ذكاء اصطناعي

أطلانتس لم تكن أسطورة؟! اكتشاف مدينة عمرها 140,000 عام في أعماق المحيط

أطلانتس لم تكن أسطورة؟! اكتشاف مدينة عمرها 140,000 عام في أعماق المحيط
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

اكتشف العلماء بقايا بشرية وأحافير حيوانية عمرها 140 ألف عام قبالة سواحل إندونيسيا.

تعود الآثار إلى أرض "سوندالاند" المغمورة التي كانت تربط جنوب شرق آسيا.

أثبتت الأحافير كفاءة "هومو إريكتوس" في الصيد والتكيف في بيئات متنوعة.

استخدم الباحثون تقنية التألق المُحفّز بصرياً لتحديد عمر الأحافير والموقع.

تخيّل للحظة أنك تقف في منطقة كانت يوماً ما تضج بالحياة، لكن اليوم تختبئ في مكان عميق تحت سطح البحر. هذا بالضبط ما اكتشفه العلماء مؤخراً بالقرب من سواحل إندونيسيا، في اكتشاف وصفه الخبراء بأنه قد يعيد رسم خريطة فهمنا للتاريخ المبكّر للبشرية.

بدأت القصة في عام 2011، حين لاحظ العاملون في التعدين البحري بالرمال بمنطقة مضيق مادورا قرب جافا، شيئاً غير عادي؛ آلاف من الأحافير الحيوانية وبقايا لعظام بشرية غارقة في الطمي. في البداية، لم يُدرك هؤلاء العمال قيمة ما وجدوه، إلى أن تبيّن لاحقاً أنه يرجع إلى حوالي 140 ألف عام، ويحمل أسرار أرض ضائعة يُطلق عليها العلماء اسم "سوندالاند".

وسوندالاند هذه، لمن لم يسمع عنها من قبل، هي أرض عريقة كانت تربط بين أجزاء جنوب شرق آسيا، وكانت تفيض بالحياة في سهول استوائية امتدت لمساحات واسعة. فالعثور على عظام بشرية لأحد أقدم أجدادنا، والمعروف باسم «هومو إريكتوس»، مع آلاف من أحافير الحيوانات الأخرى ينقل هذه الأرض من مجرد فرضية علمية إلى واقع ملموس، ويكشف لأول مرة عن الطبيبعة الغنية والحيّة لهذه المنطقة في ذلك العصر البعيد.

ولعل المثير في هذه الأحافير، أنها أظهرت علامات واضحة لتقطيع متعمد على بقايا حيوانات ضخمة، مثل الفيلة القديمة التي تُعرف بـ Stegodon، وجواميس برية، وغزلان تنتمي لعدة أنواع، وحتى تنانين كومودو التي ما زالت تعيش حتى اليوم في إندونيسيا. هذه العلامات تشير إلى كفاءة عالية في استراتيجيات الصيد لدى «هومو إريكتوس»، ما يكشف لنا صورة جديدة عن قدرة البشر الأوائل على التكيف والبقاء في بيئة متغيّرة باستمرار.

وقد نجح فريق البحث بقيادة عالم الآثار الهولندي هارولد بيرجهويس من جامعة لايدن، في تحديد أعمار هذه الأحافير باستخدام تقنية علمية تسمى التألق المُحفّز بصرياً (OSL). وبواسطة هذه التقنية، يستطيع العلماء قياس آخر مرة تعرضت فيها الرمال لضوء الشمس، الأمر الذي ساعدهم على تأكيد أن أعمار هذا الموقع تقع بين 119 ألف و162 ألف عام، وهي الفترة التي تُعرف بالعصر البليستوسيني المتوسط المتأخر.

وهنا تتضح أكثر أهمية هذا الاكتشاف، إذ لم يكن العلماء سابقاً على دراية بوجود «هومو إريكتوس» في منطقة نُغمرت منذ آلاف السنين بمياه البحار. وعندما قارنوها مع أحافير أخرى من مناطق مجاورة في إندونيسيا، كانت النتيجة واضحة: جاءت العظام الجديدة مطابقة تماماً لأحافير معروفة لهذا الإنسان القديم، ما شكّل تأكيداً حاسماً يثبت وجود هذا الكائن البشري في سوندالاند الغارقة.

ذو صلة

والآن، أصبح لدينا أول منطقة مغمورة بالكامل بالماء تحتضن دليلاً موثقاً على حياة أسلافنا القدامى، لتكون دليلاً مذهلاً على طبيعة العالم الذي عاش فيه هؤلاء الأجداد القدامى قبل تغير مستويات المياه نتيجة ذوبان الجليد منذ حوالي 14 ألف سنة مضت.

ومن هنا، تأتي أهمية مواصلة عمليات التنقيب والاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات الأحدث لاستكشاف ما تبقى من هذا العالم الغارق. وربما من الضروري في المقالات اللاحقة التركيز بشكل أكبر على فهم التأثيرات البيئية التي أدت لغرق هذه اليابسة، وإضافة بعض التفاصيل التصويرية التي تُقرّب الصورة إلى ذهن القارئ، فكأنك تسمع أصوات سكان وأحياء سوندالاند في الزمن القديم. هذا قد يساعد القارئ على استيعاب ضخامة وأهمية الاكتشاف الجديد بعُمق أكبر، وربط الأحداث الماضية بالتحديات البيئية الحالية التي تواجه عالمنا.

ذو صلة