ذكاء اصطناعي

ترامب يُشعل الأسواق والبيتكوين يتراجع: هل تنجح “الوصفة العلاجية” أم نحن على أعتاب أزمة جديدة؟

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

تثير سياسة التعريفات الجمركية لترامب قلقاً في الأسواق العالمية بشكل كبير.

تراجعت العملات الرقمية بشكل حاد بعد فرض التعريفات، والبيتكوين فقدت 6% من قيمتها.

تراجع مؤشر داو جونز وناسداك بنسب كبيرة جرّاء القرارات الاقتصادية الأمريكية.

ترامب أكد أن التعريفات ضرورة لعلاج الأوضاع الاقتصادية في بلاده.

تشهد الأسواق حالة "خوف شديد" مع إمكانية تصعيد الأزمات الاقتصادية الدولية.

في خطوة أثارت قلق الأسواق العالمية بشدة، جددت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً فرض التعريفات الجمركية على عدد كبير من الدول، مما تسبب في اضطرابات حادة في أسواق الأسهم والعملات الرقمية مع بداية تداولات السادس من أبريل الجاري.


ما الذي حدث؟

قرر ترامب فرض تعريفات جمركية تعادل 10% على كافة الدول، وخص بعض الدول برسوم أعلى بكثير وتحديداً الصين التي فُرض عليها رسم بنسبة 34%، والاتحاد الأوروبي بنسبة 20%، واليابان بنسبة 24%. هذه التعريفات التي وُصفت بـ"الوصفة العلاجية" على حد قول ترامب، هي خطوة قال إنه من الواجب اتخاذها أحيانًا كعلاج ضروري لتصحيح الأوضاع المالية غير المتوازنة.

وبسبب هذه القرارات، شهدت العملات الرقمية بشكل خاص تراجعاً حادًا. فعملة البيتكوين، والتي تعدّ العملة الرقمية الأشهر، خسرت ما نسبته 6% على الأقل خلال 24 ساعة فقط، وتراجعت من مستويات قريبة من 83 ألف دولار لتصل إلى نحو 77,883 دولار، قبل أن تستعيد بعض خسائرها لاحقًا وتصل إلى نحو 78,500 دولار. ولم يكن الحال أفضل بالنسبة لعملة الإيثيريوم، التي انخفضت قيمتها بأكثر من 12% لتصل إلى 1,575 دولار ثم استقرت لاحقًا عند قرابة 1,594 دولار.

وعليه، انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية بشكل كبير لتصل إلى حوالي 2.5 تريليون دولار متراجعة بنسبة تزيد عن 8%.


"حالة الخوف الشديد" تهيمن على الأسواق

وفي خضم هذا المشهد، كان تقرير "مؤشر الخوف والجشع للعملات الرقمية" واضحًا، فقد أظهر في تحديثه الأخير في السابع من أبريل أن الأسواق تعيش مرحلة "خوف شديد" بمعدل وصل إلى 23 نقطة من أصل 100، وهي واحدة من أدنى القراءات التاريخية المؤشرة إلى قلق المستثمرين وترقبهم المتزايد.


لماذا وقع هذا الانخفاض الحاد؟

توضح تصريحات تشارلي شيري، مسؤول الشؤون المالية في بورصة العملات الرقمية الأسترالية BTC Markets، سبب التراجع الحاد بقوله:


"الأسواق العالمية غالبًا ما تكون أقل سيولةً في أيام العطلات (مثل الأحد)، وأي عمليات بيع كبيرة في هذه الأيام قادرة على التأثير بشكل أكبر على الأسعار مما يتسبب في انخفاضها بسرعة".


تأثير واضح على البورصة الأمريكية أيضًا

ولم تكن العملات الرقمية وحدها التي تضررت جراء هذا القرار؛ فقد شهدت أسواق الأسهم الأمريكية تراجعات حادة هي الأخرى. حيث هبطت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 8%، كما تراجع مؤشر "ناسداك" ذو التركيز التكنولوجي ومؤشر "ستاندرد آند بورز" بحوالي 4%، مما دفع خبراء اقتصاديين لوصف الوضع بأنه "دخول وشيك في موجة هبوط قاسية".


قرارات ترامب: هل ستقود الأسواق إلى أزمة؟

تصريحات الرئيس الأسبق ترامب أكدت أنه "لا يقصد" إحداث بيع مكثف بالأسواق، لكن هذا النوع من القرارات "ضروري لعلاج المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة". وأضاف على منصته للتواصل الاجتماعي Truth Social أن:


"التعريفات الجمركية هي الوسيلة الوحيدة للخروج من المأزق المالي الكبير مع الصين والاتحاد الأوروبي"


ردود فعل متباينة وتوقعات التفاؤل والتحذير

العديد من خبراء السوق يدقون ناقوس الخطر بشأن احتمالات تعمُّق الأزمة، لكن منهم من يعتقد أن هذه الاضطرابات ربما تحمل عكس ذلك على المدى البعيد. فمثلاً، آرثر هايس، الشريك المؤسس لشركة الصرافة BitMEX، رأى أن هذه الأجواء المضطربة ربما تمهد الطريق لارتفاع أسعار البيتكوين خلال الفترة المقبلة، باعتباره أصلًا قادرًا بشكل نسبي على استيعاب الضغوط التضخمية والتجارية الدولية.

في نفس الوقت، يرى مستثمرون بارزون منهم الملياردير بيل أكمان أن ترامب قد يضطر لتأجيل أو تعديل التعريفات الحالية في حال قدمت الدول المعنية عروضًا تفاوضية جديدة.


دعوات أمريكية لعدم التصعيد الدولي

ذو صلة

من ناحية أخرى، دعت الإدارة الأمريكية الدول الشريكة إلى ضبط النفس وعدم اتخاذ تدابير انتقامية إضافية. وقد أكد وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، في تصريحاته الإعلامية إلى ضرورة تجنب الردود المتسرعة، مضيفًا أن هذه الرسوم ربما تكون هي الحد الأعلى الذي تفرضه الولايات المتحدة إذا لم تحدث ردود فعل انتقامية.

هل ستنجح هذه "الوصفة العلاجية" في خلق توازنات اقتصادية جديدة أم أن الأسواق تنتظر مرحلة أسوأ؟ سؤال لا يزال يشغل الكثير من المحللين، والمستثمرين حول العالم يترقبون بحذر ما سيفضي إليه هذا المشهد الاقتصادي المليء بالتحديات والتغيّرات.

ذو صلة