توقعات المناخ تنهار… الأمازون يثبت العكس تمامًا

3 د
غابة الأمازون تنمو برخاء، وتقلب التوقعات المتشائمة رأساً على عقب.
تقرير علمي يبرز زيادة حجم الأشجار بنسبة تفوق 3% كل عقد.
ثاني أكسيد الكربون يعمل كسماد طبيعي يسهم في تعزيز نمو الغابة.
الأمازون يمتص سنوياً أكثر من ملياري طن من الكربون، مما يعزز دوره المناخي.
النمو الحالي قد يكون مؤقتًا، مما يستدعي سياسات لحماية الغابات القائمة.
منذ عقود طويلة يترقب العلماء مصير غابة الأمازون، أكبر غابة مطيرة على الكوكب، وسط مخاوف متزايدة من الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، والتوسع في إزالة الغابات. لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة علمية عريقة قلبت المعادلة رأساً على عقب: أشجار الأمازون تنمو وتزداد حجماً بوتيرة ثابتة، متحدية كل التوقعات المتشائمة السابقة.
نمو غير متوقع عبر عقود
فريق بحثي يضم أكثر من ستين جامعة، بينها جامعتي ليدز وكامبريدج في بريطانيا وجامعة ماتو غروسو في البرازيل، تتبع أكثر من مئتي منطقة عرضية داخل الغابة لما يقارب نصف قرن. النتائج أظهرت أن متوسط أحجام الأشجار في الأمازون ارتفع بنسبة تتجاوز ثلاثة في المئة كل عقد، سواء تعلق الأمر بالأشجار الصغيرة في قاع الغابة أو بالعمالقة التي تشكل مظلتها الكثيفة. وهذا يربط بين الرصد الميداني المستمر وبين إدراك العلماء لأهمية الدور الكربوني للغابة.
ثاني أكسيد الكربون كسماد طبيعي
السر وراء هذه الظاهرة يرتبط بزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو. فالأشجار تسحب هذا الغاز عبر عملية التمثيل الضوئي، وتحوله إلى خشب وكتلة حيوية. ومع وفرة الكربون، يبدو أن الغابة حصلت على “تسميد مجاني” سمح لها بمراكمة طاقة حيوية إضافية. وهذا يربط بين النقاش العالمي حول الانبعاثات ودور الأمازون المتجدد في امتصاص الكربون وموازنة المناخ.
توزيع الفوائد بشكل عادل
الأكثر إدهاشاً أن هذا النمو لم يقتصر على الأشجار الكبرى التي تستحوذ على أشعة الشمس، بل امتد إلى مختلف الطبقات النباتية. الدراسات السابقة توقعت منافسة شرسة تطرد الأشجار الصغيرة، لكن ما حدث كان العكس تماماً: الكل يكبر معاً. وهذا يربط بين نظرية التكافل البيئي وبين إعادة تقييم مسألة المنافسة في النظم الطبيعية.
الأمازون كخزان كربوني عالمي
تعاظم الأشجار يعني أن قدرة الغابة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون تزداد. تقديرات سابقة أشارت إلى أن الأمازون يسحب سنوياً أكثر من ملياري طن من الكربون من الغلاف الجوي. ومع استمرار هذا المسار، فإن دورها كسياج طبيعي ضد الاحتباس الحراري قد يتعاظم أكثر. وهذا يربط مباشرة بين بيانات البحث وأهمية المداولات السياسية المنتظرة في مؤتمرات المناخ المقبلة مثل قمة COP30 في البرازيل.
وجه آخر للقصة
رغم الطابع المطمئن لهذه النتائج، حذّر الباحثون من أن الظاهرة قد تكون مؤقتة. فمع استمرار الحرائق غير الشرعية، وتجزئة الغطاء النباتي، وارتفاع معدلات الجفاف، قد تتراجع المكاسب سريعاً. الأهم أن الشجر الضخم الذي يساهم في تخزين الكربون يحتاج إلى مئات السنين لينمو، مما يعني أن إستراتيجيات التشجير وحدها غير كافية إذا لم تُحمَ الغابات الأصلية القائمة. وهذا يربط بين رسائل العلماء التحذيرية وبين الحاجة الملحة لسياسات حفظ الأراضي والتنوع البيولوجي.
الخلاصة
الأمازون، التي كانت دوماً رمزاً للقلق البيئي العالمي، أظهرت قدرة على الصمود والنمو لم يتوقعها أحد. لكنها في الوقت ذاته تذكّرنا بواجب الحفاظ عليها من التهديدات المباشرة. فالقفزة في حجم أشجارها ربما تمنح البشرية فسحة أمل إضافية في مواجهة تغير المناخ، لكن استمرار هذا الأمل يعتمد بالكامل على القرارات والسياسات التي نتخذها اليوم لحماية هذا النظام البيئي الفريد.