بعد 10 سنوات فقط… قد نشهد أخطر عرض كوني في تاريخ البشرية

3 د
العلماء يتوقعون انفجار ثقب أسود بدائي خلال السنوات العشر المقبلة.
ثقب أسود بدائي، تم تكوينه بعد الانفجار العظيم، قد ينفجر قريباً.
إشعاع هوكينغ يمكن أن يجعل انفجار الثقوب السوداء مرصوداً بالتلسكوبات.
هذه الاكتشافات قد تساهم بفهم ألغاز المادة المظلمة ونشأة الكون.
علم الفلك يتأهب لرصد انفجار قد يعيد صياغة فهمنا للفيزياء الكونية.
هل تخيلت يومًا أن ترى ثقبًا أسود ينفجر أمام عينيك في أحد مراصد الفضاء الحديثة؟ قد يبدو الأمر مأخوذًا من أفلام الخيال العلمي، لكنه احتمال بدأت تشير إليه بعض النظريات الفيزيائية حديثًا. العلماء يرجحون اليوم أن انفجار ثقب أسود – حدث لم يسبق للبشرية أن رصدته – قد يحدث بالفعل خلال السنوات القادمة. فما حقيقة هذه النظرية، وما الذي قد نكتشفه إذا حدث هذا السيناريو المذهل؟
عندما نسمع كلمة "ثقب أسود"، يتبادر إلى الذهن جسم كوني شديد الجاذبية يبتلع كل ما يقترب منه، الضوء والمادة على حد سواء. لكنّ الحقيقة العلمية تقول إن الثقوب السوداء، بحسب نظرية الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ، تفقد كتلتها تدريجيًّا عبر ما يُعرف بإشعاع هوكينغ، حتى تؤول في النهاية إلى الانفجار والاندثار الكاملين. ورغم أن هذا التلاشي بطيء للغاية في المعتاد، إلا أن الجديد اليوم هو حديث الباحثين عن "الثقوب السوداء البدائية"؛ وهي نوع خاص يظن العلماء أنه تكوّن مباشرةً بعد الانفجار العظيم قبل حوالي 14 مليار عام، وأنها صغيرة الحجم إلى درجة قد تجعل انفجارها مرصودًا بأجهزتنا بعد عقد واحد فقط من الزمن.
تزداد الإثارة عندما ندخل في تفاصيل هذا الكشف، إذ يرى العلماء أن احتمال انفجار أحد هذه الثقوب البدائية لم يعد مجرد نظرية بعيدة. تشير تقديرات متحفظة أن ثقبا واحدًا فقط قد ينفجر كل مئة ألف سنة، غير أنه لو كانت الثقوب البدائية تحمل شحنة كهربائية من نوع "مظلم" – أي ترتبط بالجسيمات الافتراضية التي يشك العلماء أنها تشكل المادة المظلمة – فإن معدل الانفجار سيتغير جذريًا. هنا يتقاطع الحديث مع واحدة من أكبر ألغاز الفيزياء الحديثة: المادة المظلمة. هذه المادة التي تملأ ما يقارب ربع الكون لكن لا نراها مباشرة، قد تكون مفتاحًا لتفسير تسارع انفجار هذه الثقوب السوداء. لو صحّت هذه الفرضية، فإننا قد نشهد انفجار ثقب أسود قريب خلال عشر سنوات فقط، وسيكون من الممكن رصده بأجهزة التلسكوب الحديثة بفضل إشعاع هوكينغ الفريد.
إشعاع هوكينغ وحلم مشاهدته الفلكية
لكن كيف سيتمكن العلماء من رصد هذا الانفجار؟ ببساطة، عندما يبدأ ثقب أسود في الانكماش ويزداد درجة حرارته، يطلق المزيد من إشعاع هوكينغ – وهي جزيئات دقيقة تحمل طاقة تُحسَب من نظريات الكم والجاذبية. وبما أن الثقوب السوداء البدائية يُتوقع أن تكون أكثر حرارة من نظيراتها الضخمة التي تتواجد في قلب المجرات، فإن إشعاعها مع انفجارها الأخير سيكون أكثر وضوحًا في السماء، ويمكن أن يلتقطه علم الرصد الفلكي الحديث. لذا أصبح علم الفلك اليوم في حالة ترقب، بحثًا عن علامات محتملة تدل على أن أحد هذه الثقوب قريب من نهايته.
ولا تتوقف الإثارة هنا. هذه الاكتشافات لا تهم فقط علماء الفضاء، بل لها صلة وثيقة بفهمنا لتاريخ نشأة الكون. أحد الباحثين المشاركين في المشروع أوضح أن رؤية هذا الحدث من شأنها أن تفتح لنا نافذة مباشرة على شروط ولادة الكون وكيف نشأت أول أشكاله البنية الفلكية. يضاف إلى ذلك أن رصد الانفجار سيكون اختبارًا قويًّا لفكرة إشعاع هوكينغ، التي صمدت نظريًا لعقود طويلة دون إثبات تجريبي مباشر.
وبعد تناول هذه التطورات، يبقى السؤال الأساسي: إذا حدث ونجح باحثو الفضاء في رصد انفجار ثقب أسود بدائي، هل سنتمكن من حل ألغاز المادة المظلمة؟ كيف سيعيد ذلك رسم تصوراتنا عن نشأة الكون ومصيره النهائي؟ ربما سنشهد إسهامًا كبيرًا في علم الفلك لم يحدث منذ اكتشاف موجات الجاذبية. في النهاية، الخطوات التجريبية التي تُتَّخذ في هذا المجال كفيلة بأن تقودنا إلى مفاجآت غير متوقعة، حتى إن لم نجد انفجار الثقوب السوداء بالعدد الذي نتوقعه.
وباختصار، نحن نقف على أعتاب مرحلة مشوّقة في فهم طبيعة الثقوب السوداء، وكانفجار كوني مرتقب يمكن مراقبته فعليًا، يبقى أمل العلماء معلقًا على السماء. ربما نحصل في السنوات العشر القادمة على دليل حيّ يغيّر مفاهيمنا الراسخة عن أسس الفيزياء وتاريخ هذا الكون الشاسع.









