إيلون ماسك يستولي على مفاصل السلطة مستغلًا الفوضى.. “انقلاب” إداري بلا رادع!!
![](/_next/image?url=https%3A%2F%2Fcdn.arageek.com%2Fnews-magazine%2FRising-economics-2025-02-04T153416.957.png&w=3840&q=75)
5 د
استغل إيلون ماسك الفوضى السياسية لتعزيز نفوذه داخل الإدارة الأمريكية، متجاوزًا القيود القانونية التقليدية.
قام بالإطاحة برئيس هيئة الطيران الفيدرالية والسيطرة على مكاتب حكومية حساسة، مما أدى إلى اضطراب إداري خطير.
تسببت قراراته في كوارث مباشرة، منها إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وحوادث طيران مميتة.
لم يتحرك أي جهاز أمني أو جهة تشريعية بفعالية لوقفه، بينما تعتمد المقاومة الرئيسية على موظفي الدولة والنقابات العمالية.
يبدو أن إيلون ماسك يمتلك قدرة خارقة على تحديد أي القوانين الأمريكية هي القوانين الحقيقية، وأيها مجرد حبر على ورق. فالعقوبات التي تفرضها الهيئة الوطنية لعلاقات العمل ليست حقيقية، وكذلك العقوبات التي تفرضها وكالة ناسا أو هيئة الطيران الفيدرالية (FAA). لكن محكمة ديلاوير للاستئناف؟ هذه حقيقية تمامًا، وربما تكون الجهة الوحيدة ذات التأثير الفعلي في الحكومة الأمريكية.
انقلاب إداري مدعوم من ترامب
في الوقت الذي كان فيه الرئيس دونالد ترامب منشغلًا بتأجيج الأزمات عبر فرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين وإثارة الجدل حول قضايا غير جوهرية، كان ماسك ينفذ خطته الخاصة، التي بدأت بالإطاحة برئيس هيئة الطيران الفيدرالية. وسرعان ما توالت الأحداث: موظفو الحكومة الفيدرالية تلقوا رسائل بريد إلكتروني تدعوهم إلى "اختيار طريقهم"، في خطوة تشبه إنذارات ماسك السابقة لموظفي "تويتر" قبل أن يفرض تسريحًا جماعيًا.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. بعض المراهقين، وفقًا للتقارير، تمكنوا من الوصول إلى أنظمة وزارة الخزانة الأمريكية، ولو كان ذلك بوضع "للقراءة فقط" في الوقت الحالي. كما تم منع موظفين حكوميين من الوصول إلى أنظمة الموارد البشرية التي تحتوي على بيانات شخصية لموظفي الحكومة. في الوقت ذاته، سيطر مقربو ماسك على مكتب إدارة شؤون الموظفين والإدارة العامة للخدمات، وأصبحوا قادرين على الاطلاع على معلومات حساسة، في حين تم اتخاذ قرار بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، حيث صرح ماسك علنًا بأنه "أمضى عطلة نهاية الأسبوع في تمزيقها إلى أشلاء".
هل هذه مجرد فوضى أم محاولة انقلاب؟
من خلال متابعة الأحداث، يبدو أن الهدف الأساسي لماسك هو إحداث انقلاب على الدولة الإدارية. يقوم النظام السياسي الأمريكي على مبدأ الفصل بين السلطات، حيث يتحكم الكونغرس في الإنفاق الحكومي. وظيفة ماسك كانت في الأساس تقديم توصيات حول البرامج التي يمكن تقليص تمويلها، لكن إدارة ترامب - التي لم تبدِ اهتمامًا يذكر بأسس النظام الدستوري - سمحت له بالتصرف بحرية غير مسبوقة.
في البداية، حاولت الإدارة تجميد الإنفاق من خلال مرسوم قانوني، لكن القضاء أوقف ذلك سريعًا. عندها، قرر ماسك اللجوء إلى حل أكثر جذرية: اقتحام البيروقراطية وإلغاء الإدارات الحكومية بنفسه، دون الرجوع إلى أي جهة تشريعية.
الأمر لم يكن مجرد تصرفات عشوائية، بل استراتيجية محسوبة لا تختلف كثيرًا عن ما فعله ماسك بشركاته السابقة. في "سبيس إكس" و"تسلا"، كان محاطًا بفريق يضمن أن فوضويته لا تؤثر على سير العمل الفعلي. لكن عندما سيطر على "تويتر"، رأينا النتيجة: فوضى عارمة، قرارات متسرعة، عمليات طرد جماعي، وتخبط إداري مستمر. والآن، يبدو أنه ينقل هذه المنهجية إلى الحكومة الفيدرالية.
