ذكاء اصطناعي

أحفورة نادرة تكشف عن وحش بحري جديد عاش قبل ملايين السنين

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن فريق بحث سويسري-ألماني عن اكتشاف نوع جديد من الإكثيوصورات في بافاريا.

سُمّي الكائن *Eurhinosaurus mistelgauensis* نسبة لموقع فوسيل في ميستلغاو.

يميزه فك طويل ومفاصل خاصة، مما يتيح فهماً أعمق للبيئة البحرية الجوراسية.

الحفريات المكتشفة تكشف تفاصيل عن "مقابر الحبار الجوراسي" وتفاعل الكائنات البحرية.

تواصل المنطقة تقديم معلومات نادرة عن الحقبة التوَرسية في العصر الجوراسي.

في خبر يُسعد عشاق علم الحفريات والمهتمين بتاريخ الأرض، أعلن فريق بحثي مشترك من سويسرا وألمانيا عن تحديد نوع جديد من الزواحف البحرية القديمة يُعرف باسم الإكثيوصور. وقد استند العلماء إلى حفريات محفوظة بعناية في متحف “أورفِلت-أوبرفرانكن” بولاية بافاريا، حيث أظهرت الدراسة التي نُشرت في الدورية العلمية *Fossil Record* تفاصيل مدهشة عن هذا الكائن الذي عاش قبل عشرات الملايين من السنين.

هذا الاكتشاف لا يُعد مجرد إضافة إلى قائمة الأنواع المنقرضة، بل يفتح نافذة جديدة لفهم النظم البيئية البحرية في فترة العصر الجوراسي. ومن هنا تبدأ القصة التي أثارت حماسة الباحثين وأعادَت الاهتمام بمنطقة بافاريا كأرض واعدة بالأسرار الجيولوجية.


اسم مستوحى من مكان أثري شهير


الكائن الجديد أُطلق عليه اسم *Eurhinosaurus mistelgauensis* نسبة إلى حفرة طينية في بلدة ميستلغاو البافارية، وهي موقع شهير بفضل الاكتشافات الأحفورية النادرة التي خرجت من باطنه. الباحث السويسري غايل سبيشر، قائد الفريق وصاحب رسالة الدكتوراه، أكد أن التسمية جاءت تكريماً للمكان ودوره العلمي في إثراء فهمنا للعصور القديمة.

وهذا يربط مباشرة بين اختيار الاسم والطموحات العلمية في تسليط الضوء على قيمة المواقع الأحفورية التي غالباً ما تُخفي بين طبقاتها فصولاً مفقودة من تاريخ المحيطات.


حفريات من “مقابر الحبار الجوراسي”


من بين العظام المكتشفة، تعود إحداها إلى ما يُسمى “ساحات معارك البيليمنايت” وهو وصف يُطلق على الطبقات الغنية ببقايا الرخويات البحرية المنقرضة المشابهة للحبار. عمليات التنقيب في هذا الموقع لم تتوقف منذ عام 1998 بإشراف متحف “أوبرفرانكن”، حيث تم استخراج العينات ومعالجتها قبل إخضاعها للفحص العلمي الدقيق.

وهكذا ينتقل بنا البحث من مجرد اكتشاف عظم أحفوري إلى فهم أعمق لكيفية تفاعل هذه الكائنات مع بيئة بحرية غنية بالكائنات اللافقارية.


خصائص مميزة تروي قصة مختلفة


الإكثيوصورات غالباً ما شُبهت بالدلافين أو أسماك التونة بسبب شكلها الانسيابي، لكن النوع الجديد يحمل ميزة لافتة: فك طويل ممتد إلى الأمام يشبه “السيف” على طريقة أسماك أبو سيف الحديثة. إضافة إلى ذلك، كشف العلماء عن ضلوع أكثر متانة ومفاصل فريدة بين الجمجمة والعنق، ما يجعله مختلفاً بوضوح عن الأنواع الأخرى المعروفة من نفس العائلة.

وهذا يفتح باباً للمقارنة مع بقية الإكثيوصورات، مما يؤدي إلى تساؤل أوسع: هل كانت هذه البنية المرتفعة دليلاً على أسلوب معيشة خاص أو تكيف مع بيئة أكثر قسوة؟


أهمية علمية للمستقبل


مدير المتحف، الدكتور سيريوشا إيفرز، أشار إلى أن تسمية نوع جديد تُبرِز بشكل واضح قيمة المجموعات الأحفورية المخزونة هناك في فهم النظم البحرية القديمة. فالموقع لا يزال يقدم معلومات نادرة عن الحقبة التوَرسية من العصر الجوراسي، وهي فترة زمنية لا يتم توثيقها بكثرة في بقية أنحاء العالم.

وهذا يقود الباحثين نحو خطط مستقبلية ستشمل دراسة الإصابات المحفوظة في هياكل هذه الزواحف البحرية، ما قد يساعد على رسم صورة أوضح لطبيعة معيشتها وصراعاتها مع مفترسات بحرية أخرى.


خاتمة


في نهاية المطاف، لا يقف الاكتشاف عند حدود تسمية نوع جديد من الإكثيوصور، بل يتعداه ليمنح العلماء فرصة لاكتشاف تفاصيل حياتية عن كائنات سبحت في بحار انقرضت منذ أكثر من 180 مليون سنة. وبينما يواصل الباحثون استكمال دراساتهم، يبدو أن طين ميستلغاو يحمل في داخله فصولاً أخرى تنتظر أن تُقرأ لتُعيد كتابة التاريخ البحري للأرض.

ذو صلة

ذو صلة