ذكاء اصطناعي

المستقبل يبدأ من الذرّة: علماء يحققون الموصلية الفائقة في الجرمانيوم المشبّع بالغاليوم لأول مرة

فريق العمل
فريق العمل

3 د

أعلن فريق بحثي تطوير أفلام جرمانيوم تتحول إلى موصل فائق بفضل حقن الغاليوم.

استخدمت تقنية النمو بالحزمة الجزيئية لدمج الغاليوم دون اضطراب التركيب الذري.

هذا الاختراق يمهد لبناء أجهزة كمّية جديدة باستخدام الجرمانيوم كموصل فائق.

الانجاز يعزز دمج الإلكترونيات التقليدية والدوائر الكمّية بفعالية غير مسبوقة.

في نقلة نوعية قد تعيد رسم ملامح الإلكترونيات الكمّية، أعلن فريق بحثي من جامعتي كوينزلاند ونيويورك عن تطوير أفلام رقيقة من الجرمانيوم تحولت إلى موصل فائق عند درجات حرارة منخفضة بفضل تقنية «الحقن الفائق» لعناصر الغاليوم داخل بنيتها البلورية. هذه النتيجة، التي نُشرت حديثاً في دورية Nature Nanotechnology، تفتح الطريق نحو صناعة أجهزة كمّية تعتمد على مواد شبه موصلة مألوفة في تكنولوجيا السيليكون.

من بين التحديات التي واجهت العلماء طويلاً أن دمج عناصر فلزية في أشباه الموصلات غالباً ما يؤدي إلى اضطراب في التركيب الذري وفقدان الترتيب البنيوي، وهو ما يمنع حدوث التوصيل الفائق. لكن الفريق استطاع باستخدام تقنية النمو بالحزمة الجزيئية (Molecular Beam Epitaxy) إدخال ذرات الغاليوم في مواضع دقيقة داخل شبكة الجرمانيوم بنسبة بلغت نحو 18 في المئة دون فقدان انتظامها البلوري. والنتيجة كانت ظهور خاصية التوصيل الفائق عند درجة حرارة حرجة تبلغ 3.5 كلفن فقط، وهي درجة تظهر عادة في مواد معدنية معقدة.

وهذا يربط بين هذا التقدم والطموح الأكبر في مجال التقنيات الكمّية. فوجود موصل فائق في مادة شبه موصلة مستقرّة مثل الجرمانيوم يعني أن الاندماج بين الإلكترونيات التقليدية والدوائر الكمّية قد يصبح أكثر واقعية. وتُظهر قياسات الأشعة السينية المعتمدة على المسرعات أنّ ذرات الغاليوم حلّت محلّ الذرات الأصلية في مواقعها الطبيعية محدثةً انضغاطاً رباعياً في الخلية البلورية، ما أدى إلى تشكّل نطاق إلكتروني ضيق هو المسؤول عن حالة التوصيل الفائق.

يشير الباحثون إلى أن هذه المنصة الجديدة – التي تجمع بين خصائص شبه الموصل والموصل الفائق في طبقة واحدة منخفضة الاضطراب – يمكن أن تمهد الطريق لبناء وصلات جوزيفسون الكمّية وأنظمة الحوسبة الطوبولوجية داخل بيئة الجرمانيوم نفسها. وهذا بدوره قد يختصر عدداً كبيراً من المشكلات التي تواجه هندسة الرقاقات المعتمدة على مواد مختلفة مثل الألمنيوم أو النيوبيوم، ويوفر طريقة موحدة لتصميم الكيوبتات.

ومن الجدير بالذكر أن قياسات الكثافة الإلكترونية (بما يعادل 4.15×10²¹ ثقباً في السنتيمتر المكعب) كشفت أن هذه النسبة العالية من «الشواغر الموجبة» هي التي تدعم الحالة الفائقة داخل المادة، وهو ما توافق مع الحسابات النظرية المعتمدة على مبادئ أولى. ويعزز هذا الانسجام بين الحساب والنمو الحقيقي الثقة في القدرة على ضبط الخصائص الكمّية مستقبلاً عبر التحكم في مستوى الحقن.

ذو صلة

وهذا يوضح أيضاً أن الجمع بين الفيزياء النظرية وتجارب النمو المتقدم بالتحكم الذري لم يعد رفاهية أكاديمية، بل أصبح وسيلة عملية لتصميم مواد حسب الطلب للجيل القادم من الأجهزة النانوية.

بهذا الإنجاز، يضع الباحثون اللبنة الأولى لمنصة هجينة تجمع بين الجرمانيوم والغاليوم بدرجة غير مسبوقة من النقاء البنيوي والفعالية الفائقة عند درجات منخفضة. وإذا ما تمكّن المجتمع العلمي من رفع درجة حرارة التشغيل قليلاً أو توسيع نطاق التصنيع الصناعي، فقد نكون أمام بداية حقبة جديدة تُعيد تعريف حدود ما يمكن أن تفعله أشباه الموصلات في عالم الحوسبة الكمّية والاتصالات المتقدمة.

ذو صلة