للتوسيع والتوصيل.
تقنيات جديدة تُمهد للمرحلة القادمة
تضمن بحث «كالتيك» كذلك ابتكار طريقة «لتنقيل» الذرّات داخل المصفوفة عبر مسافات ميكرومترية دون فقدان حالة التراكب، وهو إنجاز قد يمهّد لتطبيقات متقدمة في تصحيح الأخطاء الآنية. ويخطط الفريق مستقبلاً لاستخدام ظاهرة «التشابك الكمّي» لربط الذرّات داخل المصفوفة، ما سيتيح تنفيذ حسابات كاملة وأكثر موثوقية، ويقربنا خطوة إضافية من إنشاء حواسيب كمّية مستقرة تحتمل الأخطاء.
وبهذه الخطوات المتلاحقة، يواصل المجتمع العلمي تقريب عالم الكم من التطبيق الواقعي.
خاتمة
إن نظام الـ٦١٠٠ كيوبِت ليس مجرد رقم قياسي جديد، بل هو إشارة واضحة إلى أن الحوسبة الكمّية تنتقل من مرحلة التجارب المعملية المعزولة إلى تأسيس البنية التحتية للحواسيب المستقبلية التي ستغيّر وجه التكنولوجيا. ومع جهود كهذه في معاهد مثل «كالتيك»، يبدو أن الحلم القديم بحاسوب كمّي عملي ومستقر لم يعد بعيد المنال.