تداعيات كارثية: انهيار مؤسسات وخطر على الأمن القومي
أولى النتائج الواضحة لهذه الفوضى تمثلت في إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي المؤسسة التي ساهمت في إنقاذ أرواح الملايين عبر برامجها الصحية، ومنها مبادرة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لمكافحة الإيدز في إفريقيا.
في قطاع الطيران، تسببت هذه الفوضى في كوارث مأساوية. بعد أيام من إقالة ماسك لرئيس هيئة الطيران الفيدرالية - الذي كان قد فرض غرامات على "سبيس إكس" بسبب عدم التزامها بالإجراءات التنظيمية - شهدت البلاد حادثتي تحطم طائرتين، إحداهما في واشنطن والأخرى في فيلادلفيا. تزامن ذلك مع تقديم عروض تقاعد مبكر لمراقبي الحركة الجوية، مما زاد من نقص الموظفين في هذا القطاع الحساس.
ومع استمرار هذه الفوضى، يبقى السؤال: هل يمكن أن يحصل ماسك على وصول مباشر إلى أموال وزارة الخزانة؟ بالنظر إلى مسيرته السابقة، يبدو أنه يسعى تمامًا إلى ذلك. وإذا تمكن من ذلك، فقد يعمد إلى وقف صرف مستحقات المقاولين الحكوميين الذين لا يتوافقون مع توجهاته. وربما تصل الأمور إلى حد تعليق دفع الرواتب العسكرية أو إيقاف شيكات الضمان الاجتماعي، مما يهدد استقرار ملايين الأمريكيين.
من سيوقف ماسك؟
رغم هذه الانتهاكات الواضحة، لم تتحرك أي من الأجهزة الأمنية الكبرى - وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، أو وكالة الأمن القومي (NSA) - لإيقاف ما يجري. بدلاً من ذلك، هدد مكتب المدعي العام الأمريكي في واشنطن العاصمة بملاحقة أي شخص "يبدو أنه ينتهك القانون في استهداف موظفي DOGE"، وهي المنظمة التي استحدثها ماسك داخل الحكومة.
أما الكونغرس الأمريكي، فاكتفى بإصدار بيانات إدانة ورسائل احتجاج رسمية، دون أي إجراءات فعلية. حتى أن الحزب الديمقراطي لم يتحرك بخلاف إصدار خطابات "قلقة"، في حين انشغلت إدارة ترامب بتبرير أفعال ماسك، زاعمةً أنه لن يتخذ أي خطوة دون موافقة الرئيس، رغم أن التاريخ أثبت عكس ذلك.
لكن، وسط هذه الفوضى، برز شكل من أشكال المقاومة. بعض موظفي الدولة ببساطة رفضوا تنفيذ أوامر ماسك، في حين رفعت نقابات العمال دعاوى قضائية ضد قراراته التعسفية، أبرزها دعوى قدمها "الاتحاد الأمريكي للعمل" (AFL-CIO) و"اتحاد موظفي الخدمة الدولية" (SEIU) لمنع تسريب معلومات شخصية ومالية للموظفين الحكوميين لصالح ماسك.
نحو ديكتاتورية تقنية؟
بينما يحاول ماسك تبرير تحركاته بذريعة "إصلاح البيروقراطية"، تظهر الحقيقة بوضوح: ما يجري ليس إلا محاولة لفرض حكم فردي تحت ستار الكفاءة الإدارية. ضمن خططه، هناك توجه لإنشاء "صندوق سيادي" جديد يبدو كقناة مناسبة لنهب الأموال العامة لصالح ماسك وأصدقائه في وادي السيليكون. بالإضافة إلى ذلك، قد يصبح "إكس" (تويتر سابقًا) المنصة الرسمية للإعلانات الحكومية، ما يضمن لماسك تدفقات مالية مستدامة.
كل ذلك يعزز السؤال الأكثر إلحاحًا: هل هناك بالفعل قوانين حقيقية في أمريكا؟ وهل يستطيع أحد إيقاف ماسك قبل أن يتمكن من إعادة صياغة الدولة بأكملها وفقًا لرؤيته الخاصة؟
ما يحدث الآن قد يكون لحظة مفصلية في تاريخ أمريكا السياسي: إما أن يتم إيقاف ماسك، أو أن تتحول البلاد إلى نموذج جديد من الديكتاتورية التقنية.