بياناتك هي السر… ألتمان لا يبني شبكة اجتماعية، بل يستهدف وعيك الرقمي

4 د
تدرس شركة OpenAI إطلاق منصة تواصل اجتماعي جديدة للحصول على المزيد من البيانات.
تهدف OpenAI إلى استخدام بيانات المستخدمين لتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي خاصتها.
يعتمد المنافسون الرئيسيون، مثل ميتا وتويتر، على محتوى المستخدمين لتحسين نماذجهم.
قد تُمثل خطوة OpenAI تحديًا جديدًا في السوق المزدحم بشركات منصات التواصل الاجتماعي.
أضحت البيانات المورد الأهم في عالم الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي الحديث.
في الآونة الأخيرة، ظهرت أخبار مثيرة للجدل تُفيد بأن شركة OpenAI، والتي تقف خلف روبوت المحادثة الشهير ChatGPT، تفكّر في تأسيس منصّة تواصل اجتماعي جديدة. وقبل أن ترفع حواجبك دهشة وتسأل: ولكن لماذا يحتاج العالم لمزيد من منصات التواصل الاجتماعي؟ دعنا نغوص بتأنٍ لفهم الدوافع ونكشف لك ما وراء هذه الخطوة الغريبة.
فكرة وليدة النقاشات الداخلية
مصادر مختلفة تحدَّثت لـ "ذا فيرج The Verge"، أكدت أن هذه الفكرة ما زالت في مرحلة النقاش الداخلي بشركة OpenAI. أي أنها قد لا ترى النور أبداً. لكن رغم ذلك، فإن مجرد تفكير الشركة بهذا التوجه يكشف أهدافاً أعمق مما قد يبدو للوهلة الأولى.
في الواقع، التساؤلات كثيرة: ما الذي سيُميّز تطبيقًا مثل هذا؟ كيف سيتفاعل المستخدمون معه؟ وما نوع الخدمات التي ستُقدّم فيه؟ والأهم ربما: هل هي خطوة لتحدي إيلون ماسك ومارك زوكربيرج في مضمار شبكات التواصل الاجتماعي؟
لكن السؤال الأبرز الذي يثير الفضول بشكل خاص هو: لماذا قد ترغب شركة OpenAI في دخول حلبة منصات التواصل الاجتماعي الصعبة هذه؟
بحث محموم عن بيانات التدريب
الحقيقة أن الشركة، المتخصصة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، كانت مشغولة للغاية في الأشهر الأخيرة. ففي أسبوع واحد، طرحت OpenAI ثلاثة نماذج جديدة لمشتركيها: وهي o3 و o4-mini والإصدار 4.1. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركة حالياً على تطوير نموذج مفتوح المصدر (open-weights model)، وهو مشروع كبير والأول من نوعه منذ نحو خمس سنوات. ولا ننسى أن الشركة أطلقت مؤخراً أيضاً ميزة توليد الصور وميزات تقنية لتقوية ذاكرة ChatGPT.
ولكن حتى مع هذا الزخم الكبير والانشغال المذهل، يبدو أن الشركة مدفوعة للبحث عن وسائل جديدة لتعزيز قدراتها التكنولوجية. والجواب، حسب محللين، هو بكل بساطة: البيانات.
إذا كنت تتساءل عما يجعل البيانات بهذه الأهمية، فدعني أشرح الأمر ببساطة. لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي وجعلها تحاكي الإنسان، تحتاج شركات مثل OpenAI إلى كم هائل ومتجدد من البيانات الحقيقية التي يُنشئها الناس. كل نص، صورة، فيديو، تعليق من المستخدمين بشكل يومي، تتحول إلى وقود ثمين يغذي ويطور هذه النماذج المتقدمة.
وبالتالي، فإن إطلاق منصة تواصل اجتماعي تابعة لـ OpenAI سيضمن لها مخزونًا كبيرًا ومستدامًا من البيانات التي تمنحها قدرة تنافسية لا تُقدّر بثمن.
صراع الجبابرة: منافسة مفتوحة مع ميتا وإكس
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. المنافسون الرئيسيون لـ OpenAI – شركتا "ميتا" (مالكة فيسبوك وإنستغرام) و "إكس" (تويتر سابقاً) – يستفيدون فعلاً من محتوى المستخدمين الغني لتعزيز أداء نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم. فشركة ميتا، مثلًا، تستخدم محتويات منصاتها الاجتماعية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي دون منح المستخدم خيار الانسحاب، فيما تسمح "إكس" لمستخدميها بالانسحاب وفقاً لسياساتها الحالية.
لهذا، فإن OpenAI، التي لا تمتلك حاليًا منصات اجتماعية، تجد نفسها محرومة من هذا النوع من البيانات، ما يجعلها تفكر بجديّة في التوسع نحو التواصل الاجتماعي للحصول على هذه البيانات بشكل شرعي ومباشر من المستخدم نفسه.
فوائد وتحديات الطريق الجديد
لا شك أن تشغيل منصة اجتماعية ناجحة يعد تحدياً كبيراً يتطلب إمكانات مالية وإدارية جبارة. السوق مزدحم بشدة ومليء بمنافسين شرسين. ولكن، إذا استطاعت OpenAI كسب الرهان وإنشاء تطبيق يجذب المستخدمين، فقد يمنحها ذلك ميزة تنافسية مهمة جداً في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
من المتوقع أيضًا أن تعتمد المنصة المحتملة على مزيج من المحتوى البشري والمحتوى الذي يولده الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتماشى مع طموحات الشركة في خلق تفاعل رقمي أكثر ذكاءً وتطورًا. ويُعتقد أن OpenAI تستكشف حالياً هذه الفكرة بالاستفادة من مولد الصور الخاص بها والذي أثار اهتماماً واسعاً خلال الفترة الماضية.
ومع أن OpenAI لم تُصرح بشكل رسمي أو تقدم أي تعليق ردًا على هذه التسريبات، إلا أن التحليلات تؤكد أن هذه الخطوة، إن حدثت، ستغير من شكل المنافسة في السوق وقد تدفع غيرها من الشركات للتحرك سريعاً.
ختامًا، خطوة OpenAI هذه، سواء أطلقت تطبيقها في المستقبل القريب أم لا، تكشف عن الحقيقة الواضحة التي نعيشها الآن، وهي أن البيانات أصبحت هي الذهب الجديد للقرن الواحد والعشرين، وهي شريان حياة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية المعاصرة.