ذكاء اصطناعي

شركة كندية تطور جهاز تبريد كمومي يعمل دون حرارة تقريبًا… ويستعد للانطلاق في 2026

مجد الشيخ
مجد الشيخ

4 د

أعلنت شركة كندية عن جهاز تبريد كريوجيني فائق يقلل الحرارة عشرة آلاف مرة.

يعمل الجهاز بتقنية الموجة المترحلة ويقلل من تكاليف تبريد الحواسيب الكمية.

يُتوقع طرح الجهاز تجارياً في 2026 ليعزز تطوير الحواسيب الكمية.

تتسارع الابتكارات في الحوسبة الكمية لاختزال الحرارة وتحسين الأداء وتقليل التكلفة.

تتسارع وتيرة الابتكار في عالم الحوسبة الكمية يوماً بعد يوم، ولكن مع كل تقدم تواجهنا تحديات جديدة تحول دون تحويل هذه التقنية المستقبلية إلى واقع يومي متاح للجميع. في خطوة ملفتة، أعلن فريق بحثي عن ابتكار جهاز تبريد بالغ الصغر قادر على خفض الحرارة المنبعثة من الحواسيب الكمية بمقدار عشرة آلاف مرة مقارنة بما سبق، ما يفتح الباب أمام جيل جديد من أجهزة الحوسبة الكمية الأرخص والأكثر فعالية.

من المعروف أن الحواسيب الكمية تحتاج إلى ظروف تشغيل صارمة للغاية، حيث تعمل معظم المكونات على درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق (الذي يعادل تقريباً ناقص 273 درجة مئوية). السبب في هذه البرودة الشديدة يعود إلى ضرورة حماية "الكيوبتات" – وهي وحدات بناء الحوسبة الكمية – من أي مؤثرات خارجية، خاصة تلك الناجمة عن الحرارة والاهتزازات الكهربائية، وذلك لضمان دقة العمليات الحسابية المعقدة.

وهنا تبرز عقدة مشكلة التسخين: الأجهزة الإلكترونية المساعدة مثل المضخمات الكريوجينية (أي التي تعمل في درجات حرارة منخفضة جداً) ضرورية لتضخيم الإشارات الضعيفة التي تصدرها الكيوبتات. لكن هذه المضخمات وحتى أي رقاقات إلكترونية أخرى، تولد بدورها حرارة زائدة، لتزيد الحمل على أنظمة التبريد الكبيرة والمعقدة، وترفع تكاليف التشغيل بشكل كبير، بل وتعيق توسيع نطاق الحواسيب الكمية بحيث تصبح مجدية عملياً للاستخدام الواسع. انطلاقاً من هنا، بات إيجاد حلول جذرية لمشكلة الحرارة أحد أكبر التحديات أمام صناعة الحوسبة الكمية اليوم.

وفي هذا الإطار، كشفت شركة كندية ناشئة تدعى "كيوبيك" عن تطوير جهاز مضخم كريوجيني جديد، مستخدمة مواد توصف بـ"الكوانتية" لم يُفصح عن تفاصيلها بدقة بعد. هذا المضخم يعمل وفق تقنية الموجة المترحلة والمعروفة بقدرتها على التعامل مع الإشارات الضعيفة دون إحداث فقد حراري يذكر. الأهم أن الشركة أكدت في بيان رسمي أن معدل انبعاث الحرارة من الجهاز الجديد يقل بنحو عشرة آلاف مرة مقارنة بالجيل السابق من المضخمات التقليدية، ليلامس نقطة الصفر الحراري تقريباً.

وهذا الإنجاز، إذا ما تم تأكيده في الاستخدام العملي، يعد بمثابة حجر الأساس لمرحلة جديدة في تطوير تقنيات الحوسبة الكمية التجارية. ذلك أن انخفاض الحرارة إلى هذا الحد سيعني حاجات تبريد أبسط، وحجماً أصغر، وتكاليف أقل بكثير – وكلها عوامل أساسية للوصول إلى حواسيب كمية قابلة للاستخدام خارج المختبرات.

لا تتوقف محاولات كسر حواجز الحوسبة الكمية عند تطوير أنظمة التبريد أو المضخمات فقط. فكثير من الفرق البحثية حول العالم تمضي قدماً نحو حلول مبتكرة، مثل تطوير ثلاجات كمية آلية ذاتية التشغيل، أو رقاقات تحكم إلكترونية مبردة خصيصاً لهذا الغرض. على الضفة الأخرى، يعمل باحثون على اعتماد الكيوبتات الضوئية (التي تعتمد على الفوتونات أو الضوء)، لكونها قادرة على العمل في درجات حرارة الغرفة دون الحاجة إلى التبريد المعقد، بينما يتجاوز آخرون كل هذا بابتكار الكيوبتات الميكانيكية بصورة مغايرة كلياً للسائد.

وهذا التنوع في الاتجاهات البحثية يؤكد أن الوصول إلى حاسوب كمي غير مكلف وقابل للتداول الواسع هو هاجس مشترك للجميع، وأن الابتكار لا يزال في أوجه، سواء عبر حصر الحرارة، رفع كفاءة الرقائق، أو حتى إعادة تصور الكيوبتات بالكامل.

عودة لجهاز الشركة الكندية، من المنتظر أن يتم طرح هذا المضخم الكريوجيني الجديد تجارياً في عام 2026، ما قد يضع حجر الأساس لانطلاقة عملية نحو حواسيب كمية أكثر اقتصادية وسهولة في الاستخدام. حسب تصريح المدير التنفيذي لـ"كيوبيك"، فإن هذا المشروع سيزيل إحدى العقبات الحرجة أمام تقدم الحوسبة الكمية من مختبرات الأبحاث إلى عالم الأعمال والتطبيقات الواسعة.

ذو صلة

ويُذكر أن الفترة الماضية شهدت زخماً في أخبار الأجهزة الكمومية المتقدمة، من ترانزستورات كريوجينية عالية الكفاءة إلى ثلاجات كمية فائقة السرعة، وحتى حواسيب كمية ضوئية بالكامل تعمل خارج المختبرات.

في الختام، يجمع الخبراء أن رفع كفاءة تبريد الحواسيب الكمية والتحكم في الحرارة المنبعثة منها يمثلان محوراً رئيسياً في سباق التقنية الكمية. وما كشفته شركة "كيوبيك" من جهاز مضخم فائق التبريد هو خطوة واعدة جداً على هذا الطريق الطويل. ففي ظل استمرار الابتكارات حول أنظمة التحكم، تصحيح الأخطاء، وتصغير حجم الأجهزة، قد نشهد قريباً ظهور حواسيب كمية تتجاوز حدود المختبر إلى عالم الابتكار اليومي، لتفتح آفاقاً جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والطاقة وغيرها.

ذو صلة